أردوغان وسياسات المباغتة

أردوغان وسياسات المباغتة

المغرب اليوم -

أردوغان وسياسات المباغتة

بقلم - ادريس الكنبوري

قرار تنظيم انتخابات مبكرة يكشف أن حزب العدالة والتنمية لم يعد واثقا من قدرته على الحفاظ على شعبيته التي كان يحظى بها وسط الناخبين الأتراك في الأعوام الماضية.

يعرف عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه رجل المفاجآت والانقلابات السريعة، ما إن يتخذ قرارا حتى ينقلب عليه في اليوم التالي. وساهمت تلك السياسة التي نهجها أردوغان منذ توليه الحكم عام 2002 في تحقيق حزمة مكاسب للرجل أصبح مطلب المحافظة عليها مرتبطا بالاستمرار في سياسة المباغتة. فقد مكنته تلك السياسة من البقاء طويلا على رأس الدولة، ومن تشتيت خصومه السياسيين في كل اتجاه، نتيجة غياب أي مرجعية سياسية في الدولة يمكن الاحتكام إليها؛ فمزاج أردوغان هو المتحكم الوحيد في خيارات الدولة وهو ما لا يمكن التكهن به.

يأتي قرار تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية سابقة لأوانها في إطار هذه السياسة التي تؤمن بالمبادرة إلى خلق الحدث السياسي عندما يكون الآخرون ينتظرون شيئا آخر. فقد أعلن أردوغان الأربعاء الماضي عن تنظيم انتخابات مبكّرة يوم 24 يونيو المقبل، بدلا عن موعدها الطبيعي الذي كان مقررا في الثالث من نوفمبر العام القادم.

وأوقع ذلك القرار أحزاب المعارضة في ارتباك نتيجة عدم استعدادها لخوض انتخابات لم تحضر لها، وصعوبة وضع قائمة بمرشحيها لتغطية كافة الدوائر الانتخابية خلال مدة لا تتجاوز الشهرين.

ومن الواضح أن قرارا مثل هذا يظهر أن حزب العدالة والتنمية يتصرف كحزب لا يقود الدولة فحسب، بل يستعملها للبقاء في السلطة، ويتعامل معها كملكية خاصة لا كمحل للتداول السياسي. ومنذ عام 2002 حين وصل أردوغان إلى السلطة بات يتصرف وفق مقولة لويس الرابع عشر الشهيرة “أنا الدولة”.

وبعد الاستفتاء لتعديل الدستور في العام الماضي، الذي وسع من صلاحياته كرئيس للدولة، صار أردوغان يتطلع إلى البقاء في الحكم إلى عام 2029، ليتجاوز بذلك المدة التي قضاها كمال أتاتورك في الحكم وهي 25 عاما، وليقضي بذلك على مقولة “أب تركيا الحديثة” التي ارتبطت بزعيم الكمالية.

ويبدو أن الأسباب التي دفعت أردوغان إلى اتخاذ قرار مباغت مثل هذا ذات علاقة بالتطورات السياسية والاقتصادية في البلاد. فهو يريد استثمار الشعبية التي حصل عليها نتيجة مواقفه في الملف السوري، وسيطرة تركيا على مدينة عفرين شمال سوريا في إطار عملية غصن الزيتون التي راهن عليها أردوغان، معلنا الشهر الماضي انتصار بلاده على الأكراد وسيطرته على المنطقة الحدودية. وقد صور ذلك الانتصار بوصفه انتصارا للقومية التركية، وهو ما جلب له شعبية بين الأتراك الذين وظف حزب العدالة والتنمية القضية السورية لإقناعهم بأنه ما لم تذهب تركيا إلى سوريا فإن الإرهاب سيأتي إليها.

ولكن مقابل الطموح في توظيف تلك الشعبية انتخابيا هناك مخاوف من انقلابها ضد الحزب الحاكم، في حال ما تم انتظار الموعد العادي للانتخابات في العام المقبل. ذلك أن الوضع الاقتصادي في تركيا يمر بأزمة قد تكون غير مسبوقة، بالرغم من مؤشرات النمو، بسبب الأزمات السياسية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التي أثرت على وضعية الليرة التركية، بحيث هبطت خلال الفترات الماضية إلى أدنى مستوياتها.

وبدل أن تتخذ الحكومة التركية إجراءات ملموسة للحد من تلك الأزمة والقيام بإصلاحات، تلجأ إلى أسلوب التهدئة في انتظار تجاوز الأزمات السياسية مدركة أن الأزمة الاقتصادية عائدة إلى الأزمات السياسية المتتالية.

بيد أن ما يكشف عنه قرار تنظيم انتخابات مبكرة أن حزب العدالة والتنمية لم يعد واثقا من قدرته على الحفاظ على شعبيته التي كان يحظى بها وسط الناخبين الأتراك في الأعوام الماضية، ولذلك يسعى إلى الإسراع في اقتناص فرصة يراها متاحة في الظرفية الحالية تلافيا لانقلاب الحالة السياسية إلى غير ما يتمناه مستقبلا، ومفاجأة أحزاب المعارضة قبل أن تلمّ صفوفها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أردوغان وسياسات المباغتة أردوغان وسياسات المباغتة



GMT 09:12 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الخضرة والماء والوجه الحسن

GMT 00:09 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الأوروبي ... أوهام ديغولية

GMT 04:42 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

عن التيار المدني، بشقية المحافظ والعلماني

GMT 04:40 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اليمن بين الإنسانية والسياسة

GMT 11:28 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الأمن الإقليمى و«مصالح أهل المنطقة»

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 01:02 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر
المغرب اليوم - زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib