الرئيسية » مراجعة كتب

دمشق ـ سانا

يعتبر الحب ظاهرة من أهم ظواهر الحياة البشرية وأخصبها وهي دائمة الحدوث ولا يوجد فيلسوف إلا وقد وجد نفسه ملزما بالحديث عنها ويحاول الكاتب خوسه أورتغا إي غاسيت في كتابه دراسات في الحب ترجمة علي إبراهيم أشقر تقديم رؤية جديدة للحب تنقيه وتنزع عنه الإضافات التي تعتم على حقيقته الواقعية وتعقد سيرورته. ويقدم الكاتب الحب المفسر استنادا إلى بحث سيكولوجي وظاهراتي في آن واحد وحتى إلى بحث اجتماعي فيعتبر الاختيار في الحب أحد العوامل الأكثر فعالية في التاريخ. ويقدم خوسه في كتابه الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب تعريفه الخاص للحب معتبرا أنه ليس طلقة وإنما هو فيض مستمر وإشعاع نفسي يذهب من المحب إلى المحبوب وهو ليس دفقة واحدة تنتهي وتبدأ مرة أخرى بل إنه تيار. ويفرق الكاتب في الوحدة الأولى من كتابه التي حملت عنوان ملامح الحب بين الحب والغراميات فالأخيرة حسب الكاتب هي قصص عارضة تحدث بين الرجال والنساء تعترضها إشكالات تعقد سيرورتها وتربكها لكنها لا تكون بأي معنى حباً فالحب كما يقول الكاتب مستنداً إلى دانتي يحرك الشمس والنجوم الأخرى. ويعرض الكاتب تاريخ الحب في كتابه فيشير إلى انه منذ قرنين والكلام جار عن الغراميات كثيراً وعن الحب قليلاً فإذا كان للعصور كلها منذ العصر اليوناني نظرية كبرى عن المشاعر فإن هذين القرنين خلوا منها فالعالم القديم نحا نحو نظرية أفلاطون ثم نحو نظرية الأبيقوريين وتعلّمت العصور الوسطى نظرية القديس توما والعرب ودرس القرن السابع عشر نظرية الانفعالات لديكارت واسبينوزا. ويرى الكاتب أن الفيلسوف في الماضي كان يحسب نفسه ملزماً بأن يعد نظرية عن الحب والمشاعر أما نحن فلا نملك بحثاً كبيراً لنظم المشاعر في نسق لكن وجود هذه النظريات لا يجعلنا ملزمين بالعودة إليها كما هي ففكرة القديس توما عن الحب //خاطئة// إذ إنه يعتبره شكلاً من أشكال الرغبة أو الشهوة فيما نحن ملزمون بالتفريق بينهما ومنع اختلاطهما فقد استطاع القديس أوغسطين وهو أحد الرجال الذي فكروا كما يعتبره الكاتب أعمق تفكير في الحب أن ينأى به أحياناً عن أن يفسر بالرغبة أو بالشهوة. أما اسبينوزا فقد أبعد الشهوات عن الحب فالحب لديه هو الفرح المقترن بمعرفة سببه أي أن نعرف أن مصدر هذا الفرح هو الحب لكن قد يسبب الحب الحزن أيضاً فالعاشقة كما يرى الكاتب تؤثر ضروب القلق التي يسببها العشق على اللامبالاة المقترنة بالراحة. وباعتبار أن الكاتب لم يرض بأي من التعريفات التي سبقت للحب فأولى به إذاً أن يقدم تعريفه الخاص فالحب حسب الكاتب الاسباني في بدايته يشبه الرغبة لأن موضوعه يحثّه على ذلك فالنفس كما يقول تشعر أنها مثارة في نقطة معينة بحافز يأتي من الموضوع إليها ولهذا الحافز اتجاه جاذب إلى المركز هو يأتي من الموضوع إلينا لكن فعل الحب لا يبدأ إلا بعد هذه الإثارة أما الآثار التي تنشأ عن الحب كالتقرب الفيزيقي من المحبوب والتعايش الخارجي معه فلا تهم في تعريفه إنها من آثاره وليست جوهرية فيه. ويعتبر الكاتب أن للشعور بالحب كما لكل شيء إنساني تطوره وتاريخه وهو يشبه في هذا تطور الفن وتاريخه ولكل عصر أسلوبه في الحب فكل جيل يعدل بهذه الدرجة أو تلك نظام حب الجيل السابق ولكنه تعديل خفيف وضعيف حتى يهرب من التحليل ولا يسمح بتحديده بوضوح ذلك أن العاشق يتبنى في البدايات أسلوب الجيل الذي سبقه كالأفكار والأيديولوجيات تماماً ولكن بعد أن تأتي فترة من الصدق الخلاق والحيوية الخلابة يبدأ فيها أن يكون وفياً لذاته بعد أن تكون نضجت ميوله الذاتية والأصيلة حينئذ يفكر بأفكاره الخاصة فيعشق نساء جيله وشعراء زمانه وأفكار وإيديولوجيات وطريقة سلوك أقرانه. وبهذا يقترب الحب حسب الكاتب من كونه "زياً" أو هو فعلاً "زي" يتناسب مع كل جيل وفي هذا الصدد لا يعتبر بحال من الأحوال أن مفردة "زي" عندما تطلق على أمر ما حتى على الحب سلبية ويقول إننا إذا نظرنا إلى الحب بوصفه "زياً" لبدا لنا السبب الذي يجعل الشيوخ يقولون إن الحب في انحطاط وصار لا يُحتمل وذلك لارتباط "الزي" لديهم بهذه الصفات وهذا مرتبط باختلاف أفكار وعادات وإيديولوجيات وسلوك كل جيل عن الآخر. يذكر إن الكاتب خوسه أورتيغا إي غاسيت ولد في اسبانيا درس الفلسفة في إسبانيا وألمانيا وشغل كرسي ما بعد الطبيعة في جامعة مدريد حتى العام 1936أسس عام 1915 مجلة إسبانيا ثم مجلة الغرب التي يعتبرها الدارسون الأكثر أهمية في إسبانيا كتب في مواضيع متعددة من كتبه تمرد الجماهير/ دروس في الميتافيزيقيا/ الرجل المفرد والناس/ وغيرها الكثير.. جُمعت موءلفاته في مجلدات ضخمة أطلق عليها اسم "المشاهد".. توفي عام 1955.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

إصدار جديد يقارب حصيلة الدراسات الأمازيغية في المغرب
مؤلف يرصد البرلمان المغربي في ظل ثلاثة ملوك
رواية "وجوه يانوس" تقود أول امرأة إلى رئاسة الحكومة…
ديوان شعري أمازيغي يدعم مرضى السرطان الفقراء
أول عدد من "مجلة تكامل للدراسات" يرى النور

اخر الاخبار

الولايات المتحدة تغلق مكتب الشؤون الفلسطينية في القدس وتدمج…
ماكرون يستقبل الرئيس السوري أحمد الشرع في أول زيارة…
مقتل عضو في حركة حماس في غارة إسرائيلية على…
تعاون مغربي موريتاني لتعزيز اللامركزية والتنمية المحلية

فن وموسيقى

كندة علوش تعلن شغفها بالقضايا الإنسانية وتكشف رغبتها في…
دنيا بطمة تؤكد أنها لم أنَل حقها في المغرب…
إليسا تشعل 2025 بمفاجآت فنية وألبوم جديد بعد تألقها…
هند صبري تتألق في بيروت وتتوج بجائزة الإنجاز الفني…

أخبار النجوم

مصطفي شعبان يشارك هيفاء وهبي بطولة عمل سينمائي جديد
يوسف الشريف يعلق على مشاركته في حفل بطولة العالم…
الفنان ظافر العابدين ينضم لفيلم "السلم والثعبان 2"
حمادة هلال يشارك في موسم رمضان 2026 بـ«المداح 6»

رياضة

قميص محمد صلاح يُعرض في مزاد ويصل إلى 17…
المغربي أشرف حكيمي مرشح لجائزة أفضل لاعب إفريقي في…
هاري كين يقترب من لقب هداف الدوري الألماني للموسم…
محمد النني يتوج بجائزة جديدة في الدوري الإماراتي

صحة وتغذية

طريقة سهلة لخفض ضغط الدم دون الحاجة لتقليل الملح…
إجراء أول عملية استئصال للبروستات باستخدام الروبوت الجراحي عن…
القهوة تحارب الضعف الجسدي لدى كبار السن وتحسن القوة…
علاج فقدان السمع في مراحله المبكرة قد يساهم في…

الأخبار الأكثر قراءة