كوبنهاغن ـ المغرب اليوم
عقد قادة الاتحاد الأوروبي اجتماعاً غير رسمي في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن، وسط ترتيبات أمنية مشددة، لبحث سبل تعزيز أمن القارة الأوروبية في مواجهة ما وصفوه بتصاعد "التهديد الروسي"، خصوصاً بعد حوادث توغل في المجال الجوي الأوروبي الشهر الماضي طالت كلاً من الدنمارك وإستونيا وبولندا، ما أثار دعوات متزايدة لمواجهة "حرب روسيا الهجينة" ضد الاتحاد.
وخلال الاجتماع الذي يسبق القمة الأوروبية الرسمية المقررة لاحقاً هذا الشهر، ناقش القادة عدداً من القضايا الأمنية والدفاعية، أبرزها مقترح إنشاء "جدار للطائرات المسيّرة"، وتعزيز الدفاع الأوروبي المشترك، إلى جانب قضية استخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل قرض لدعم أوكرانيا، وملف انضمام كييف المحتمل إلى التكتل الأوروبي.
رئيس وزراء فنلندا، بيترى أوربو، عبّر عن قلقه خلال القمة قائلاً: "نحن قلقون، أنا قلق للغاية، والوقت قد حان للتحرك"، في إشارة إلى تنامي التهديدات التي تواجه الأمن الأوروبي.
وبالرغم من دفع المفوضية الأوروبية باتجاه استخدام الأصول الروسية المجمدة لمنح أوكرانيا قرضاً بقيمة 140 مليار يورو، فإن الاجتماع لم يسفر عن أي توافق بشأن هذا المقترح. فقد أعربت دول عدة، وخاصة بلجيكا، عن مخاوفها من احتمال تعارض الخطة مع القانون الدولي، حيث تحتفظ مؤسسة "يوروكلير" المالية البلجيكية بجزء كبير من هذه الأصول، وقد تتعرض لعواقب قانونية في حال تنفيذ الخطة.
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، سعت إلى طمأنة الدول المتحفظة، مشددة على أن الاقتراح لا ينص على مصادرة الأصول، بل يعتمد على استخدامها كضمانات، وأن المخاطر ينبغي أن توزع على مستوى أوسع داخل الاتحاد. إلا أن هذه التوضيحات لم تقنع كافة الحاضرين، ما دفع رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا إلى الإشارة إلى أن القرار النهائي قد يُتخذ خلال القمة الرسمية المقبلة.
وفي سياق النقاش حول مشروع "جدار الطائرات المسيّرة"، والذي يُفترض أن يكون بمثابة نظام دفاعي قادر على رصد المسيرات والتصدي لها وتحيدها، لم يتم التوصل إلى اتفاق واضح، إذ أبدت فرنسا وألمانيا تحفظات على إدارة المفوضية لهذا المشروع، بينما دعت دول جنوب أوروبا إلى توسيع نطاق المشروع ليشمل حماية حدودها أيضاً.
أما بشأن طلب أوكرانيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فقد واجه الاقتراح بتسريع هذه الخطوة معارضة واضحة من المجر وبعض الدول الأخرى مثل فرنسا وهولندا واليونان. رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، المعروف بقربه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، جدد رفضه التام للمقترح. كذلك، فشلت محاولات رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا في إدراج هذا الملف ضمن أولويات القمة، رغم اقتراحه تعديل قواعد الاتحاد لتجاوز شرط الإجماع الكامل في التصويت.
وعلى هامش الاجتماع، حاول المستشار الألماني فريدريش ميرتس الدفع باتجاه مناقشة ملف القدرة التنافسية للصناعة الأوروبية، إلا أن مقترحه لم يلقَ اهتماماً يُذكر، حيث طغت القضايا الأمنية والدفاعية على جدول الأعمال.
رئيسة وزراء الدنمارك ميت فريدريكسن دعت من جهتها إلى رد موحّد من دول الناتو على ما وصفته بـ"حرب روسيا الهجينة"، مشيرة إلى أن "جدار المسيرات" وحده لا يكفي للرد على التهديدات التي تهدف، بحسب قولها، إلى تقسيم أوروبا.
ورغم اختلاف وجهات النظر، اتفق القادة على ضرورة استمرار النقاش وتكثيف اجتماعات وزراء الدفاع والخارجية الأوروبيين في الأسابيع المقبلة، ما يشير إلى استمرار القلق الأوروبي من تعاظم التهديد الروسي وغياب التوافق السياسي بشأن كيفية الرد عليه، سواء عبر الأدوات الاقتصادية أو الدفاعية أو عبر توسيع التكتل الأوروبي شرقاً.
قد يهمك أيضا
الاتحاد الأوروبي يقر منتجات الصحراء المغربية