مكة المكرمة – المغرب اليوم
يعرض عبد الكريم النصيف المقاتل السوري المعارض وهو يضع حول رقبته شالا بألوان علم المعارضة السورية ساقه الاصطناعية ويقول انه كان محظوظا بالمجئ الى السعودية حيث يأمل في علاج ساقه الثانية الجريحة وبدء حياة جديدة.ويشرح رجل الاعمال السابق البالغ من العمر 36 عاما من محافظة حلب انه اصيب في ساقيه خلال المعارك في سوريا، وان رفاقه اضطروا لدفعه في عربة صغيرة تجر باليد خلال مشواره الطويل من سوريا الى السعودية مرورا بتركيا.ويقول الرجل الملتحي "جئت لأداء الحج وعلاج ساقي" وهو يرفع جلابيته ليكشف عن ساقه الجريحة. ويضيف "لم اترك سبيلا الا طرقته للمجئ الى السعودية حتى لا افقد ساقي الاثنتين" قبل ان يتحدث عن تجربته في القتال على الرغم من آلامه.
انضم عبد الكريم النصيف الى المقاتلين المعارضين للنظام السوري في ربيع 2011. منذ ذلك الحين ادى النزاع السوري الى مقتل اكثر من 190 الف شخص، في حين لجأ 2,5 مليون سوري الى تركيا ولبنان والاردن وكذلك الى مصر والعراق وبلدان اخرى، وفق الارقام المسجلة لدى المفوضية العليا للاجئين.ويقول "شاركت في عدة معارك قبل أن اصاب في 30 اب/اغسطس 2012. لست نادما على شىء. لقد حققنا شيئا من اجل الاجيال المقبلة".ولكنه يرغب اليوم في البقاء في السعودية التي استقبلت 12 الف حاج سوري هذه السنة، ستة الاف منهم جاءوا من داخل البلاد، وفق محمد اسماعيل احمد، المسؤول عن مجموعة من 800 حج يأمل كثيرون منهم ان تتاح لهم فرصة بدء حياة جديدة.
ويقول احمد عرابي المهندس البالغ من العمر 45 عاما، انه هرب من حماة مع عائلته بعد ان تعرض منزله للقصف. كانت محطته الاولى في تركيا، ومن هناك فر بحرا الى اليونان.يقول احمد وهو اب لسبعة اولاد "امضينا في اليونان شهرا نحاول السفر الى السويد او اي مكان آخر آمن. لم ننجح فبعنا كل ما نملك وعدنا الى تركيا". ولكن تجديد اقامة كل فرد من افراد العائلة في تركيا يكلف اكثر من ثلاثة الاف دولار.ويتابع احمد "لم اكن املك هذا المال فاشتريت بما تبقى معي تذاكر للحج. نأمل في ان تسمح لنا السلطات هنا بالبقاء، لأنه لم يبق لنا مكان نلجأ اليه".
لم تكن الطريق الى الحج سهلة بالنسبة للسوريين الذين دفع عدد كبير منهم مبلغ الفي دولار للمجلس الوطني السوري الذي يضم قوى المعارضة.والى ذلك تضاف صعوبة الحصول على وثائق سفر صالحة، كما يقول احمد. لكنه قال ان السعودية استثنت السوريين وقبلت وثائق سفر صلاحيتها منتهية، او تم تجديدها لدى المجلس الوطني السوري التابع للائتلاف السوري المعارض.ولكن لم يكن الحصول على هذه الوثائق ليجعل سفرهم سهلا. فقد كان عبور الحدود التركية صعبا. "في غياب وسائل النقل، ومع عدد كبير من المرضى والمعوقين. لقد اضطر الجميع للانتقال سيرا"، يقول احمد.
ولم تكن الامور اسهل لعدد كبير من الحجاج بعد وصولهم الى مكة، حيث اشتكوا من سوء ظروف اقامتهم بعد ان تم وضع كل ستة منهم في غرفة واحدة، بدون فرش كافية للنوم او الجلوس.الا ان هذا لا يؤثر بأي شكل على رغبة عرابي في البقاء في السعودية، ويقول "لا يهمني حتى لو عشت في الصحراء، كل ما اريده هو الأمان".ولكن حلم هؤلاء السوريين بالبقاء في السعودية قد يتحطم امام سياسة المملكة التي لم تستقبل اي لاجئ سوري على اراضيها رغم تقديمها مساعدات انسانية لهم.


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر