ومازالوا مختلفين
دونالد ترامب يأمر بتحرير لوس أنجلوس من غزو المهاجرين على خلفية احتجاجات واسعة اندلعت بسبب عمليات ترحيل إسرائيل تدعو إلى سحب قوات الأمم المتحدة اليونيفيل مع الدولة اللبنانية جيش الاحتلال الإسرائيلي يُهاجم سفينة الحرية المحملة بمساعدات إنسانية أثناء اقترابها من شواطئ قطاع غزة المنتخب البرتغالي يُتوج بلقب دوري الأمم الأوروبية لكرة القدم للمرة الثانية في تاريخه نادي بريشيا الإيطالي لكرة القدم يتجه لإعلان إفلاسه بعد نحو 114 سنة على تأسيسه نفاد تذاكر المباراة الودية بين المغرب والبنين التي ستجري مساء الإثنين بفاس واتساب يختبر أداة جديدة تتيح للمستخدمين إنشاء روبوتات دردشة مقتل امرأة برصاص الشرطة الألمانية بعد طعنها شخصين في ميونخ وزارة الصحة الفلسطينية تعلن توقف 23 مستشفى عن العمل في غزة بسبب اعتداءات الاحتلال وزارة الصحة الفلسطينية تعلن ارتفاع عدد الشهداء منذ فجر اليوم الأحد إلى 21 في غارات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة
أخر الأخبار

ومازالوا مختلفين

المغرب اليوم -

ومازالوا مختلفين

توفيق بو عشرين


هناك دائماً مواجهات وصراعات وتباين رؤى وتعارض مصالح واختلاف وجهات نظر بين الفقراء والأغنياء.. بين المحافظين والحداثيين.. بين المتدينين والعلمانيين.. بين الحاكمين والمحكومين…

لكن مع اختلاف كل هذه الفئات، هناك قناطر يمكن تركيبها بين ضفتي معسكري الطرفين، ليعبر كل طرف نحو الآخر، وهناك دائماً إمكانية ميلاد توافقات يمكن نسجها بين المتصارعين للوصول إلى إدارة الصراع بينهم سلميا وحضاريا، وهناك دوما ضريبة يمكن أن يدفعها كل طرف ليقبل بالآخر، وهناك في الغالب الأعم مجال للتنازلات المشتركة بين المتصارعين، لكن من يراها ومن يقبل بها؟ هذا هو السؤال.

لنبدأ بالفقراء والأغنياء.. هناك من الأغنياء من يعتبر أن الفقراء هم وحدهم المسؤولون عن فقرهم، لأنهم لم يتعلموا، أو لم يشتغلوا، أو لم يغامروا لكسب الثروة، ومن ثم فإن مسؤولياتهم في أعناقهم وليست في عنق الدولة أو الأغنياء والقادرين، والحل بالنسبة إلى الأغنياء، أو الجزء الأكبر منهم، هو السعي إلى اكتساب السلطة للحفاظ على الاستقرار، وحماية الرأسمال، وإدارة المجتمع، لتنظيم الندرة بين الفقراء، وتوزيع الوفرة بين الأغنياء. وهناك، في المقابل، من الفقراء من يرى أن الأغنياء لم يكسبوا الثروة إلا على ظهور الفقراء، وأن جشعهم وفسادهم واحتكارهم هي سبب الفقر الذي يضرب الجماهير الشعبية، وأن الحل هو الثورة التي تعيد السلطة للفقراء، وتمكن البروليتاريا من أعناق مالكي وسائل الإنتاج، ومن ثمة مصادرة ثروات الأغنياء، وإعلان الجمهورية الفاضلة في الأرض…

بين هاذين الحدين من التناقض وصل الفكر البشري إلى توافق يقول إن الفقير هو الشخص الذي لم يعط فرصة لصبح غنيا، وإن من مسؤولية الدولة أن ترعى تكافؤ الفرص، وأن تحقق العدالة الاجتماعية، وأن تضمن الحد الأدنى من العيش للجميع، وبعدها فليتنافس المتنافسون، وإن الغني هو شخص عمل واجتهد، وإن من مسؤوليته أن يشتغل أكثر ويدفع ضرائب أكبر، لا أن يعيش في جزيرة الأحلام وسط بحر من الفقر والتهميش والهشاشة، بل يجب أن يساهم في التنمية ويجعل للرأسمال مسؤولية اجتماعية…

بين الإسلاميين والعلمانيين في العالم العربي اليوم حروب ودماء وصراعات. الإسلاميون يعتبرون أنهم الأحق بالحكم والسلطة على الدولة والمجتمع، لأنهم يمثلون أتباع الدين الإسلامي، ولأنهم الأكثر شعبية وسط المجتمعات العربية المحافظة، ولأن خصومهم أذناب الاستعمار، ووكلاء التغريب في أوطانهم، ولهذا فإن ظهر السلطة لا يحمل إلا طرفا واحدا. والعلمانيون يرون في الإسلاميين بقايا التخلف من عصر الانحطاط، وأن الملتحي يعتبر نفسه مبعوث السماء إلى الأرض، وأنه يكفر بالحضارة والتقدم، ويريد أن يفرض وصايته الدينية على الدولة والمجتمع، ولهذا لا ديمقراطية مع غير الديمقراطيين…

بين حدي هذا التناقض يمكن إقامة مساحات للتوافق على المبادئ العامة التي لا تختلف حولها الأديان والحضارات والثقافات، ومنها العدل والحرية والكرامة وحقوق الإنسان… وأن نترك تنافر الإيديولوجيات لصندوق الاقتراع المؤطر بمبادئ الديمقراطية، وأن يسعى الجميع إلى إبعاد المتطرفين في المعسكرين معا نحو الأطراف، وترك المعتدلين في الوسط يقودون الأغلبية نحو توافقات تاريخية لإدارة المرحلة الانتقالية، خوفا من الحرب الأهلية والنزعة التسلطية والاحتراب الداخلي…

اليوم السوريون والليبيون واليمنيون والعراقيون لا يعرفون كيف يتفاوضون على الحلول الوسطى، ولم يتدربوا على التنازلات المشتركة، ولا يرون إلا صيغة «رابح خاسر»، ولم يتعرفوا بعد على صيغة «رابح رابح»، والنتيجة ما نراه من قتل ودمار ووحشية تذكر العالم بأحوال القرون الوسطى…

السياسة هي فن الممكن، والتعايش هو الطريق نحو التقدم، والانفتاح على الآخر هو سبيل البناء. لا يدقق العقلاء في الإدارة والحكم في خصائص كل طرف وميزاته وعيوبه ومشاكله، بل يدققون في ما يمكن أن يفعلوه وينجزوه مع هذا الآخر، بغض النظر عن أفكاره ودينه ومعتقداته واختياراته. يقول تعالى: «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ومازالوا مختلفين ومازالوا مختلفين



GMT 21:27 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

دوره الأخير

GMT 21:24 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

غربال التاريخ المتحرك

GMT 21:22 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

إيران... انعطافات حادة يميناً ويساراً

GMT 21:21 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

عوامل استقرار الشرق الأوسط واضطرابه

GMT 21:20 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

عن ليبيا والحاجة لطوق النجاة

GMT 21:19 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

لا يفوتك في هذا النص

GMT 21:17 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

أوكرانيا وغزة

GMT 21:16 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

إيران ــ أميركا: دبلوماسية قلم الحبر

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib