دمشق - المغرب اليوم
اعتبر الرئيس السوري بشار الاسد الخميس ان الانتخابات الرئاسية التي ابقته في منصبه لولاية ثالثة، شكلت "رسالة قوية" للدول الغربية الداعمة للمعارضة، بينما اعتبرتها هذه الاخيرة "غير شرعية"، مؤكدة استمرار "الثورة".
وبينما رأت عواصم غربية ان الانتخابات التي اقيمت في مناطق سيطرة النظام "اهانة للسوريين" و"لا معنى لها"، اشادت موسكو وطهران حليفتا النظام بها، ورحبتا باعادة انتخاب الاسد لولاية ثالثة من سبع سنوات.وفي اول تعليق له، قال الاسد ان "نسبة المشاركة العالية في الانتخابات تشكل رسالة قوية للغرب والدول المتورطة بالحرب على سوريا، بان الشعب السوري حي ومصمم على تقرير مصيره بنفسه، وهو يتطلع دائما نحو المستقبل"، وذلك في تصريحات نقلها مساء اليوم التلفزيون الرسمي.
وكان رئيس مجلس الشعب محمد جهاد اللحام اعلن الاربعاء حصول الاسد على 88,7 بالمئة من اصوات المقترعين الذين تجاوز عددهم 11 مليون و600 الف شخص. وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 73,42 بالمئة من نحو 15 مليون شخص يحق لهم التصويت، بحسب اللحام.
وسيؤدي الاسد اليمين الدستورية امام مجلس الشعب في 17 تموز/يوليو، على ان يلقي خطابا يضمنه برنامجه للولاية التي تستمر سبع سنوات، بحسب ما افاد مصدر مقرب من النظام وكالة فرانس برس. واشار الى ان حكومة وائل الحلقي ستقدم استقالتها لتعين حكومة جديدة بدلا منها.
وتصدرت صورة الاسد الصفحات الاولى للصحف السورية اليوم، والتي اعتبرت اعادة انتخابه "انتصارا"، مشيرة الى ان الاولوية ستكون لاعادة اعمار البلاد التي دمرها النزاع المستمر منذ اكثر من ثلاثة اعوام.
وتحت عنوان "... وانتصرت سوريا"، قالت صحيفة "الوطن" ان "الانتصار السياسي اليوم سيليه الانتصار العسكري لتعود سوريا اقوى مما كانت".
ورأت "البعث" الناطقة باسم الحزب الذي يحكم البلاد منذ العام 1963، ان امام السوريين "عمل وطني عسكري وسياسي ومجتمعي واعماري كبير"، وانهم سيقومون به "غير مكترثين كثيرا لقذائف الهاون اليومية التي يطلقها الارهابيون وللتصريحات السياسية الحاقدة" لداعميهم.
وكتبت صحيفة "تشرين" الحكومية انه اليوم تبدأ "رحلة سوريا الجديدة (...) والمعركة القادمة معركة اعادة الاعمار والانتقال الى المستقبل".
وفي ظل الاحتفالات التي اقيمت ليل الاربعاء في شوارع عدد من المدن السورية، قتل عشرة اشخاص بينهم سبعة في دمشق، جراء اطلاق النار ابتهاجا في الهواء، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
واقيمت الانتخابات في مناطق سيطرة النظام التي يقول خبراء انها تضم نحو 60 بالمئة من سكان البلاد التي اندلعت فيها منتصف آذار/مارس 2011، احتجاجات ضد النظام، سرعان ما تحولت بعد اشهر الى نزاع عسكري مع لجوء السلطات الى القوة في قمعها.
وسارعت المعارضة الى رفض الانتخابات التي كانت دعت الى مقاطعتها، معتبرة انها "انتخابات الدم"، وتمنح الاسد "رخصة لاستمرار القتل".
وأكد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في بيان "ان هذه الانتخابات غير شرعية ولا تمثل الشعب السوري"، مؤكدا ان "الشعب مستمر في ثورته حتى تحقيق أهدافها في الحرية والعدالة والديمقراطية".
واذ وصف الانتخابات ب"المسرحية الهزلية"، اعتبر انها "تستوجب ضرورة زيادة الدعم للمعارضة لتغيير موازين القوى على الارض واجبار نظام الاسد على القبول بالاتفاقيات الدولية التي تشكل الاساس للحل السياسي"، وابرزها بيان جنيف الذي يتضمن تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات واسعة.
ومع اعادة انتخاب الاسد، اعاد ناشطون معارضون على مواقع التواصل الاجتماعي رفع شعار بداية الاحتجاجات "الشعب يريد اسقاط النظام".
وقال الناشط ثائر المتحدر من مدينة حمص التي كانت تعد "عاصمة الثورة"، لفرانس برس عبر الانترنت، ان اعادة انتخاب الاسد تعني "ان المعارك ستتواصل، الدم سيبقى يسيل، واللاجئون سيبقون في المخيمات".
وفي المواقف الغربية، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في بيان ان "الاسد فقد الشرعية قبل تلك الانتخابات وبعدها. ليس لهذه الانتخابات اي علاقة بالديموقراطية الحقيقية"، معتبرا انها "طريقة للحفاظ على النظام الديكتاتوري، انها اهانة للسوريين الذين يطالبون بالحرية والتغيير السياسي الحقيقي".
وكان نظيره الاميركي جون كيري قال امس من بيروت، ان الانتخابات "ليست انتخابات. هي عبارة عن صفر كبير. لا معنى لها، اذ لا يمكن ان تكون هناك انتخابات عندما يكون هناك ملايين من الشعب غير قادرين على التصويت ولا يملكون القدرة على الاعتراض، ولا يملكون الخيار".
ودعا كيري حلفاء النظام روسيا وايران وحزب الله اللبناني الى "بذل جهد حقيقي" لوضع حد للنزاع الذي هجر الملايين.
الا ان موسكو، ابرز حلفاء الاسد، اكدت على لسان المتحدث باسم خارجيتها ان السوريين اختاروا "مستقبل البلاد".
وصرح الكساندر لوكاشيفيتش "لا يمكن تجاهل رأي ملايين السوريين الذين (...) اختاروا مستقبل البلاد". اضاف "لا سبب لدينا للتشكيك في شرعية هذا الانتخاب"، مقرا انه "في هذه الظروف، لا يمكن اعتبارها مثالية 100% قياسا بالمعايير الديموقراطية".
كما شددت وزارة الخارجية الايرانية في بيان على "احترام تصويت الناخبين السوريين لانهم هم وحدهم يقررون مصيرهم السياسي"، مضيفة انها ترى في الانتخابات اشارة الى "عصر افضل من الاستقرار والوحدة الوطنية".
ميدانيا، تواصلت المعارك في مناطق عدة، لا سيما في بلدة المليحة قرب دمشق، التي تحاول القوات النظامية وحزب الله اللبناني السيطرة عليها منذ اسابيع، بحسب المرصد.
وفي شرق البلاد، تواصلت المعارك بين تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" وجبهة النصرة (ذراع القاعدة في سوريا) في محافظة دير الزور الحدودية مع العراق. وافاد المرصد عن انسحاب النصرة "من كامل الريف الغربي لدير الزور"، وسيطرة "داعش" عليه.


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر