الرئيسية » تحقيقات
داعش

الرباط - المغرب اليوم

كشفت واقعة توقيف المكتب المركزي للأبحاث القضائية (BCIJ)، بناء على معلومات استخباراتية دقيقة وفرتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، متطرفة (21 سنة) موالية لتنظيم “داعش” الإرهابي وتتابع دراستها في أحد المعاهد التقنية العليا للاشتباه في تورطها في الإعداد والتحضير لتنفيذ مخطط إرهابي بالغ الخطورة يستهدف المساس الخطير بالنظام العام عن تغيّر لافت في أساليب الاستقطاب والاستدراج لغايات تخريبية.وجسّد هذا التوقيف، الذي جرى الرباط، “تعاونا عملياتيا وتنسيقا معلوماتيا بين المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وبين الأجهزة الاستخباراتية الفرنسية؛ ما مكّن من تشخيص هويتها ورصد مخططاتها المتطرفة وإجهاض مشروعها الإرهابي قبل انتقاله إلى مرحلة التنفيذ المادي”، حسب بلاغ رسمي لـ”البسيج”.

وأضاف المصدر ذاته أن المعطيات الأولية للبحث تشير إلى انخراط المشتبه فيها فعليا في التحضير لمشاريع إرهابية؛ من خلال اكتساب خبرات في مجال المتفجرات وإعداد السموم وتوفير بعض المعدات اللازمة، “في أفق تنفيذ عملية إرهابية كان هدفها الآني استهداف إحدى المنشآت الدينية بمدينة الرباط”. كما عثرت السلطات الأمنية المختصة بحوزة المشتبه فيها على مواد قابلة للاشتعال، ومخطوطات تتضمن تحريضا على التطرف، فضلا عن كتب تروّج للتعصب والغلو.وتخضع المعنية -حاليا– تحت تدبير الحراسة النظرية رهن إشارة البحث القضائي الذي يُجريه المكتب المركزي للأبحاث القضائية تحت إشراف النيابة العامة المكلفة بقضايا الإرهاب، للكشف عن الجهات المتورطة في استقطابها وبلوغها هذه المرحلة المتقدمة من التطرف، وكذا رصد ارتباطاتها المحتملة مع مختلف التنظيمات الإرهابية.

هشاشة نفسية

محمد عصام لعروسي، مدير مركز منظورات للدراسات الجيوسياسية خبير في العلاقات الدولية والشؤون الأمنية وتسوية النزاعات، قال إن “توقيف طالبة تنوي القيام بعملية إرهابية ومخطط خطير وصل مراحل التنفيذ المادي أمر مثير للدهشة والاستغراب”، ملاحظا أن “اهتمامات الشباب تغيّرت فعليا في الآونة الأخيرة”.وفي إشارة دالّة على تغيّر الأنماط والأساليب المستعملة من شبكات التطرف أكد لعروسي، ف أن “الجماعات الإرهابية باتت تستهدف فئات مثقفة مثل المهندسين والأطباء؛ مما يحيل إلى أن الاستقطاب ربما يلعب في مجال الذهنية النفسية والهشاشة النفسية لبعض هذه الأطر، وإن كانت أطرا عليا تقنية أو هندسية.

وبعدما أكد الخبير في الشؤون الأمنية أن “الشبكات الإرهابية تستهدف هذه الفئات، رغم أنها نخبوية وليست كبيرة جدا؛ ما يعكس استراتيجية التنويع من قبيل التركيز على فئات أخرى لها تأثير كبير على المجتمع، وهو تحول مركزي في عقلية الجماعات الإرهابية”.ورغم “تنامي الخطر الإرهابي” فإن محاصرته ومكافحة الجريمة والإرهاب والعمليات المضادة تمكّن إبقاءه “تحت السيطرة”.“التحول المذكور ليس استراتيجيا لأنه لا يبنى على كسب فئات عريضة ولا يطبّق على مدى سنوات طويلة؛ بل ظرفيا يستغل الظروف العالمية الحالية”، حسب تحليل لعروسي الذي استدلّ بـ”تراجعات في الساحة الدولية على مستوى حقوق الإنسان والحريات العامة”؛ وهو “ما يستغل من قبل بعض الفئات لتحقيق أهداف معينة”.

وزاد المصرح عينه شارحا للجريدة: “الفئات العليا قد تنضم إلى التيار المعارض للمجتمع بسبب القدرة على الرفض كما تتبنى موقف المعارض للحلول السلمية”، راصدا في السياق “إمكانية أن يؤدي كل ذلك إلى تبني العنف والنهج الثوري”، خاتما بأن “هذا النوع من التحول يعبر عن رفض للأوضاع القائمة بشكل عام”.يرى البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع، أن “توقيف شابة مغربية لموالاتها لتنظيم “داعش” وتخطيطها لاعتداء وشيك على منشأة دينية يعد مؤشرا بالغ الأهمية على تحولات نوعية في المشهد الإرهابي”.

وتابع عبد السلام، شارحا: “لم يعد الاستقطاب والتجنيد حكرا على الفئات التقليدية أو الأميّين؛ بل امتد ليشمل أصحاب المستويات التعليمية العليا ومنخرطة بشكل فعال في النسيج المجتمعي، بمن فيهم النساء وفي سن مبكرة”.هذه الحادثة، التي تأتي نتيجة تعاون استخباراتي مُكثف بين المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وبين نظيرتها الفرنسية، تُبرز، حسب المحلل ذاته، “تنامي خطر الذئاب المنفردة وقدرتها على التخطيط والتنفيذ؛ مما يؤكد نجاعة الإستراتيجية المغربية الشاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف من خلال تقييم شامل للمخاطر وتكييف مستدام الاستراتيجيات الأمنية مع التطورات الميدانية”.

وأضاف الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع: “امتدادُ خطر التطرف إلى الفئات الشابة المتعلمة، وخاصة الإناث، استدعى تعزيز آليات الرصد الإلكتروني واختراق الفضاءات الافتراضية”، منبها إلى أنها “حاضنات خصبة للتجنيد والتحريض، واكبته يقظة أمنية واستخباراتية متواصلة لمتابعة الأنشطة المتطرفة عبر الإنترنيت؛ من خلال القدرة على التوغل في هذه الشبكات الافتراضية، وفهم آليات عملها، وتحييد خلاياها، بهدف حماية الشباب من الوقوع في براثن التنظيمات المتطرفة، تُركز هذه الجهود على جمع المعلومات الاستخباراتية وتحليلها بدقة لفك شفرة الخطابات المتطرفة، وتحديد العناصر المحتملة للتجنيد، والتدخل لمنع أي عمل إرهابي قبل وقوعه”.

وعكسَ ما ذهب إليه لعروسي، سجل البراق شادي أن “استهداف شبكات التطرف والإرهاب لطلبة من مستويات دراسية عليا، لا سيما في التخصصات التقنية والهندسية، لزعزعة استقرار المملكة لا يُعد تحولا ظرفيا أو دراماتيكيا عابرا؛ بل هو تحول استراتيجي جوهري وخطير للغاية”.

واستدل الخبير عينه بما وصفه “إدراك هذه التنظيمات جيدا للقيمة الهائلة للكفاءات العلمية والتقنية في دعم مخططاتها الإرهابية؛ فامتلاك المهارات في مجالات مثل تصنيع المتفجرات وإعداد السموم والهندسة الميكانيكية والبرمجيات والاتصالات يمنح الإرهابيين قدرة أكبر على تخطيط وتنفيذ عمليات نوعية أكثر تعقيدا، وأصعب في الكشف عنها وإحباطها”، لافتا إلى أن “هذا التحول يعكس رغبة في “تحديث” القدرات الإرهابية بما يتناسب مع التطورات التكنولوجية، وبناء قاعدة من الكوادر المدربة والمؤهلة تقنيا، تكون قادرة على تطوير أساليب جديدة للهجمات”.

وفي تقديره “يُشير هذا التوجه الاستراتيجي -أيضا- إلى سعي هذه الشبكات نحو الاعتماد على الذات وتقليل التبعية. بدلا من البحث عن خبراء من الخارج أو الاعتماد على معلومات جاهزة، تسعى هذه التنظيمات إلى تطوير قدراتها الداخلية من خلال استقطاب العقول الشابة والمؤهلة.يكشف نجاح “عملية الرباط” عن “الأهمية القصوى لاستمرار وتعميق التنسيق الأمني والاستخباراتي بين السلطات المغربية وبين نظيرتها الفرنسية المختصة”.

ويعود ذلك إلى “دوره الاستراتيجي في كشف المخططات المتطرفة المشابهة وإحباطها، وينبع من فهم مشترك لتهديد الإرهاب العابر للحدود وضرورة العمل الجماعي لمواجهته”.وخلص المتحدث إلى الإشادة بـ”التنسيق الاستخباراتي بين المغرب وفرنسا” بوصفه “عماد هذا التعاون؛ فتبادل المعلومات حول تحركات المشتبه بهم وشبكات التجنيد وطرق التمويل يساعد على رسم صورة أشمل للتهديد الإرهابي، ويُمكّن من إحباط المخططات بشكل استباقي وفعال؛ مما يساهم في حماية أمن البلدين والمنطقة برمته”.

وختم البراق بقوله: “تدرك هذه الرؤية أهمية التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب، فالتهديد لا يقتصر على حدود دولة واحدة، مما يعزز الشراكات الأمنية مع مختلف الدول، ومنها فرنسا، لتبادل الخبرات والمعلومات”، منوها إلى “دور حاسم تلعبه الدبلوماسية الأمنية في تعزيز قدرات المغرب في مكافحة الإرهاب، ويجسدها حرص عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، على ربط جسور التواصل والتنسيق مع مختلف الشركاء والفاعلين الدوليين”.

قد يهمك أيضــــــــــــــا

البرلمان العربي يشيد بجهود الملك محمد السادس في الدفاع عن القدس والقضية الفلسطينية

 الملك محمد السادس يهنئ رئيس جيبوتي بعيد الاستقلال ويؤكد اعتزازه بالعلاقات الأخوية بين البلدين

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

حرب نفسية إسرائيلية على سكان الجنوب اللبناني بمسيّرات وقنابل…
نفوذ روسيا في الشرق الأوسط بين الصراع الإيراني والإسرائيلي
الديمقراطيون يتهمون إدارة ترمب بإخفاء معلومات بعد الضربات على…
تقييم أميركي يكشف مفاجأة بشأن مصير "يورانيوم إيران المخصب"
أبرز النقاط وتفاصيل وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل…

اخر الاخبار

أحمد الشرع يلتقي المبعوث الأممي وسط تأكيدات على احترام…
إيران تستبعد استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدةوتؤكد التمسك بحقها…
قيوح يؤكد أن المغرب جعل من التعاون الإفريقي ركيزة…
رئيس الحكومة المغربية يُمثل الملك محمد السادس في المؤتمر…

فن وموسيقى

ماجدة الرومي تُعبر عن مشاعر محبة وامتنان عميقة تجاه…
صابر الرباعي يؤكد أن مهرجان موازين في المغرب نموذج…
نيللي كريم تكشف تفاصيل إصابتها بالسرطان في وجهها وتحكي…
أحمد حلمي يُعبر عن سعادته بتكريمه في مهرجان الدار…

أخبار النجوم

صابر الرباعي يُشعل مسرح محمد الخامس بسهرة طربية راقية…
كاظم الساهر يُسحر جمهور الرباط في ليلة طربية لا…
شيرين عبدالوهاب توجّه رسالة الى رسالة الى الملحن مدين…
دينا فؤاد تكشف كشفت العديد من أسرارها الشخصية والمهنية

رياضة

المغربي أشرف حكيمي يقود باريس سان جرمان لربع نهائي…
الأردن يرفض مواجهة إسرائيل في مونديال السلة وعقوبات محتملة…
الهلال السعودي يواصل سعيه لضم المغربي يوسف النصيري لتعزيز…
أحوال الطقس تُهدد إقامة مباراة إنتر وفلومينينسي

صحة وتغذية

دراسة تحذر السيجارة الإلكترونية تؤثر على جينات الفم
6 مشروبات تنظف الأمعاء عند تناولها على معدة فارغة
دراسة تؤكد نجاح الإنسولين المستنشق في علاج الأطفال المصابين…
لقاح جديد للرضع يحمي من الفيروس المخلوي التنفسي

الأخبار الأكثر قراءة

إسرائيل تختبر "الشعاع الحديدي" سلاح ليزري منخفض التكلفة لتعزيز…
الموساد ينقل مئات الوثائق والمقتنيات الشخصية للجاسوس إيلي كوهين…
ترمب يخطط لنشر تسجيل مقابلة بايدن مع هور في…
تسعون عامًا من الشراكة العلاقات السعودية الأميركية من روزفلت…
الكنيسة الكاثوليكية تبدأ كونكلاف انتخاب البابا الجديد بعد وفاة…