قوالب الوزراء

قوالب الوزراء

المغرب اليوم -

قوالب الوزراء

توفيق بو عشرين

الملياردير عزيز أخنوش، ومدير الميزانية فوزي لقجع، ووزير المالية الحاج بوسعيد، الثلاثة نصبوا فخا مدروسا لرئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، الأسبوع الماضي، إبان إعداد مشروع القانون المالي الجديد، ولأن هذا الأخير «نية»، ولأن معاونيه مشغولون عن الأرقام، ولأن إدريس الأزمي أصبح متفرغا بالكامل لإدارة مدينة فاس ونسي أنه وزير للميزانية، فإن رئيس الحكومة سقط ضحية «مقلب سياسي ومالي»..

نعم، رئيس كل الوزراء «زلق» في المادة 30 من مشروع القانون المالي، ولم يجد من وزرائه ولا من أعضاء ديوانه من ينبهه قبل دخول مجلس الحكومة للمصادقة على القانون المالي، ومن يقول له: «إن صندوق تنمية العالم القروي، الذي ستوضع فيه ميزانية تبلغ 55 مليار درهم على مدى سبع سنوات لفك العزلة عن 12 مليون مغربي، وفق ما أعلنه الملك محمد السادس في خطاب العرش..

هذا الصندوق الذي كان تحت تصرفك كرئيس للحكومة صار تحت تصرف وزيرك في الفلاحة، وإن هذا الأخير لم يعد يحتاج إلى توقيع رئيسه لكي يصرف أكبر ميزانية للنهوض بالعالم القروي في تاريخ المغرب. أكثر من هذا، فإن المادة 30 في مشروع القانون المالي الجديد الموضوع على جدول الأعمال تنص على إمكانية أن يفوض وزير الفلاحة، المكلف بقبض موارد هذا الصندوق وصرف نفقاته، إلى الولاة والعمال القبض والصرف، ما يعني أن وزير الفلاحة سيُصبِح «رئيسا لحكومة مصغرة» تصرف مليارات الدراهم الآتية من ميزانيات وزارات عدة، على رأسها التجهيز والنقل والداخلية والصحة والتعليم والماء والكهرباء».
لم يجد رئيس الحكومة من يقول له هذا الكلام، ولهذا دخل إلى المجلس الحكومي وصادق على مشروع القانون المالي بكل مواده، وحملته الأمانة العامة للحكومة إلى البرلمان.
يبدو أن أخنوش وبوسعيد ولقجع لم يسمعوا عن شيء اسمه الدستور الجديد، وأن حتى عباس الفاسي، وهو أضعف وزير أول في كل الحكومات المتعاقبة، كان يوقع شيكات صندوق تنمية العالم القروي، وكان هو الآمر بالصرف، فماذا بعد إقرار الدستور الجديد؟ وماذا بعد أن صار هذا الصندوق يحتوي على المليارات من الدراهم؟ ينص الدستور في الفصل 89 على ما يلي: «تعمل الحكومة تحت سلطة رئيسها على تنفيذ البرنامج الحكومي وضمان تنفيذ القوانين، والإدارة موضوعة تحت تصرفها». الفصل 90 من الدستور أكثر وضوحا وجزما في ما يتعلق بمصدر السلطة التنظيمية، حيث يقول: «يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية، ويمكن أن يفوض بعض سلطه إلى الوزراء».
أيها السادة، الدستور موجود لتنظيم السلطة وليس للاستئناس به، والدستور ليس أوراقا وجملا وعبارات مسكوكة. هو تعاقد سياسي وقانوني بين الشعب ومن يحكم، وهو أعلى وأسمى قانون موجود في البلاد، واحترامه من احترام الشعب والديمقراطية ودولة القانون، وإذا حولناه إلى تمثال حلوى نلهو به ثم نأكله، فرحمة الله على دولة الحق والقانون.
لماذا لم تتم مصارحة رئيس الحكومة بهذا التغيير الجذري في الآمر بالصرف في صندوق يشرف على مشروع ملكي كبير مثل هذا؟ لماذا سكت وزير المالية ومدير الميزانية في وزارة المالية ووزير الفلاحة عن هذا الأمر الذي «دُس» بعناية بين الأوراق الكثيرة للقانون المالي حتى يمر بسلام من تحت الطاولة في المجلس الحكومي؟ ما هو المبرر لسحب توقيع رئيس الحكومة من شيكات هذا الصندوق ووضع توقيع وزير الفلاحة، وفتح إمكانية تفويض هذا الأخير إلى الولاة والعمال الصرف من هذا الصندوق؟ أسئلة عديدة يمكن طرحها في هذه النازلة، وهنا ينتفي مبدأ حسن النية والثقة المفروضة بين رئيس الحكومة ووزرائه، وبين الحكومة والإدارة الموضوعة دستوريا تحت تصرف رئيس الحكومة… يبدو أن ترتيبات 2016 بدأت باكرا هذه المرة، والمسلسل مشوق.
في معرض الفلاحة الأخير بمكناس، تقدم مدير شركة «كوسيمار» للسلام على رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، وأثناء تناول الطعام سأل بنكيران بطريقته التي تجمع بين الجد والهزل مول السكر: «واش نتوما اللي تتصنعو دوك القوالب انتاع السكر؟».. ضحك الجميع من السؤال وصيغته، لكن لم يتصور الحاضرون أن صناعة القوالب ستصير مهنة حكومية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قوالب الوزراء قوالب الوزراء



GMT 10:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

‏مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:45 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:42 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 10:39 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

«تسونامي» اسمُه ممداني

GMT 10:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... حكاية الذَّهب والحرب والمعاناة

GMT 10:33 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib