”البام” مرة أخرى

”البام” مرة أخرى

المغرب اليوم -

”البام” مرة أخرى

توفيق بو عشرين

«نخشى أن تكون آلة التحكم قد عادت بقوة إلى المشهد السياسي المغربي لتحرق الأخضر واليابس، ولتواصل إخراج الكوابيس نفسها التي عاشها المغاربة في المسلسل الانتخابي الأخير».. «يروج حزب الأصالة والمعاصرة مرشحه حكيم بنشماس لرئاسة مجلس المستشارين.. لا يقبل أن يستغل مرشح البام وضعه الاعتباري أو قربه من مراكز القرار لإكراه البعض على مساندته للتعدي على حقوق الآخرين»..

الموقفان أعلاه ليسا لعبد الإله بنكيران، زعيم حزب العدالة والتنمية.. إنهما لحليفين رئيسين لحزب الأصالة والمعاصرة؛ الموقف الأول ليونس مجاهد، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، في عمود «بالفصيح» على صدر جريدة حزب الاتحاد الاشتراكي، والموقف الثاني لعبد الله البقالي، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، في عمود «حديث اليوم» في جريدة العلم، لسان حزب علال الفاسي.
ماذا جرى حتى اكتشف الاتحاد والاستقلال أن البام آلة من آلات التحكم؟ وأين كان الحزبان من هذه الخلاصة عندما وضعا أيديهما في يد الجرار، وانخرطوا في جولة طويلة لمحاربة الإصلاحات الديمقراطية، والتآمر على الحكومة من خارج الآليات الدستورية التي تسمح بها المنهجية الديمقراطية؟ لماذا ساهم الحزبان العريقان في تبييض سيرة البام، واستخراج شهادة ميلاد شرعية له بعد خطيئة الولادة؟ هل فهم الحزبان الآن، والآن فقط، أن دور البطولة محجوز للبام من قبل الدولة العميقة، وأن من سيشارك في هذا الفيلم لن يلعب إلا دور الكومبارس؟ هل استوعبا متأخرين أن البام لا يأكل من حصة «البي جي دي» في السوق الانتخابي، لكنه يأكل من حصص الأحزاب الأخرى، وخاصة الاستقلال والحركة الشعبية والأحرار، والاتحاد إلى حد ما؟ هل فهمت قيادات هاذين الحزبين أن التحكم الجديد له عنوان كبير هو البام، وأن الانتخابات الأخيرة كشفت المستور، ولم تبق للحزبين سوى الفتات، وأن الخناق سيشتد حول عنق الميزان والوردة مع اقتراب استحقاق 2016، لأن مقتضيات التقاطب مع «البي جي دي» تتطلب تعبئة كل الوعاء الانتخابي الذي في حوزة الأعيان والأحزاب الأخرى لمواجهة بنكيران وحزبه؟ فمادام هذا الأخير يرفض التحالف مع إلياس العماري ورفاقه في الحكومة المقبلة، فلا مناص من أن يحارب الجرار لاحتلال الصدارة في انتخابات 2016 حتى يقطع الطريق على فوز المصباح بالمرتبة الأولى.
عندما كان حزب العدالة والتنمية يحارب البام، ولو بالكلام، وقع شباط ولشكر مع الباكوري على شكاية موجهة إلى القصر الملكي ضد رئيس الحكومة. الآن يتساءل شباط بمرارة: «واش البام هو الدولة؟ واش الانتقال للمساندة النقدية للحكومة يهدد الدولة؟ لماذا لم يؤجلوا المتابعات القضائية إلى غاية مرور انتخابات رئاسة مجلس المستشارين؟ ألا تحمل هذه المتابعات شبهة ترجيح كفة على كفة؟».
تذكرني المرارة التي يعبر بها شباط الآن بالمرارة التي كان يتحدث بها قادة الحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار عندما خرجوا مهزومين من معركة انتخابات 2011 بعد دخول مغامرة G8، حيث نزلت لعنة البام على هؤلاء. الحكاية نفسها تتكرر الآن مع الاتحاد والاستقلال اللذين عاقبتهما الطبقة الوسطى في المدن، وأخرجتهما من الحواضر إلى البوادي جراء تحالفهما غير الطبيعي مع حزب غير طبيعي.
ليس ضروريا أن يتحالف حزبا الاستقلال والاتحاد الاشتراكي مع العدالة والتنمية، وليس ضروريا أن يتماهى اليسار مع التيار المحافظ الذي يعرف صعودا سياسيا بسبب عوامل سوسيولوجية وثقافية، لكن من المهم أن يظل حزب عبد الرحيم بوعبيد وحزب علال الفاسي حزبين مستقلين وديمقراطيين (لقد تألم جل الاتحاديين عندما بلغهم خبر استعمال لشكر في الربع ساعة الأخير في حكومة عباس الفاسي من طرف البام)، واستاء استقلاليون كثر عندما علموا أن البام صار يصوت في انتخابات الأمين العام لحزب الاستقلال، وأن جل وزراء الحزب في اللجنة التنفيذية يتشاورون مع الجرار لكي يحضروا أو يتغيبوا عن الاجتماعات الحزبية.
البام، الذي صار جل السياسيين والصحافيين والمعلقين يخشونه أو يتجنبون انتقاده أو يسخرون أنفسهم للدفاع عنه، ليس حزبا.. إنه هاجس وخوف من الديمقراطية… (الفديك) الذي خلق في الستينات كان جواب النظام عن راديكالية اليسار، الذي كان ينازع في الحكم وفي شرعيته، وكانت بعض فصائله تعتبر أن النظام الجزائري هو النموذج المثال (الجميع يتذكر انحياز الشهيد بنبركة إلى الجزائر في حرب الرمال مع المغرب سنة 1963)، فكان حزب رضا اكديرة، أي حزب الدولة، هو الجواب السياسي لتلك المرحلة المطبوعة بالصراع الحاد… بعد 40 سنة جاء البام ليعيد الكرة، وليقدم الجواب القديم لأطراف في الدولة تخشى أسطورة «التسونامي الإسلامي»، ويقول «إن حزبا للدولة جديدا بغلاف يساري وجوهر تحكمه يميني هو الحل، ولا تعولوا على أحزاب الحركة الوطنية التي هرمت وشاخت، فمن الأفضل إزاحتها من الطريق لأنها صارت عبئا»… نسي هؤلاء أن مياها كثيرة جرت تحت الجسر، وأن الإجماع الموجود اليوم حول المؤسسة الملكية لم يتوفر لأي من ملوك المغرب وسلاطينه، وأن الأحزاب كلها ملكية، وكلها مقتنعة بدور استراتيجي للملك في قيادة المغرب، وأن محمد السادس ليس هو الحسن الثاني… نسوا ذلك وقليلون من يذكرونهم للأسف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

”البام” مرة أخرى ”البام” مرة أخرى



GMT 10:14 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«أوراقي 9».. محمود الشريف الدور 9 شقة 4!

GMT 10:11 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات دمشق

GMT 10:10 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الشرع من موسكو إلى واشنطن

GMT 10:09 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أما آن للمغرب العربي أن يتعافى؟

GMT 10:08 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الجهل قوّة يا سِتّ إليزابيث

GMT 10:07 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية: هل سيشكر ترمب ممداني؟

GMT 10:05 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«حزب الله» في بيانين

GMT 10:04 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس كَمَنْ سمع

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib