بيروت - المغرب اليوم
تسود مخاوف بين اللبنانيين الدروز حول التصريحات الأخيرة لزعيمهم وليد جنبلاط، التي قال فيها أن هذه الطائفة "على وشك الانقراض"، وذلك في وقت ينجرّ فيه لبنان مباشرة إلى الحرب السورية مع المواجهات الدامية بين الجيش وجهاديين من القاعدة في عرسال.
لكن تورط لبنان في الصراع السوري سبق ذلك بكثير مع مشاركة حزب الله في القتال إلى جانب قوات الرئيس بشار الأسد.
ووسط هذا "التأثير المزدوج" للحرب في سوريا على لبنان، تأجج القلق على الوجود الدرزي لا سيما مع زعيم شهدت مسيرته السياسية تقلبات كثيرة بين الخصوم والحلفاء، ولا يمكن التنبؤ بسهولة بتصرفاته، بحسب مراقبين.
مشارف الانقراض
وفي معرض حديثه لصحيفة السفير اللبنانية الاسبوع الماضي، قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ان لبنان سيتأثر بـ"المخاض الإقليمي الحاصل"، معتبرا ان المسيحيين والدروز باتوا "على مشارف الانقراض".
وأضاف ان "لدى الدروز دورا يلعبونه، لكن أي واحد من الدروز قد يفكر بأنه بالإمكان قيام مشروع منفصل عن لبنان يكون مجنوناً وانتحارياً، نحن لبنانيون وعرب".
ويبدو أن الدروز لا ينظرون فقط إلى الجهاديين باعتبارهم الخطر الوحيد على وجودهم، بل إن أحداث السابع من مايو 2008 لا تزال ماثلة في أذهانهم حين اجتاح مقاتلو حزب الله بيروت ومنطقة الشويفات ذات الغالبية الدرزية وفرضوا سيطرتهم عليها.
وقال المراقبون، أن وليد جنبلاط يحس بهذا الخطر منذ ذلك الحين، لكن مخاوفه تعززت أيضا مع إدراكه جيدا للذهنية التكفيرية التي يتبناها المتشددون الإسلاميون وخصوصا تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة.
وعلى صفحات تويتر وفيسبوك، وصل القلق لدى الدروز إلى مستوى الخوف من حرف "د" على أبواب منازلهم، في إشارة إلى ما قام به مسلحو الدولة الإسلامية حين وضعوا "ن" "نصارى" على أبواب السكان المسيحيين في الموصل، ما أدى إلى فرار الآلاف منهم.
وقال معلق لبناني ينتمي إلى الطائفة الدرزية أن تصريحات جنبلاط تمثل "تأكيدا لقلق يتجذر لدينا، لا علاقة له بمن يمكن ان يغزو ديارنا بل أن الفكرة تتركز بأننا في خطر استثنائي وأنه الأمين على وجود الدروز".
وليد بيك جنبلاط
وشدد معلق درزي آخر على هذه المخاوف، مذكرا بما يتناقله اللبنانيون عن حديث دار مع والدة جنبلاط الراحلة التي تنتمي لبيت أرسلان بـ"أنها لا تريد أن يقول التاريخ بأن الدروز انتهوا في عهد وليد بيك ابن كمال بيك جنبلاط".
المخاوف الدرزية تتعزز أيضا من سلوك وليد جنبلاط ذاته، الذي يطرح نفسه حاليا على أنه وسطي، بعد سنوات تقلبت فيها مواقفه أكثر من مرة بين الفرقاء السياسيين اللبنانيين وأيضا مع قادة الجارة السورية.
هذا التلون يدفع بأتباع طائفته إلى مساحة أخرى من القلق حول طريقة تعاطي جنبلاط مع تداعيات الأزمة السورية التي باتت تفرض بين الحين والآخر واقعا سياسيا وأمنيا مختلفا في كل مرة.
ويمثل تحذير جنبلاط سابقة بين الدروز الذين لا تجمعهم كلمة واحدة تجاه الأحداث الجارية في سوريا، بين مؤيد ومعارض لتدخل حزب الله لقتال المعارضة والمجموعات الجهادية.
وفي وقت يشهد فيه لبنان تعبئة اعلامية وأمنية ضد الجهاديين، اختار جنبلاط أن ينخرط بقوة في هذه التعبئة للانسجام مع جميع اطياف الدروز دون ان يهاجم تدخل حزب الله في سوريا.
وقال في حديثه للسفير المقربة من حزب الله "صحيح أن الحزب تدخّل في سوريا لكن الأحداث هناك قد تجاوزت الجميع، فداعش "الدولة الإسلامية" موجودة في كل الحالات وقد تخطت الحدود، وليس مهماً أن تأتي داعش، بل الخطر هو الفكر الداعشي الذي سيتسرّب إلى لبنان".


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر