غزوة جنسية في حافلة
الرئيس الأميركي يبدأ جولة دبلوماسية في منطقة الخليج العربي من 13 إلى 16 مايو 2025 تشمل السعودية والإمارات السلطات السورية تعتقل كامل عباس أحد أبرز المتورطين في مجزرة التضامن في دمشق وزارة الصحة الفلسطينية تعلن الحصيلة الإجمالية منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023 بلغت 51,266 شهيدًا و116,991 إصابة الشرطة الإسرائيلية تبحث عن رجل مفقود بعد تعرضه لهجوم سمكة قرش قبالة الساحل إسرائيل تحذف تعزية في وفاة البابا فرنسيس بعد موجة غضب واسع وردود فعل غاضبة من متابعين حول العالم وفاة الفنان المغربي محسن جمال عن 77 عاماً بعد صراع مع المرض الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة تقرر توقيف منافسات البطولة الوطنية في جميع الأقسام بصفة مؤقتة وطارئة الصين تطلق ستة أقمار اصطناعية تجريبية من طراز "شيان 27" إلى الفضاء شاب يخسر أكثر من 2400 دولار بعد تحميل صورة عبر واتساب وزارة الصحة الفلسطينية تعلن عن نقص حاد فى مواد الفحص يحرم مرضى الأورام من التشخيص
أخر الأخبار

غزوة جنسية في حافلة

المغرب اليوم -

غزوة جنسية في حافلة

بقلم - توفيق بو عشرين

المراهقون الستة الذين اغتصبوا فتاة مختلة عقليا في حافلة عمومية في واضحة النهار، لم يغتصبوا، فقط، إيمان في مدينة الدار البيضاء، بل اغتصبوا أمة بكاملها، وعروا واحدا من أعطاب المجتمع والدولة، وسمحوا لـ34 مليون مغربي بأن يروا صورتهم في مرآة. فتاة معاقة تصرخ بأعلى صوتها ألما وخوفا ورجاء، دون أن تجد يدا تمتد لمساعدتها، ودون أن ترق قلوب الشباب لحالها، بل، على العكس من ذلك، كلما صرخت أكثر، هاجت غرائز الشباب تجاه لحم الفتاة أكثر. ولتخليد هذه الغزوة الجنسية، حمل الشبان كاميرا الهاتف، وبدؤوا يوثقون جريمتهم وهم في نشوة وسعادة لا مثيل لهما.

الأسوأ من جريمة عصابة المراهقين، أن سائق الحافلة لم ير ضرورة لوقف الرحلة، أو للتدخل لزجر الشباب عن أفعالهم الإجرامية، أو لمساعدة الفتاة للهروب من الذئاب الجائعة، بل استمر جالسا وراء المقود، ولم يكلف نفسه حتى عناء النهي عن المنكر بلسانه، فما بالك بيده، وهو المستأمن على سلامة الركاب وأمنهم، والأخطر من هذا وذاك هو التعاطف الذي لقيه الشباب الجانح من أبناء الحي الذي يقطنون به، حيث صرح بعضهم أمام الكاميرا بأن المعتدين على إيمان كانوا فقط يلعبون! وأن الضحية مختلة عقليا! وأنه لا يجوز أن يذهب الشبان إلى السجن لمجرد أنهم «بسلوا» على ابنة حيهم، التي كانت هي الأخرى «تتشمكر معهم».


 
أكثر من هذا، عمدت عائلات الشبان الستة إلى الضغط على والد الضحية للتراجع عن أقواله في محضر الشرطة، وإنكار أن ابنته إيمان هي التي ظهرت في شريط الفيديو الذي جاب العالم، وتحدثت عنه مختلف وسائل الإعلام. سبب كل هذا التعاطف مع الجاني هو أن التحرش الجنسي والاغتصاب والاعتداء على ذوي الاحتياجات الخاصة ليست جرائم في عرف المجتمع وثقافة جل المغاربة، وأنه بسبب الوضعية الدونية للمرأة في المجتمع، يميل الناس، في الغالب، إلى إدانة الضحية والتماس الأعذار للجاني، حتى عندما يكون متلبسا بجرمه.

السعار الجنسي الذي انتاب الشبان الستة في حافلة عمومية، ودفعهم إلى التحرش بفتاة ضعيفة، واغتصابها أمام الكاميرات، لا يعبر فقط عن الكبت الجنسي، ولا عن قلة التربية، وعن عدم الخوف من القانون، فالإنسان كثيرا ما يدفن داخل رغبته الجنسية إحساسه باليأس والإحباط والظلم والضآلة واللاجدوى، وكلها مشاعر يعانيها الفقراء في المغرب. هؤلاء أبناء البطالة والهشاشة والحگرة والزحام، يعيشون مكتظين في حجرات ضيقة، ومبان عشوائية، بلا خدمات، ولا مرافق، ولا مستقبل، ولا تأطير. يعيشون بلا احترام لكرامتهم أولا، ولأجسادهم ثانيا، فكيف تريدون منهم أن يحترموا أجساد النساء في الشارع، والتي أصبحت مستباحة بالكلمة أو اللمسة أو العنف أو الاغتصاب؟ لا تسلم اليوم أي فتاة، كيفما كان لباسها أو شكلها أو سنها أو مستواها الاجتماعي، من التحرش الجنسي بكل مستوياته، وهي ظاهرة لم تكن في المغرب بهذه الكثافة التي نشهدها اليوم، وعوض أن تنقص هذه الظاهرة مع الانفتاح الجاري في المجتمع، ومع الاختلاط الجاري بين الجنسين، ومع تطور وسائل التواصل والاتصال، فإنها تزداد، خاصة في صفوف الشبان والجيل الصاعد… وهو ما يحمل على الاعتقاد بأن الظاهرة لا ترتبط بجوع جنسي، بل بإحباط نفسي واجتماعي يغذيه تدين شكلي قتل الجوهر الروحي للدين وأبقى على المظاهر…

الإسلام الرسمي اليوم مثله مثل الإسلام الوهابي، لا يركز في المساجد والتلفزيون والفتاوى والكتب والجرائد والخطب إلا على الطقوس الدينية بمنأى عن السياق الاجتماعي الذي تُمارس فيه، وعلى الولاء للحاكم، والتدخل لتهدئة الاحتجاجات بدعوى الخوف من الفتنة، لذلك، لا ينفع التدين الذي يزداد انتشارا في كبح الغرائز، ولا في تهذيب السلوك، ولا في زرع قيم العدل والمساواة والرحمة واحترام الآخر، وضبط النفس، والتحلي بقيم المواطنة والمدنية والتحضر.

الخلاصة أن مصادر التربية في مجتمعنا ثلاثة: الأول هو الأسرة، وهي بنية مرهقة اليوم، تعاني التفكك الناتج عن اتساع الفقر والهشاشة الاجتماعية. المصدر الثاني هو المدرسة، وهذه أحوالها لا تسر، وقد انهارت وظيفتها في التعليم أولا، وفِي التربية ثانيا. المصدر الثالث هو المسجد، وهو في يد الدولة التي لا مشروع لديها للإصلاح الديني، ولا لترشيد التدين وربطه بمقاصده العليا ومثله الأخلاقية لأن هم الدولة الوحيد في هذا الحقل هو «الضبط الديني» (le contrôle idéologique).

ماذا بقي، إذن، من فضاءات أمام الشباب لاكتساب السلوك المدني والقيم الأخلاقية في ظل دولة الحق التي تحيا فيها المجتمعات الحديثة؟ بقي القانون، وهذا لا يصبح نافذا دون قناعة وجهاز. القناعة هي إيمان الناس به، واقتناعهم بأن احترام القانون وتطبيقه في صالحهم، وهو الطريق لتجنب الفوضى والاقتتال الجماعي. والجهاز هو الذي يملك إمكانات وعقيدة وموارد بشرية لإنفاذ القانون على الجميع، لأنه يمثل سلطة شرعية أوكل إليها المجتمع تطبيق القانون.

ما جرى في حافلة madinabus جريمة لها سوابق كثيرة، وليس استثناء من قاعدة. الذي حدث فقط أن نقله عبر الكاميرا صدم الوعي الجماعي للأقلية التي مازال ضميرها يتحرك ويشعر بوخز الإبر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزوة جنسية في حافلة غزوة جنسية في حافلة



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:48 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أحدث موديلات الجينز من مجموعة أزياء كروز 2020

GMT 21:16 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

الغيرة تفسر أزمات بيريسيتش في إنتر ميلان

GMT 17:15 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

دراسة طبية تكشف دور البذور والمكسرات في حماية القلب

GMT 00:11 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

خلطة التفاح تساعد على سد الشهية وفقدان الوزن

GMT 10:25 2018 الإثنين ,26 آذار/ مارس

إيلي صعب يكشف عن مجموعته لربيع وصيف 2018

GMT 01:51 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الفنانة بشرى تفصح عن سبب ابتعادها عن الفن أخيرًا

GMT 12:22 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

عموتة يفوز بجائزة أفضل مُدرِّب في أفريقيا

GMT 02:40 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة يعلن صعوبة انتقاء الأغنية الأفضل

GMT 14:17 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

قصيدة عشّاق

GMT 06:19 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

لجين عمران تتألّق خلال افتتاح فندق الحبتور في دبي

GMT 14:15 2016 الأربعاء ,30 آذار/ مارس

هجمات بروكسيل و سؤال العنف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib