بعد مطالب حقوقية عديدة طالما نادت بحماية اجتماعية للمهاجرين وذوي حقوقهم، تراهن الحكومة على تمتيع الأجانب المقيمين بالمغرب من الحقوق نفسها التي يتيحها نظام الضمان الاجتماعي للمواطنين المغاربة، بعد قرب انتهاء مسطرة المصادقة على “الاتفاقية رقم 118 بشأن المساواة في المعاملة بين الوطنيين وغير الوطنيين في مجال الضمان الاجتماعي”، المعتمدة من قبل المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في دورته السادسة والأربعين، المنعقدة بجنيف في 28 يونيو 1962، ومشروع القانون رقم 51.22 الذي يوافَق بموجبه على الاتفاقية المذكورة.
الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، سبق أن أوضح خلال ندوة صحافية أعقبت اجتماع المجلس الحكومي ليوم الخميس الماضي (24 نونبر)، أن المجلس اطّلع على الاتفاقية ومشروع القانون سالفَي الذكر، بعد تقديمهما من طرف يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، نيابة عن ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج.
وأكدت الحكومة، في بلاغ أعقب نهاية المجلس، أن هذه الاتفاقية تهدف إلى “ضمان تمتيع الأشخاص غير الوطنيين بالمساواة في مجال الضمان الاجتماعي مع الوطنيين، وذلك عن طريق التزام كل دولة عضو صادقت على هذه الاتفاقية بتطبيق مقتضياتها دون التمييز بين مواطنيها ومواطني الدول الأجنبية”؛ وهو ما يطرح التساؤل بشأن كيفية وإمكانية ضمان هذا التشريع الجديد حقوق المهاجرين بالمغرب في الاستفادة من الحماية الاجتماعية، لاسيما بالنسبة للعمال الأجانب الذين ينتمون إلى فئات مهنية متنوعة على غرار نظرائهم المغاربة.
وحسب المعطيات المتوفرة لهسبريس، من مصدر من مديرية الاتفاقيات الدولية بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فإن الاتفاقية رقم 118 التي اعتمدتها “منظمة العمل الدولية” التابعة للأمم المتحدة، منذ ستينيات القرن الماضي، تتحدث عن “حماية اجتماعية تتضمن أصنافا كثيرة من فروع الرعاية والضمان الاجتماعيين”، مؤكدا أنها “تشريع دولي يتحدث عن قواعد تنزيل والاستفادة من خدمات الحماية الاجتماعية بمنظور شمولي، فيما مهمة التحديد من شأن كل دولة حسب تشريعاتها وإمكانياتها”.
وأكد المصدر ذاته، في حديثه، أن “اتفاقية منظمة العمل الدولية تركت حرية الاختيار أمام الدول الأعضاء الموافقين عليها من أجل تحديد فروع الضمان الاجتماعي ونوعية الحقوق والمنافع التي يمكن أن يستفيد منها مواطنو دول أجنبية فوق تراب دولة أخرى”، لافتا إلى أن “تحديد هذه الفروع يختلف حسب برامج الدعم الاجتماعي التي تشتمل عليها قوانين المملكة في ما يخص الحماية الاجتماعية كورش سائر في طريق تعميمه على معظم المغاربة”.
وشدد المتحدث لهسبريس على كون “تطبيق الاتفاقية التي ستتم المصادقة عليها يختلف عن مضامين الاتفاقيات الثنائية التي تجمع عادة بين دولة معينة وبين الحكومة المغربية في ما يخص الاستفادة من حقوق أكثر منها منافع ملموسة”، موردا أن “تخويل حقوق الاستفادة والمساواة في التعامل بالنسبة للعمالة المهاجرة إلى المغرب يظل تطبيقه من اختصاص مديرية الحماية الاجتماعية للعمال، التابعة لمصالح وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالمغرب”.
وخلص المتحدث ذاته إلى كون “صندوق الضمان الاجتماعي سبق له الإسهام في النقاش الذي رافق مسار الموافقة على الاتفاقية 118 بملاحظات عديدة، أبرزها مسألة التساوي في مسطرة منازعات الشغل القضائية، وضرورة التوفر على وثائق الإقامة بالمغرب، مع توصية بشأن عدم التمييز على أساس الجنسية”.
وحسب المادة الأولى التي تحدد مفهوم هذه الاتفاقية الدولية فإن “تعبير ‘التشريع’ يشمل أي قواعد خاصة بالضمان الاجتماعي، وكذلك القوانين واللوائح”، بينما بدأ نفاذ مقتضياتها في 25 أبريل 1964؛ فيما تشير كلمة “الإعانات” إلى “جميع أنواع الإعانات والمنح والمعاشات، بما فيها أي مبالغ إضافية أو زيادات”.
أما عبارة “الإعانات الممنوحة بموجب نُظم انتقالية” فهي تحيل على “الإعانات الممنوحة للأشخاص الذين تجاوزوا سنا معينا وقت نفاذ التشريع المنطبق، أو الإعانات الممنوحة كتدبير انتقالي مراعاة لأحداث تجري أو لمدد استكملت خارج الحدود الراهنة لأراضي دولة عضو”.
بينما تنص المادة 2 من الاتفاقية ذاتها على أنه “يجوز لكل دولة عضو أن تقبل الالتزامات الناشئة عن هذه الاتفاقية بخصوص واحد أو أكثر من فروع الضمان الاجتماعي … إذا كان يسري بشأنها بالفعل في هذه الدولة تشريعٌ يغطي رعايا هذه الدولة ضمن أراضيها”؛ محددة هذه الفروع في “الرعاية الطبية والإعانات العائلية وإعانات المرض، وإعانات الأمومة، وإعانات العجز، وكذا إعانات الشيخوخة والورثة”، ومضيفة إليها “إعانات إصابات العمل وإعانات البطالة”.
يشار إلى أن كل دولة تسري فيها الاتفاقية عليها أن تلتزم بأحكامها “بخصوص فرع أو فروع الضمان الاجتماعي التي قَبلَت بشأنها الالتزامات الناشئة عنها”، مع ضرورة “تبيان كل دولة عضو في تصديقها لنوعية فرع أو فروع الضمان الاجتماعي التي قبلت بشأنها الالتزامات الناشئة”، وفق مقتضيات المادة الثانية.
وكان الملك محمد السادس سبق أن وجه خطابا سنة 2020 لتنزيل ورش الحماية الاجتماعية في أفق تعميمه التام بحلول 2025؛ ما دفع الحكومة إلى الشروع في تنزيل إصلاحات عميقة في مجال الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية؛ عبر إصدار مراسيم منظمة ونصوص تطبيقية في هذا الصدد.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر