اللاذقية ـ جعفر ديوب
لم تعد عمليات ما يسمى بـ"جيش الدفاع الوطني" خافية على أحد، وذلك منذ الإعلان عنها منذ أكثر من عام، وكما هو معروف يأخذ "جيش الدفاع الوطني" ذو الأغلبية العلوية دوراً مماثلاً للجيش في المبادرة بالعمليات الحربية، أو القيام بالاعتقالات السياسية وتعذيب المعتقلين حتى الموت.وفي مقابلة مع أحد الذين أطلق سراحهم من فرع المخابرات الجوية في مدينة طرطوس قال: "أن منظمة الدفاع الوطني تحول المعتقلين كيفياً بعد تعذيبهم إلى أجهزة الأمن سواء لتحويلهم للقضاء بعد تلفيق التهم، أو إطلاق سراحهم".وأشار الى "أن أحد المُحولين من معتقلات جيش الدفاع الوطني وصل إلى المخابرات الجوية مبتور الأصابع ومتورم الجسد وذلك بعد ربطه لأسابيع عديدة مما أدى إلى وفاته بعد يوم من وصوله، بعد المعاناة الجسدية جراء تقييد الجسم بالحبال لعدة أيام، ما أصاب جسده بقصور في الوظائف الحيوية". يتطور يوماً بعد يوم عمل جيش الدفاع الوطني، وبات يشرف على بعض القرارات القانونية التي يُصدرها النظام، فمثلاً باللاذقية وطرطوس أصبحت لجان الدفاع، تُشرف على منع وضع الغطاء الأسود العازل للرؤية على زجاج السيارات، وتنظم أمنياً تعداد السيارات من خارج المحافظتين.وحسب معلومات ميدانية فإن لجان الدفاع الوطني تُشرف على عقود الإجارات السكنية في أحياء المدينتين، ويفرضون رقابة واسعة على النازحين، وفي تطورات التسليح الذي تشهده المحافظتين المذكورتين، تتزايد المليشيات العسكرية، والتي لم يعد تمييزها عن بعضها البعض ممكناً، وأصبح لكل عائلة -نافذة اقتصادياً- ميليشيا خاصة، يصل عددها أفرادها إلى 500 شخص مسلح تقريباً لكل عائلة، وتتحكم بعض الأسر باقتصاد المدينة وإدارة شؤونها الإدارية والعمرانية، حيث يحصل بعض الأشخاص على سلطة كاملة وخاصة في إدارة عمليات الفساد المُنظم والمُبارك من النظام ودولته، والسيطرة كثيراً ما أضحت مناطقية، حيث يتم اقتسام مناطق في المحافظة، وكل جزء يُدير عملياته أحد قادة الميليشيات في المنطقة، ويديرها أمنياً أولاً واقتصادياً ثانياً، حيث لا يتعدى الشق الأمني مراقبة النازحين وإذلالهم في أحيانٍ كثيرة، أما الشق الاقتصادي فيتمثل بإدارة عمليات البناء المُخالف للقانون وسرقة خطوط الكهرباء وعدم دفع الضرائب الواجبة على عمليات البناء.ويشبه عدد من سكان المدينتين العمليات الأمنية لهذه الميليشيات بعمليات المنظمات الأمنية الرسمية للنظام، وتنشئ خلايا شبابية لمراقبة المواقع على الشبكة العنكبوتية، وتلاحق هذه الخلايا رقابياً الشباب المعارض وكتاباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وتنقل نتائج مراقبتها إلى الأجنحة العسكرية والعقابية التي تقوم مباشرةً باعتقال الناشطين أو أي أحد عبر عن رأيه، وتسوقه إلى أحد المراكز ليتعرض لتحقيق كيفي وابتزاز مالي. وطبعاً يُبارك النظام هكذا أفعال وييسرها بحسب الناشطين هناك.وتُشكل هذه الميليشيات خطراً على المُجتمع العلوي قبل غيره، فالابتزاز الأكبر يتم على أبناء الطائفة وعلى بيئتهم الاجتماعية، وعموماً العلويون الفقراء كثيراً ما يتعرضون لظلم هذه الميليشيات، وهم يعرفون أن هذه الميليشيات من صِلب الدولة ومن بنيانها المرصوص، لذلك لا يقومن بأي فعل ضد هذه الميليشيات، سوى الاستكانة والشكوى البينية بين بعضهم البعض. هذا ما يعكس لدى أبناء الطائفة العلوية شعوراً بأن السلاح والعصابة المُسلحة هي إحدى الحالات التي تؤمن الجاه والسلطة والنفوذ. وتتكاثر داخل الطائفة العلوية وعند الأغنياء منهم طرق تشكيل الميليشيات المسلحة، والتي ترتبط مباشرة بشخصية أمنية أو حكومية نافذة، لشرعنة الفساد.وتقوم هذه الميليشيات حالياً برسم حدود خاصة داخل ديمغرافيا مُحددة، وذلك ضمن فكرة النفوذ، وقد يأتي زمن على مدينتي اللاذقية وطرطوس يكونان فيه قد تعرضا لأنواع من التقسيمات العائلية والميليشيوية، خاصة أن من يُستقطب لحمل السلاح مع هذه العائلات هم من أشد الناس إيذاءً وتخلفاً بحسب الأهالي هناك، كما أنهم يقومون بأعمالٍ إجرامية وعنفية بدون أي رقابة، ما قد يؤدي إلى حالات احتقان مناطقية ضيقة.حالياً وبسبب السلام النسبي على حدود مدينة اللاذقية، تُقيم هذه الميليشيات في مدينة اللاذقية وأريافها، ويُخشى من أن تقوم بعمليات إجرامية وجنائية داخل المدينة، وتُشكل الحالة المُسلحة رعباً متعاظماً في أرجاء المدينة، بحسب ما ذكره أحد الناشطين في المدينة.


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر