مازالت الطريق طويلة

مازالت الطريق طويلة

المغرب اليوم -

مازالت الطريق طويلة

بقلم ـ توفيق بو عشرين

الخلاصة التي يمكن الخروج بها من تقرير المجلس الأعلى للحسابات، وقرارات الملك القاضية بإنزال عقوبات بالوزراء الحاليين والسابقين، هي أن البلاد تدار بشكل سيئ وتحكم بشكل جيد، أي أن المغرب يعاني مشاكل الحكامة لا مشاكل الحكم، وأن ربط المسؤولية بالمحاسبة، بين الحين والآخر، كفيل بحل مشاكل الدولة مع المجتمع، وتهدئة الخواطر، ورجوع المياه إلى مجاريها في الريف وزاكورة، وغيرهما من بؤر التوتر الاجتماعي.

هذه صورة شديدة التبسيط لوضع شديد التعقيد، وهي صورة فيها غير قليل من الشعبوية التي التقطها الجمهور بشهية مفتوحة وهو يلتهم لحم تسعة وزراء حاليين وسابقين، في انتظار أن يلقى بـ14 من المسؤولين الصغار إلى الجمهور المتعطش للدم من فرط غياب المحاسبة لعقود طويلة.

البلاد بحاجة ماسة إلى أطنان من مادة التطهير «جافيل» لغسل أروقة الوزارات والإدارات والمؤسسات العمومية وقنوات اتخاذ القرارات، والبلاد بحاجة إلى معاقبة مئات المسؤولين الذين قصروا ويقصرون في أداء مهامهم بجهل أو بسوء نية، حيث يفوتون على البلاد فرصا كبيرة للنهوض والإصلاح، والبلاد بحاجة ماسة إلى إرساء آليات ومؤسسات لتقييم السياسات العمومية، ووقف هدر المال العام، وضمان النجاعة والعقلانية والحكامة الجيدة، لكن السبيل إلى كل هذه المهام الحيوية المتصلة بمشروع إصلاح الدولة، ليس اتخاذ قرارات فوقية وانتقائية، وبمزاج يتغير مع تغير أحوال الشارع.

إرساء آليات الثواب والعقاب يجب، أولا، أن يكون عبر صناديق الاقتراع، وعبر تطوير نظامنا الانتخابي، ليصير المواطن قادرا على محاكمة الوزراء والأحزاب والسياسات العمومية والقرارات الكبرى كل خمس سنوات، والحال أن نظامنا الانتخابي اليوم لا يؤدي هذه الوظيفة على الوجه المطلوب، لأن «صناعة الانتخابات» لدينا مغشوشة، وحتى عندما لا تتعرض الأصوات للتزوير المفضوح، فإن النتائج تتعرض للتزوير المغلف، فتخرج الأغلبيات مبرقعة، والحكومات في واد ونتائج الانتخابات في وادٍ آخر.

يروي مؤرخو الحقبة الملكية في مصر أن اجتماعا عقد في قصر الملك الشاب فاروق في الأربعينات قبل إجراء الانتخابات البرلمانية، التي كانت أغلبية المؤشرات تقول إن حزب الوفد بزعامة النحاس باشا سيفوز بها، فاقترح بعض حاشية الملك، الذي كان يكره الوفد والنحاس، فكرة تزوير الانتخابات لكي لا يصعد عدو القصر إلى الحكومة، فما كان من أحد الدهاة، أو من يسمون بالثعالب العجوزة، إلا أن اقترح فكرة جهنمية تقول: ‘‘لا نزور الانتخابات لأن الأمر مكلف جدا، لكننا سنزور نتائج الانتخابات، بأن ندفع أحزاب الأقلية إلى التكتل لتشكيل حكومة الأقلية عوضا عن حكومة الوفد التي تحظى بالأغلبية، فيصبح الوفد فائزا في الانتخابات لكنه خاسر في الحكومة’’، وذلك ما جرى، وبقية القصة معروفة.

الآلية الثانية التي تحتاج إليها الحكامة في المغرب هي الاحتكام إلى الدستور، وتطوير المنظومة القانونية التي ترسي قواعد الحكامة الجيدة، فالملاحظ أن البلاد تدار الآن بدستور عرفي غير مكتوب، تتشابك على ضفته الاختصاصات والصلاحيات، ويتبع فيه الوزراء تارة لرئيس الحكومة، وتارة لمبادرات المحيط الملكي، وتارة لمراكز القوى ولوبيات المصالح، وتارة لحساباتهم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مازالت الطريق طويلة مازالت الطريق طويلة



GMT 18:22 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

3 في مسرح السلام

GMT 06:48 2017 الأحد ,23 إبريل / نيسان

للبيت أعمدة لا تحميه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون

GMT 15:10 2013 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

ما صدر في قضية بورسعيد قرار والحكم 9 مارس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib