الرئيسية » إختراعات علوم وتكنولوجيا
رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك

بيروت -المغرب اليوم

أقرّ مجلس الوزراء في لبنان منح الترخيص لشركة "ستارلينك" لتقديم خدمات توزيع الانترنت على كامل الأراضي اللبنانية عبر الأقمار الاصطناعية المشغلة من قبل شركة "سبايس أكس".

وخلال تلاوته مقررات جلسة مجلس الوزراء في 11 أيلول/سبتمبر، أوضح وزير الإعلام بول مرقص البحث في العقبات التي يُمكن أن تعترض مشروع "ستارلينك"، مشدداً على "ضوابط تتعلق باللاحصريّة وبأمن المعلومات".

وتقول وزارة الإتصالات اللبنانية إن الهدف الأساسي من ترخيص "ستارلينك" هو تأمين خدمة "إنترنت مستمرة حتى في حال انقطاع الكهرباء أو وقوع أحداث أمنية، وذلك لتعزيز ثقة المستثمرين وجذب الاستثمارات إلى البلاد".

ليس سرّاً أن قطاع الاتصالات في لبنان يعاني من أزمات مزمنة، نتيجة هشاشة البنية التحتية، والانهيار الاقتصادي، والخضّات الأمنية المتلاحقة.

منذ أسابيع، يثير إعلان رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك اهتمامه بإطلاق خدمات شركته "ستارلينك" للإنترنت الفضائي في لبنان اهتماماً واسعاً.

عاد الموضوع مجدداً إلى الواجهة في الساعات الأخيرة، مع إصدار وزارة الاتصالات اللبنانية بياناً توضيحياً تنفي فيه ما تردّد عن منح ترخيص لـ"ستارلينك".

وأوضح البيان أنّ نشر ملف المشروع على منصّة الشراء العام جاء لاعتبارات الشفافية و"المشاورة العامة"، وليس لإطلاق عملية "شراء عام"، وأنّ "أي ترخيص لن يصدر إلا بمرسوم عن مجلس الوزراء وبناءً على رأي هيئة التشريع والاستشارات".

وكان ماسك قد أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس الجمهورية اللبنانية، جوزاف عون، في يونيو/حزيران الماضي، أعرب خلاله عن رغبته في دخول السوق اللبنانية، وأبدى الرئيس استعداده لتقديم التسهيلات الممكنة ضمن القوانين المرعية.

يومها قوبل الإعلان بترحيب رسمي من جهة، وبقلق من جهة أخرى، عبّرت عنه شركات خاصة مزوّدة لخدمات الإنترنت، إلى جانب منظمات حقوقية معنية بالشأن الرقمي، إذ أبدت مخاوفها بشأن مدى قانونية دخول "ستارلينك" واحتمالات المساس بخصوصية المستخدمين وسيادة الدولة في المجال التقني.

"ستارلينك" هي شبكة إنترنت فضائي تديرها شركة "سبيس إكس" التي أسّسها ماسك، وتعتمد على آلاف الأقمار الاصطناعية المنخفضة المدار لتوفير إنترنت عالي السرعة، لا سيّما في المناطق التي تعاني من ضعف في البنية التحتية التقليدية. وقد فُعّلت خدماتها في عدد من الدول، من بينها أوكرانيا، حيث استُخدمت لتأمين الاتصال خلال حالات الطوارئ في زمن الحرب.

أما في لبنان، فقد بدأت ملامح النقاش حول إمكانية استخدام "ستارلينك" في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حين اقترح وزير الاتصالات السابق، جوني القرم، اعتماد الشبكة كخيار احتياطي، في ظل تصاعد التوترات الأمنية بين حزب الله وإسرائيل على الحدود الجنوبية، والتي تطوّرت لاحقاً إلى حرب في أكتوبر/تشرين الأول 2024. ومع تفاقم أزمة الكهرباء وتدهور البنية التحتية، تواجه شبكة الإنترنت في البلاد صعوبات مستمرة، ما يجعل خدمات "ستارلينك" تُطرح كخيار تقني محتمل، لكن وزارة الاتصالات في حكومة نواف سلام الحالية تقول إن أي ترخيص محتمل لا يتم قبل مرسوم حكومي.

وفي بيانها الأخير الصادر في 2 أيلول/سبتمبر 2025، قالت الوزارة أنّ الطيف الترددي غير حصري وسيبقى متاحاً لجميع المشغّلين وفق معايير الاتحاد الدولي للاتصالات، وأن خدمات الأقمار الاصطناعية في حال إقرارها مستقبلاً، "ستكون مكمّلة للشبكات الأرضية ومحدودة السعات في المدى القريب" مع توجيهها أساساً للمناطق البعيدة والأطراف وحالات الطوارئ.

وأشارت إلى دراسة خيارات مع مزوّدين فضائيين آخرين لتفادي الاعتماد على طرف واحد، وأن التنفيذ في حال إقراره، سيكون عبر الشركة الأم أو شركاتها التابعة الملتزمة بالقوانين اللبنانية، على أن يُرفع الملف النهائي إلى مجلس الوزراء للبتّ.

بحسب تقارير صحافية، جاء الاتصال الهاتفي بين ماسك والرئيس عون تتويجاً لسلسلة لقاءات أجراها وفد من "ستارلينك" مع عدد من المسؤولين اللبنانيين، من بينهم وزير الاتصالات شارل الحاج. وعقد مدير الترخيص العالمي في "ستارلينك"، سام ترنر، اجتماعات رسمية شملت رئيس الحكومة نواف سلام ووزير الاتصالات، بحضور السفيرة الأمريكية ليزا جونسون.

وقد حاولت وسائل أعلام التواصل مع ممثلين عن الشركة للحصول على توضيحات إضافية بشأن أهدافها في السوق اللبنانية، لكنها لم تتلقَّ ردّاً حتى لحظة إعداد التقرير. كما لم يُعرض الملف رسمياً على مجلس الوزراء بعد، ولم تُعلَن الشروط التعاقدية أو التنظيمية التي ستُفرض على الشركة.

من جهتها، أكدت وزارة الاتصالات، عبر مكتبها الإعلامي، أن الاجتماعات ستُكثَّف خلال الأسبوع الحالي لمتابعة الملف مع الجانب الأمريكي واتخاذ الإجراءات اللازمة.

لكن ثمة عقبات قانونية قد تعرقل تنفيذ المشروع؛ فبموجب القانون رقم 431 الصادر عام 2002، تُعدّ "الهيئة المنظمة للاتصالات" الجهة الوحيدة المخوّلة بمنح تراخيص تشغيل شركات الإنترنت في لبنان - إلا أن الهيئة لا تزال غير فاعلة منذ عام 2012، بعد انتهاء ولاية مجلس إدارتها وعدم تعيين بديل بسبب خلافات سياسية.

وكانت الهيئة قد باشرت مهامها عام 2007، وكان يفترض أن تضطلع بدور رقابي على وزارة الاتصالات، يشمل مراجعة السياسات والعقود وآليات التنفيذ، بما يعزز الشفافية والمساءلة في القطاع، لكن غياب هذا الإشراف التنظيمي سمح للوزارة بإدارة شؤون القطاع منفردة.

وبحسب تحقيق أعدته منظمة "سمكس SMEX" المعنية بالحقوق الرقمية، فإن منح أي ترخيص جديد من دون المرور بالهيئة التنظيمية يُعدّ مخالفة للقانون. كما يشير التحقيق إلى أن استقدام سعات الإنترنت الدولية عبر شركة أجنبية مثل "ستارلينك" يجب أن يتم حصراً عبر وزارة الاتصالات وهيئة "أوجيرو" وهي الشبكة الرسميّة المقدّمة لخدمات الاتصالات والهاتف في لبنان، وفقاً للمرسوم رقم 9288 الصادر عام 1996.

في موازاة التحركات الرسمية، أعربت شركات لبنانية خاصة عاملة في قطاع خدمات الإنترنت عن مخاوفها من أن يؤدي دخول "ستارلينك" إلى السوق المحلية، من دون تنظيم واضح، إلى خسارة شريحة من زبائنها، لا سيما من المؤسسات الكبرى، ما قد ينعكس سلباً على مداخيلها وعلى العائدات العامة للدولة.

وفي هذا السياق، وجّهت هذه الشركات رسالة إلى كل من رئاسة الجمهورية، ومجلس الوزراء، ولجنة الاتصالات النيابية، دعت فيها إلى تنظيم دخول "ستارلينك" بطريقة مدروسة وتدريجية تضمن التوازن وتحمي الجهات المحلية.

من جانبها، أوضحت وزارة الاتصالات، في ردّها على أسئلة ، أن الكلفة المرتفعة لاشتراك "ستارلينك" مقارنة بالتعرفة المحلية، تجعلها غير منافسة للخدمات القائمة، مشيرة إلى أن استخدامها سيكون محصوراً بحالات الطوارئ أو تعطل الشبكات.

وشدّدت الوزارة على أن دخول أي خدمة خارجية إلى السوق لن يتم بشكل عشوائي، بل سيخضع لإطار قانوني يضمن حقوق الشركات المرخصة ويكفل استمرارية الخدمة وفق المعايير الوطنية.

ومع تصاعد الحديث عن إمكانية التعاون مع "ستارلينك"، أُثيرت تساؤلات حول قدرة الدولة اللبنانية على حماية سيادتها الرقمية، في ظل دخول مزوّد خارجي إلى سوق الإنترنت المحلي.

وفي هذا الإطار، اعتبر النائب ياسين ياسين، عضو لجنة الاتصالات النيابية، أن الترددات والسعات الدولية تُعدّ مرافق عامة لا يجوز تخصيصها أو استخدامها خارج الأطر القانونية. وقال في تصريح لمنظمة "سمكس" إن تشغيل الخدمة دون المرور بالقنوات الرسمية يعدّ خرقاً للقانون، مشدداً على ضرورة التحقق من الوجهات التي تُرسَل إليها بيانات المستخدمين في حال تفعيل الخدمة.

بدورها، أكدت وزارة الاتصالات أن حماية السيادة الرقمية تُعد من أولويات المرحلة، وأنها تعمل بالتنسيق مع الجهات الفنية والأمنية على إعداد إطار قانوني ورقابي ينظّم هذه العملية ويضمن حماية البيانات.

وأشار تقرير "سمكس" إلى احتمال وجود تضارب مصالح، إذ يُعتقد أن وزير الاتصالات شارل الحاج كان يملك في السابق أسهماً في شركتين لبنانيتين تشاركان في توزيع خدمات "ستارلينك". وقد نفت الوزارة هذا الادعاء "نفياً قاطعاً"، مؤكدة أن جميع الإجراءات المتعلقة بالخدمة جرت بشفافية ووفق الأصول القانونية وبعلم الجهات المعنية.

تجدر الإشارة إلى أن لم تتمكن من التحقق بشكل مستقل من صحة هذه المعلومات.

بحسب تقارير منظمة "سمكس" وعدد من الصحف المحلية، من المتوقع أن تقتصر خدمات "ستارلينك" في المرحلة الأولى على الشركات والمؤسسات الكبرى، وليس الأفراد. وتشير المعلومات إلى أن كلفة الاشتراك الشهري تتراوح بين 42 و56 دولاراً فيما يبلغ اشتراك الشركات 111 دولاراً مقابل سعة تصل إلى 500 غيغابايت، بالإضافة إلى كلفة الجهاز الأساسي التي تتراوح بين 350 و500 دولار.

وتواجه خدمة الإنترنت في لبنان تحديات كبيرة، من أبرزها البطء والتقطّع، خصوصاً خارج المدن الكبرى. وعلى الرغم من ارتفاع كلفة الخدمة، لا يضمن المستخدمون استقراراً أو سرعة تتوافق مع المعايير العالمية. وفي هذا السياق، يرى البعض أن "ستارلينك" قد تسهم في سدّ الفجوة الرقمية، لا سيما في المناطق المحرومة، شرط أن تدرج ضمن خطة وطنية متكاملة.

لكن خبيراً تقنياً تحدّث إلى "سمكس" من دون الكشف عن اسمه، حذّر من أن اعتماد "ستارلينك" دون إطار منظم قد يؤدي إلى تعميق الفجوة الرقمية بدلاً من حلّها، إذا لم تُطرح الخدمة في إطار شامل وعادل. كما أشار إلى أن نقل بيانات المستخدمين من خلال الأقمار الصناعية إلى خوادم خارجية قد يتعارض مع قانون حماية البيانات الشخصية في لبنان، ولا سيما القانون رقم 81 الصادر عام 2018 - الذي يقيّد نقل البيانات إلى خارج البلاد من دون موافقة رسمية وتنظيم قانوني واضح.

قد يهمك أيضــــــــــــــا

سبيس إكس تطلق 26 قمرا صناعيا من ستارلينك إلى مدارها من كاليفورنيا

ماسك يؤكد أن ستارلينك لا تنوي إغلاق محطاتها في أوكرانيا على الإطلاق

 

 

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

معالج افتراضي بالذكاء الاصطناعي يفتح آفاقا جديدة للعلاج النفسي
غوغل في مأزق بعد تسريب بيانات 2 5 مليار…
الأمم المتحدة تحذر من لجوء داعش إلى الذكاء الاصطناعي
بصمة مغربية في الفضاء اكتشاف قمر جديد يدور حول…
الذكاء الاصطناعي يسهل دبلجة الأفلام والمسلسلات التلفزيونية

اخر الاخبار

القوات المسلحة السعودية تختتم تمرين النجم الساطع 2025 في…
عراقجي يكشف أن مخزون اليورانيوم المخصب تحت الأنقاض
إسرائيل تتعهد بملاحقة الإرهاب في الأنفاق والفنادق
فريق ترامب يشدد الاجراءات الامنية بعد مقتل تشارلي كيرك

فن وموسيقى

نيللي كريم سعيدة بترشيح فيلمها "هابي بيرث داي" لتمثيل…
رنا رئيس تخضع لجراحة عاجلة بعد تعرضها لإجهاض ونزيف…
الممثلة الفرنسية أديل إينيل تُبحر ضمن "أسطول الصمود العالمي"…
داليا البحيري تكشف معاناتها في صيف الساحل بين المرض…

أخبار النجوم

إليسا توضح ظروف غيابها عن السوشيال ميديا وتوجه رسالة…
سيلين ديون تستعد للعودة بعد غياب طويل بسبب المرض
نادين الراسي تعتذر لفضل شاكر وابنه بعد تصريحات مثيرة…
فهد الكبيسي يمر بوعكة صحية مفاجئة ومصادر مقربة توضح…

رياضة

رونالدو يتوج بجائزة "الأفضل في كل العصور" من رابطة…
المغرب وتونس يضمنان التأهل في تصفيات كأس العالم الإفريقية…
رونالدو يبعث رسالة ود لجماهيره بصورة مع صبي الملاعب…
مفاجأة في الميركاتو ناد سعودي يضع محمد الشناوي ضمن…

صحة وتغذية

تحذيرات صحية في مصر من حقنة هتلر ومخاطر الخلطة…
سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية
دواء تجريبي جديد يحقق إستجابات واعدة ضد سرطان الرئة…
دراسة امريكية مكملات الكالسيوم وفيتامين D لا تقلل من…

الأخبار الأكثر قراءة

مايكروسوفت تكتشف حملة تجسس روسية ضد السفارات الغربية بموسكو
اليابان تبتكر ألواحاً شمسية تعادل قوة 20 مفاعلاً نووياً
دراسة تكشف عن اصطدام «كويكب كبير» بالقمر عام 2032
بريطانيا تسعى لتخفيف التوتر مع واشنطن بعد أزمة "باب…
الصين تكشف عن أول روبوت بشري في العالم يغير…