واشنطن - يوسف مكي
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تقريرًا مفصلًا عن خطة جديدة لتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، تبدو إسرائيلية المنشأ وتدار بشكل رئيسي عبر منظمات خاصة غامضة بقيادة ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، مع تمويل غير واضح المصدر، ما أثار مخاوف كبيرة لدى الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة بشأن تداعياتها على السكان المدنيين.
الخطة التي تم تطويرها خلال الأسابيع الأولى من الحرب على غزة تهدف إلى تقويض سيطرة حركة حماس على القطاع، وتجاوز دور الأمم المتحدة في توزيع المساعدات، التي تتهمها تل أبيب بالتحيّز ضدها. ووفقًا للتقرير، فإن الخطة تقضي بنقل مركز توزيع المساعدات إلى مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية جنوب القطاع، بينما سيُجبر سكان شمال غزة على التنقل لمسافات طويلة للحصول على الغذاء والمساعدات، ما يثير مخاوف من استخدام الخطة كغطاء لتهجير قسري للسكان.
يقود العملية فيليب إف. رايلي، ضابط CIA سابق، الذي يشرف على الجانب الأمني للشركة الخاصة S.R.S، بينما يدير جمع التمويل جيك وود، جندي سابق في مشاة البحرية الأميركية ورئيس مؤسسة Gaza Humanitarian Foundation، التي تتولى تنفيذ عمليات التوزيع تدريجياً على حساب الأمم المتحدة.
ويشير التقرير إلى أن هذه الخطة كانت نتاج شبكة غير رسمية من مسؤولين وعسكريين ورجال أعمال إسرائيليين وأجانب، اجتمعوا في ديسمبر 2023 في كلية "مكفيه يسرائيل" قرب تل أبيب، حيث ناقشوا استراتيجية بديلة لإدارة المساعدات وتغيير الوضع الأمني في غزة بعيدًا عن الأمم المتحدة. وتعاونوا مع شركات خاصة لإدارة العملية بدلاً من الجهات الأممية.
وأثارت هذه الخطة اعتراضات شديدة من الأمم المتحدة، التي اعتبرت أنها قد تضع المدنيين في خطر كبير، وتحد من وصول المساعدات إلى مناطق واسعة في القطاع، بالإضافة إلى تسهيل عمليات التهجير القسري. وأكد مسؤولون أمميون أن فرض مركز التوزيع في الجنوب سيجعل المدنيين يقطعون مسافات طويلة عبر نقاط تفتيش إسرائيلية قد تكون خطرة عليهم.
وفي مقابلة مع الصحيفة، قال جيك وود إن مؤسسته مستقلة عن الحكومة الإسرائيلية، وأنه لا يشارك في أي خطة تهدف إلى تهجير السكان قسرًا، لكنه أقر بأن النظام الجديد "ليس مثالياً" لكنه يرى أن كمية الغذاء التي تدخل غزة بموجبه تفوق ما كان يدخل من قبل.
أما فيليب رايلي، الذي سبق له العمل في أفغانستان مع وكالة الاستخبارات، وأسس شركتين في الولايات المتحدة هما S.R.S وG.H.F، فبدأ تطبيق المشروع في غزة منذ يناير 2025، حيث أقام نقطة تفتيش لتفتيش سيارات الفلسطينيين خلال فترة وقف إطلاق النار.
تثير هذه الخطة تساؤلات واسعة حول التمويل الذي لم يُكشف عنه بالكامل، مع إعلان المؤسسة عن تلقيها تبرعات كبيرة من دولة غربية دون الكشف عن اسمها، وهو ما يزيد من الغموض حول أهدافها الحقيقية.
هذا التوجه الجديد يعكس رغبة إسرائيل في تغيير قواعد توزيع المساعدات والحد من دور الأمم المتحدة، وسط تحذيرات دولية من أن هذه الخطط قد تفاقم الأزمة الإنسانية وتستخدم كوسيلة لإعادة تشكيل السكان في غزة بالقوة.
قد يهمك أيضــــــــــــــا


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر