واشنطن ـ المغرب اليوم
تبرز زيارة العمل التي يقوم بها الملك محمد السادس إلى واشنطن، في 22 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، الإرادة القوية للملك والرئيس الأميركي باراك أوباما لتعزيز الشراكة الإستراتيجية والاستثنائية القائمة بين البلدين، مُدعمة بالرغبة المُشتركة التي تستمد شرعيتها ودلالتها من معاهدة السلام والصداقة، التي تربط البلدين لأكثر من 225 عامًاوأكدّ بيان للمتحدث باسم القصر الملكي أنّ الزيارة، التي تأتي بدعوة من الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، تندرج "في إطار ترسيخ العلاقات التاريخية والإستراتيجية التي تربط البلدين الصديقين، منذ أكثر من قرنين من الزمن وتوطيد العلاقات الخاصة التي جمعت دائمًا البيت الأبيض بالقصر الملكي".وأوضح صُناع الرأي والمعلّقون والمحلّلون في واشنطن أنّ الزيارة الملكية ستشكل مناسبة للتذكير بالتزام المملكة إلى جانب قوّات التحالف خلال الحرب العالمية الثانية، واختيار المغرب لنظام سياسي يقوم على التعددية، في وقت تبنت فيه دول أخرى نظام الحزب الوحيد في ظل الاتحاد السوفيتي، إضافة إلى الالتزام الثابت للرباط وواشنطن بمكافحة "الإرهاب والتطرف الديني".ويتقاسم الشعبان المغربي والأميركي القيم والمبادئ ذاتها من أجل السير قُدمًا على طريق التطور والازدهار والكرامة الإنسانية وفقًا للحقوق المتعارف عليها عالميا.ويفتح التوجه الدولي للاقتصاد المغربي، إضافة إلى موقع المملكة كـ"مركز أطلسي مُتعدد الأبعاد"، وانخراطها في أفريقيا والمنطقة المتوسطية، آفاقًا جديدة للتعاون بين المغرب والولايات المتحدة.كما أن الأبعاد الجيواقتصادية للشراكة القائمة بين الرباط وواشنطن تعززت ليس فقط من خلال المبادلات التجارية بين البلدين، بل أيضًا بفضل قُرب المغرب من المناطق التي تدخل في صُلب المصالح الاقتصادية الحيوية بالنسبة للولايات المتحدة، في إشارة إلى أفريقيا والمنطقتين المُتوسطية والأطلسية.وفي إطار هذا البعد التاريخي المتفرد، أكدّ السادس وأوباما، خلال اتصال هاتفي في أيار/مايو الماضي، أهمية تكثيف المشاورات السياسية والتواصل الدائم من أجل تعزيز العلاقات الثنائية في مجالات التعاون جميعها، لاسيما في إطار الحوار الاستراتيجي الذي أبرمه البلدان في أيلول/سبتمبر 2012.وأعرب أوباما عن الأمل في تعميق التشاور مع جلالة الملك في القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، كالملفات السوري والمالي والفلسطيني.وحسب بيان المتحدث باسم القصر الملكي، فإن الزيارة "تهدف إلى إضفاء دينامية مُتجددة على الشراكة المتميزة التي تجمع البلدين في مختلف المجالات، ومواصلة تعزيز الحوار الاستراتيجي بينهما".
كما يتم بذل الجهود على مستوى ضفتي الحوض الأطلسي من أجل تعزيز هذه الشراكة والرقي بها إلى مستويات أفضل بين أمتين تربطهما اتفاق للتبادل الحر دخلت حيز التنفيذ في 2006، والتي تُعد الوحيدة التي أبرمتها الولايات المتحدة على صعيد القارة الأفريقية، إضافة إلى تعيين المغرب كحليف أساسي للولايات المتحدة خارج حلف الشمال الأطلسي.ويُعبر هذا الاتصال يعبر عن الثقة والتقدير العالي الذي يطبع العلاقات بين السادس وأوباما، والذي تجسد من خلال اتصال هاتفي مباشر، يعكس الفهم المتبادل للأولويات والمصالح الوطنية الحيوية لكلا البلدين. ويؤكد أنّ منهجية تسوية النزاع التي اختارها المغرب لقيت دعمًا حاسمًا على أعلى مستوى في السلطة الأميركية، والتي وصفت أكثر من مرة المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية بالمقترح "الجدي وذي المصداقية والواقعي".وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا الموقف الأميركي تبنته ثلاث إدارات مختلفة منذ إدارة كلينتون إلى أوباما مرورًا بإدارة جورج وولكر بوش. كما أنّ هذا المقترح حظي بدعم كامل من قبل منتخبي الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونغرس الأميركي بغرفتيه.واعتبر الملاحظون أنّ الزيارة الملكية تشكل مناسبة لإبراز فرادة النموذج الديمقراطي المغربي في محيطه الإقليمي، والذي أطلق إصلاحات متقدمة لم تنتظر "الربيع العربي" لتتبلور على أرض الواقع.وأكدّت المتحدثة السابقة باسم الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، أنّ الحوار الاستراتيجي بين المغرب والولايات المُتحدة "يأتي ليدعم دينامية الإصلاحات التي انخرطت فيها المملكة"، تحت قيادة الملك محمد السادس.وأكدّت الإدارة الأمريكية، في مرات عديدة، أنّ الإصلاحات، التي انخرط فيها المغرب تُشكل "نموذجًا بالنسبة للبلدان الأخرى بالمنطقة"، مشيرة إلى أنها "تحمل الكثير من الوعود بالنسبة للشعب المغربي" في محيط إقليمي تسوده الاضطرابات. وأنّ الزيارة ستشكل "فرصة لقائدي البلدين للتباحث وتبادل الرأي بخصوص القضايا الجهوية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بهدف الرفع من مستوى التنسيق والتعاون بينهما واتخاذ مبادرات مشتركة لرفع التحديات التي تواجهها منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، والتصدي لمخاطر التطرف والإرهاب، ودعم الاستقرار والتنمية بإفريقيا جنوب الصحراء".


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر