الرئيسية » التحقيقات السياحية
نهر بردى

دمشق - المغرب اليوم

كان لنهر "بردى" بمدينة دمشق، الدور الأكبر في قيام هذه المدينة، وذلك بتوفير المياه اللازمة للإنسان، فضلًا عن حاجات الحيوان والنبات، نتيجة وجود نظام فريد من نوعه يلبّي جميع الاحتياجات للمدينة وغوطتيها.

وقد توارث الدماشقة هذا النظام منذ أيام الآراميين، فلما كان العصر الأموي تعاظمت تلك الجهود، نتيجة لاتساع الأراضي الزراعية، وتعدد المرافق التي تحتاج إلى المياه، بحيث شملت الحمامات والمساجد والحدائق فضلًا عن متطلبات الإنسان، والحيوان، وقد تمثل ذلك بحفر الأنفاق وشق الأقنية وجرّ المياه إلى كل مرفق وإلى كل ذرة تراب، تحتاج إلى الماء، حتى إن من الممكن القول إن نهر بردى بمنزلة الرئة لمدينة دمشق.

ينبع نهر بردى من واد ضيق بالسفوح الشرقية لجبال لبنان الشرقية، وترفده مياه ينابيع عين الفيجة، بعد مروره بسهل الزبداني، ولم يكن النهر قادرًا على تجاوز الشريط الضيق من الخضرة للأراضي المجاورة لمجراه، لولا قيام الإنسان منذ العصر الآرامي بجعل مياه بردى قادرة على الوصول بعيدًا عن مجراه الأمر الذي نجم عنه اتساع الأراضي الزراعية، وتنوع المحاصيل الزراعية.

أقرأ أيضا :

 دمشق تؤكد أن العدوان الإسرائيلي هدفه إطالة أمد الحرب التي تتعرض لها سوريا

وقد اشتقت من نهر بردى القنوات أو الفروع التالية:

يزيد وثورا والمزاوي والداراني وبانياس وقنوات، ومن هذه القنوات ما كان على يمين مجرى نهر بردى، ومنها ما كان على يساره.

فقد اشتقت قناة يزيد على يسار نهر بردى بالقرب من بلدة الهامة، وهي تعود إلى العهد الروماني، وقد تطورت واتسعت زمن خلافة يزيد بن معاوية فسميت باسمه، ومجرى هذه القناة مرفوعا بنواعير لتوفير المياه للأراضي التي ترتفع فوق مستوى مياه قناة يزيد، فكان مجرى هذه القناة بسفح قاسيون حتى محلّة الربوة ثم يغيب هذا المجرى بأنفاق، بحيث يمكنها تقديم المياه لمنطقة المهاجرين والمالكي وشارع بغداد والعفيف والصالحية.

وتشتق قناة ثورا أيضًا عن يسار مجرى نهر بردى، وهي تعود إلى العهد الآرامي، وهي تشترك مع مياه قناة يزيد بتوفير المياه اللازمة لسفح جبل قاسيون والمهاجرين والصالحية والحواكير وأبو رمانة والشعلان، كما توفر المياه إلى منطقة ركن الدين وشارع بغداد، وسوق ساروجة والعمارة والقصاع والتجارة.

وبالانتقال إلى القنوات التي اشتقت عن يمين مجرى نهر بردى نجد أن قناة المزاوي والداراني وبانياس وقنوات، فتروي مياه قناة المزاوي أراضي المزة، ويكون مجرى مياه هذه القناة مكشوفًا، ثم يختفي عن الأنظار، إلا أن فتحات أو ضوايات تساعد على كري القناة أو تعزيلها، وهكذا فإن مياه هذه القناة تخترق أراضي المزة، مكونة الحد الفاصل بين الأراضي المروية عن يمين مياه هذه القناة، والأراضي غير المروية عن يسارها.

أما قناة الداراني، فتنسب إلى داريا، وقد اشتقت عن يمين نهر بردى بالقرب من موقع الشادروان، وبعد أن تشكل أنفاقًا تتوجه إلى أراضي كفرسوسة وداريا، وباب السريجة والفحامة وصولًا إلى أراضي حي الميدان.

وتعتبر قناة بانياس أحد الشرايين المهمة التي تزوّد مدينة دمشق ومرافقها بالمياه، وهي تتفرع من مياه نهر بردى عند مخرجه من خانق الربوة، فتأخذ مجراها مسايرة المناطق المطلة على جبل المزة، ثم تنحدر إلى أسفل جامعة دمشق لتتوجه إلى منطقة التكية السليمانية وجامع تنكز وشارع رامي فسوق العتيق، حيث تختلط مياهها مع مياه قناة ثورا.

أما ما بقي من مياه قناة بانياس، فيتجه نحو السنجقدار والحريقة (سيدي عامود) والسروجية وقلعة دمشق فالشاغور، كما يتجه قسم من مياه هذه القناة نحو منطقة السبع طوالع والبحرة الدفاقة والمسكية والجامع الأموي والنقاشات والنوفرة والقيمرية.

وأخيرًا فإن من الممكن القول إن اشتقاق قناة القنوات يعود إلى العهد الروماني، وهي تتفرع عن مياه نهر بردى عند موقع الشادروان، ويشاهد المرء أن مجرى هذه القناة مكشوف خلال مسيرة مياهها بمدينة دمشق ولم تكن تختفي عن الأنظار إلا وسط حي القنوات وقد رفعت مياه قناة القنوات فوق قناطر، حتى يمكن إيصال مياهه إلى أكثر أنحاء مدينة دمشق القديمة ارتفاعًا، وذلك وفقًا لنظام يعرف باسم نظام الطوالع.

وقد حدثت تبدلات على تخديم مياه قناة قنوات بالعهد المملوكي والعثماني، فأصبحت المياه تغطي حاجات مدينة دمشق القديمة، وتمدها بالمياه اللازمة لدورها ومساجدها وحماماتها وبساتينها فضلًا عن مرافقها العامة، وذلك عبر شبكة تتماشى مع الطبيعة الجغرافية لدور دمشق وغوطتها على غاية من الدقة والتنظيم.

وقد جرى ذلك وفقًا لشبكة توزيع مياه محكمة، وهذه الشبكة تعود إلى العهد الآرامي ثم تطورت بالعهود اللاحقة، مع تطور احتياجات كل عصر من المياه، ولعل من الجدير بالذكر القول إن العرب نقلوا هذه الشبكة إلى الأندلس، وهي لا تزال قائمة إلى الآن بمنطقة إشبيلية بالأندلس.

وقد وجدت هذه الشبكة بوقت لم يكن الإنسان يستخدم القساطل المقاومة للضغط ولا وسائل التحويل والتكسير المعروفة بهذه الأيام.

قد يهمك أيضا :

الفنان السوري كمال بلان يفوز بجائزة في مسابقة غنيسينا

  الحكومة السورية تفتح "الممرات الإنسانية" وروسيا تروِّج لخروج اللاجئين من إدلب إلى طرطوس

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وزارة السياحة ترد على دعوات المقاطعة وتؤكد إستمرار جاذبية…
إطلاق طيران مباشر بين الأردن والمغرب
وزارة الخارجية الأميركية تلزم بعض المسافرين بدفع كفالة مالية…
إيرادات السياحة في المغرب تسجل 54 مليار درهم بالنصف…
إضراب شامل في تونس يشلّ حركة النقل ويربك المسافرين

اخر الاخبار

إعلان رسمي عن المجاعة في غزة للمرة الأولى
شراكة عسكرية جديدة بين السعودية والولايات المتحدة
لبنان يبدأ تسلم الأسلحة من المخيمات الفلسطينية
سرايا القدس تبث مشاهد توثق كمينًا استهدف ثلاث دبابات…

فن وموسيقى

تدهور في الحالة الصحية للفنانة أنغام واستمرار معاناتها مع…
سعيدة شرف تؤكد أن حضورها في المهرجانات الغنائية داخل…
تامر حسني يؤكد إستمرار علاقته الفنية مع بسمة بوسيل…
لطيفة تكشف رغبتها في تقديم أغنية مهرجانات وتتحدث عن…

أخبار النجوم

وائل كفوري يستقبل ابنته الأولى من شانا عبود ويختار…
رسالة مؤثرة من زوجة محمد رحيم في عيد ميلاده…
رابح صقر ينعى ابن شقيقته برسالة حزينة ومؤثرة
آمال ماهر تكشف موقفها من العودة إلى لأي علاقة…

رياضة

نجم مغربي جديد ينضم إلى الدوري الإنجليزي الممتاز
فيفا يُحيي ذكرى 20 عامًا لميسي مع الأرجنتين قبل…
محمد صلاح يصنع التاريخ كأول لاعب يفوز بجائزة أفضل…
محمد صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي

صحة وتغذية

عادة بسيطة تساهم في تقليل الكوليسترول وتعزيز صحة القلب
الكيتامين لا يعالج الألم المزمن وتحذيرات من آثاره النفسية…
علماء يبتكرون علاجاً ثورياً للسرطان يجمع بين البكتيريا والفيروسات…
فحص دم مبكر يكشف سرطان المبيض بدقة ويمنح أملا…

الأخبار الأكثر قراءة

متنزهات ايطاليا جوهرة مخفيه تجمع بين الطبيعه الخلابه والمذاق…
الصين تُوسّع نطاق الدخول من دون تأشيرة لأكثر من…
التأشيرة الخليجية الموحدة قريباً لتعزيز التنقل والسياحة
افتتاح خط جوي جديد بين برشلونة والصويرة يعزز جاذبية…
السفر الفاخر اليوم "موناكو" تجسيد للتجربة الراقية