الرباط - أ.ف.ب
صوت البرلمان المغربي مؤخرا بالإجماع على تعديل القانون الجنائي الذي ينص على إعفاء مرتكب جريمة الاغتصاب من عقوبة السجن في حال زواجه بالضحية. ويعاقب القانون بصيغته المعدلة المغتصب بعقوبة تصل إلى خمس سنوات من السجن. وكان انتحار شابة أرغمت على الزواج من مغتصبها تحول إلى قضية رأي عام في المغرب.صوت النواب المغاربة على قانون يقضي بتعديل الفصل 475 من القانون الجنائي، ما اعتبرته الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب "خطوة مهمة جدا"، إلا أنها كما هو شأن العديد من الجمعيات النسائية تراه غير كاف.وأعربت الجمعية، في بلاغ، عن ارتياحها للتصويت على هذا القانون "الذي من شأنه أن يضع حدا للإفلات من العقاب لكل من يحاول المس بالسلامة الجسدية والنفسية للطفلات، مما يعزز حمايتهن من الاغتصاب والعنف".
وكان هذا القانون ينص على إعفاء مرتكب جريمة الاغتصاب من عقوبة السجن في حال تزوج من ضحيته. وأعيد إلى دائرة الجدل في المغرب على إثر قضية انتحار الشابة أمينة الفيلالي.وأصبحت حالة أمينة الفيلالي، قضية رأي عام في المغرب، بعد أن تمكن مغتصبها من الإفلات من السجن عقب زواجه من ضحيته رغما عنها.
مكسب للمرأة المغربية
اعتبرت لطيفة اجبابدي، الناشطة الحقوقية والرئيسة المؤسسة لاتحاد العمل النسائي، أن التصويت على هذا القانون "مكسب للمرأة المغربية"، مضيفة أنه كان "مطلبا لهذه المرأة منذ ثلاثة عقود".وأوضحت اجبابدي، في تصريح لفرانس 24، أن هذا الفصل "كان وراء العديد من المآسي كما كان شأن أمينة الفيلالي" ، كما أكدت أن "هذا التعديل لا يكفي لأننا نطالب بإصلاح عميق للقانون الجنائي".وشددت اجبابدي على أن المغرب مطالب بمراجعة القانون الجنائي بموجب دستور 2011 بما يتلاءم مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، مستطردة أن هذا النقاش يحيلنا على "موضوع العنف ضد النساء في المغرب".
وقالت اجبابدي "إننا لا نتوفر على قانون يؤطر محاربة هذا العنف"، علما أنه مطلب الناشطات لعدة سنوات، متحدثة عن العنف الممارس ضد المرأة بكل أشكاله، بما فيه العنف الزوجي.وينص القانون على أن "من اختطف أو غرر بقاصر تقل سنه عن ثمان عشر سنة بدون استعمال عنف ولا تهديد ولا تدليس أو حاول ذلك، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، وغرامة من 200 إلى 500 درهم".
ضغط الحراك المجتمعي يفرض هذا الإصلاح
في حوار مع فرانس 24، اعتبر الباحث والمحلل السياسي، طارق التلاتي، أن هذا التعديل يأتي في سياق تجاذبات بين التيارات الحداثية والمحافظة. وذكّر أن "صقور" الحزب الإسلامي الذي يقود الحكومة "العدالة والتنمية"، كان "يرفض رفضا قاطعا هذا التعديل، واعتبر ذلك لوقت طويل تطاولا على القواعد الشرعية".
وفسر قبول هذه "الصقور" بهذا التعديل، في إشارة منه إلى قيادات من "العدالة والتنمية" لها مواقف محافظة جدا، بكونه ينسجم مع الدستور المغربي الذي وصل بموجبه الإسلاميين إلى الحكومة. وأضاف أن هذا التعديل "ينهي عقودا من الاعتداء على حقوق الطفلة والمرأة عامة".
ورأى في هذا الإصلاح "كبوة للتيارات المحافظة غير الراغبة في إدخال تعديلات إيجابية بشأن حقوق المرأة"، موضحا أن هذا التيار، كما هو شأن الإسلام الرسمي، لم يعد يقوى على فرملة هذا النوع من الإصلاحات بسبب ضغط الحراك المجتمعي الذي ينخرط فيه المواطن".
وأشار في هذا السياق إلى اسم وزيرة التضامن والمرأة والأسرة، بسيمة الحقاوي، إذ أوضح أنها كانت ترفض هذه الإصلاحات عندما كان حزبها، العدالة والتنمية، في المعارضة إلا أنها اليوم كوزيرة تراجعت عن ذلك تحت ما وصفه بـ "ضغط الحراك المجتمعي".
ويرى التلاتي أن الدخول في مثل هذا النوع من الإصلاحات "يأتي بعد فشل الإسلاميين الذين جاء بهم الربيع العربي، في عدد من البلدان العربية، ما دفع بحزب العدالة والتنمية في المغرب إلى تغيير مقاربته للأشياء، ووجد نفسه مجبرا على الإنصات إلى مطالب حداثية".


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر