القدس المحتلة ـ المغرب اليوم
أعلنت إسرائيل، الأحد، اغتيال رئيس استخبارات الحرس الثوري الإيراني محمد كاظمي ونائبه، خلال سلسلة ضربات جوية على مواقع حساسة في العاصمة الإيرانية طهران، في واحدة من أبرز العمليات التي استهدفت قلب المنظومة الأمنية الإيرانية في السنوات الأخيرة. وقد أكدت وكالة "تسنيم" الإيرانية مقتل كاظمي، مشيرة إلى أن التحقيقات جارية بشأن طبيعة الهجوم.
ويأتي تأكيد مقتل كاظمي بعد تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة مع شبكة FOX NEWS الأميركية، قال فيها:
"أستطيع أن أخبركم أننا استهدفنا رئيس استخباراتهم ونائبه في طهران قبل قليل"، معتبراً أن هذه العمليات قد تُفضي إلى تغيير في طبيعة النظام الإيراني.
وفي كلمة متلفزة بثها التلفزيون الإيراني عقب الضربات، توعد المرشد الأعلى علي خامنئي إسرائيل برد "قاسٍ ومباشر"، مؤكداً أن طهران "لن تلجأ لأنصاف الحلول"، وأن إسرائيل "لن تبقى سالمة بعد هذا العدوان".
ولد محمد كاظمي عام 1961 في مدينة سمنان شرق طهران، وبرز خلال الثورة الإيرانية ضمن اللجان الثورية التي كُلّفت بقمع المعارضين في الثمانينات. لاحقًا، التحق بالاستخبارات وأصبح من الشخصيات المحورية في الهيكل الأمني الإيراني.
في يونيو 2022، عُيّن كاظمي رئيسًا لجهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني، وهو جهاز يعتبر الذراع الأكثر حساسية وتأثيرًا في المنظومة الأمنية، حيث يتولى مراقبة النشاط السياسي والأمني داخل الحرس الثوري، ويُشرف على قمع الاحتجاجات، ومتابعة القادة والكوادر، فضلًا عن تنسيق عمليات خارجية.
وكان كاظمي مسؤولاً عن ما وصفته بعض التقارير بـ"الصندوق السري" للحرس الثوري، وفق صحيفة Iran Dideban، في إشارة إلى هيمنة استخباراته على الملفات الأخطر داخل الدولة الإيرانية.
وفق وزارة الخزانة الأميركية، لعب كاظمي دورًا محوريًا في قمع الحراك الشعبي، ومراقبة الإنترنت، واعتقال المعارضين، وقيادة عمليات الرقابة الأمنية على جميع عناصر وقيادات الحرس الثوري. كما شغل سابقًا منصب رئيس منظمة حماية المعلومات في الحرس، المسؤولة عن كشف الاختراقات والتجسس داخل الجهاز.
ونقل موقع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أن كاظمي عمل على "سد منافذ تسرب المعلومات من داخل الحرس الثوري"، وتركزت مهامه على ضمان الولاء الكامل داخل الجهاز.
وفي تصريحات سابقة نُشرت في يوليو 2023، حمّل كاظمي وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) مسؤولية تأجيج الاحتجاجات في البلاد، متهماً إياها بتنظيم اجتماعات مع معارضين في الخارج، بهدف زعزعة الأمن الداخلي.
تشير تحليلات إلى أن اغتيال كاظمي يُعد ضربة مباشرة ومؤلمة لهيكل الحرس الثوري، وتضع الاستخبارات الإيرانية أمام تحديات مضاعفة في تأمين الداخل وردع ما تعتبره اختراقًا متصاعدًا. وسبق أن حذّر تقرير للمعارضة الإيرانية عام 2022 من أن الجهاز بات "خلية نحل مخترقة بالجواسيس"، داعيًا خامنئي إلى إعادة هيكلته، وهو ما لم يحدث.
ورأى مراقبون أن تصفية كاظمي ونائبه تفتح تساؤلات جوهرية حول قدرة النظام على الحفاظ على منظومته الأمنية في ظل الانهيارات المتلاحقة، وتكشف هشاشة العمق الاستخباراتي أمام الاستخبارات الإسرائيلية التي وسّعت عملياتها في العمق الإيراني.
وتعتبر هذه العملية جزءًا من حملة إسرائيلية أوسع تستهدف تقويض البنية التحتية للبرنامج النووي الإيراني، إلى جانب إضعاف القيادة العسكرية والأمنية في البلاد، مع تزايد التوقعات بأن التصعيد الحالي قد يتحول إلى صراع مفتوح يتجاوز الحدود التقليدية للمواجهة.
ويزيد مقتل كاظمي من الضغط على صناع القرار في طهران، في وقت تشهد فيه البلاد احتجاجات داخلية متقطعة، وأزمات اقتصادية خانقة، وتراجعًا واضحًا في الردع الإقليمي الذي لطالما اعتمد عليه النظام الإيراني كورقة قوة في وجه الغرب.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر