إنه مغربي يا سيادة القاضي
إسبانيا تمنح شركة إيرباص إستثناءً لاستخدام التكنولوجيا الإسرائيلية رغم حظر السلاح بسبب حرب غزة الجيش الصومالي يقضي على أوكار حركة الشباب في شبيلي السفلى ويستعيد مواقع إستراتيجية إحتجاجات حاشدة في الصومال رفضاً لاعتراف إسرائيل بصومالي لاند وتصعيد دبلوماسي في مجلس الأمن البرلمان الإيطالي يقر موازنة 2026 ويمنح الضوء الأخضر النهائي لخطة خفض العجز هزة أرضية بلغت قوتها 4.2 درجة على مقياس ريختر تقع عرض البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل السورية فون دير لاين تؤكد إنضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي ضمانة أساسية للأمن والسلام إعتقالات واسعة في اللاذقية وطرطوس تطال رموزًا أمنية من نظام الأسد بعد أعمال عنف وتحريض طائفي الولايات المتحدة تفرض عقوبات على كيانات في إيران وفنزويلا بسبب الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية تفاؤل بانتعاشة قوية للدولار الكندي في 2026 بدعم تحسن الاقتصاد وتغير مسار الفائدة سرقة 30 مليون يورو في عملية إحترافية تستهدف خزانة أحد البنوك في مدينة جيلسنكيرشن غرب ألمانيا
أخر الأخبار

إنه مغربي يا سيادة القاضي

المغرب اليوم -

إنه مغربي يا سيادة القاضي

بقلم - توفيق بو عشرين

طرح القاضي الجنائي، علي الطرشي، سؤالا غريبا، أو قل مستغربا، على المتهم في ملف حراك الريف، محمد الحمدالي، وقال له: «هل أنت مغربي؟»، فغضب كل من كان في قفص الاتهام، وملأت الاحتجاجات قاعة المحكمة، وطالب الدفاع بسحب السؤال والاعتذار إلى المتهم شرطا لاستئناف أطوار المحاكمة.

الحمدالي، وبعدما شرح للمحكمة دلالات العلم الأمازيغي، الذي كان يرفرف في تظاهرات الريف، وأن هذا العلم جزء من التراث المغربي، أصر القاضي على طرح السؤال المستفز: «واش انت مغربي؟»، فرد المتهم: «أنا مغربي وأفتخر»..

هذه ليست أول مرة يطرح فيها السؤال حول وطنية شباب الريف، الذين خرجوا يطالبون بحقوقهم الاجتماعية في الشارع، فقد سبق لحكومة العثماني أن اتهمتهم بالخيانة والعمالة للخارج، قبل أن ترتبك وتراجع تصريحاتها في بلاغ مكتوب مناقض لتصريحات زعماء الأغلبية في بيت العثماني بسلا… وطبعا تبعت الحكومة وسائل إعلامها في تخوين الشباب، والشك في وطنيتهم، باعتبار أن هذا هو السلاح المدمر الذي يمكن أن يستعمل مع أي معارض، لما له من دلالات عاطفية تحجب إعمال العقل، وتضلل البسطاء من الناس الذين لا يفرقون بين الوطن والنظام، وبين النظام والحكومة، وبين الحكومة والقانون والقضاء والحقوق الأساسية للبشر، بما فيها الاختلاف حتى حول مفهوم الوطن.

لنخرج من قاعة محكمة الاستئناف في البيضاء، ولندخل إلى نقاش هادئ وبيداغوجي حول الوطنية، والبحث عمن هو الوطني ومن ليس بوطني.

الوطنية، ببساطة ودون الدخول في دلالات المفهوم الفلسفية والسوسيولوجية، هي إحساس فرد بالانتماء إلى أرض، عليها تاريخ وثقافة وتراث مشترك، والوطنية تعني وجود ولاء للفرد تجاه الوطن، واستعداد للتضحية من أجل استقلال ورفاهية وتقدم هذا الوطن، ووظيفة المشاعر الوطنية أنها تبني الانتماء القومي للجماعة، وتحفزها على التضحية من أجل الدفاع عن الوطن، وعلى العمل من أجل ازدهاره وتقدمه. الوطنية، إذن، مفهوم سياسي وأخلاقي عام يربط المواطنين بالأرض التي يعيشون فوقها، ويحول التراب إلى وطن، والجغرافيا إلى قيم، والحدود إلى انتماء.

مفهوم الوطنية، على قداسته وأهميته في بناء الأوطان وتوثيق عرى الولاء للعلم، تحيط به جملة من المفاهيم المتطرفة والخطيرة التي تهدد الوطنية ذاتها وحاملها بمثل هذه المفاهيم «الشوفينية، والفاشية، والعنصرية». لنشرح بإيجاز هذه المفاهيم وسياقها ومخاطرها على الوطنية.

في القرن الثامن عشر، كان هناك جندي متعصب يلازم نابليون بونابرت اسمه Nicolas chauvin، عرف بتطرفه في الدفاع عن فرنسا وعن قرارات حكومتها، وعن تصرفات نابليون دون منطق ولا قناعة ولا تفكير، ورغم الخسارات المتتالية، والحروب الكثيرة التي كان نابليون يخوضها، كان الجندي chauvinمتعصبا في الدفاع عنها، ويتبع قائده أينما ذهب، ويهاجم خصومه بحدة وعنف كبيرين. هنا خرج مفهوم chauvinism من اسم هذا الجندي المتعصب، وأصبح مفهوما يستعمل لوصف فرد أو جماعة أو فكر يتعصب لوطنه أو لدولته أو لقائده دون استعمال للعقل، ودون ربط الوطنية بالمصلحة وبالأخلاق والقيم.

مصطلح الفاشية، بالإنجليزيةfascism، مشتق من الكلمة الإيطالية fascio، وهي تعني حزمة من المفاتيح الكبيرة كان يحملها شخص أمام إمبراطور روما القديمة دليلًا على اتساع سلطاته. وكانت هذه السلسلة المسماة «فاشيو» تضم مفتاحا يرمز إلى سلطة الجيش، وآخر يرمز إلى سلطة القضاء، وآخر يرمز إلى سلطة حاكم، وآخر يرمز إلى السلطة على الأرض وخيراتها، ومفتاح يرمز إلى سلطة الإعدام… الفاشيو كان تعبيرا عن جمع كل هذه السلط في يد واحدة لحاكم واحد، رمز للوطن وللجماعة ولكل شيء على أرض روما.

وفي القرن التاسع عشر بدأت كلمة فاشيا «fascia» تستخدم في إيطاليا، وجاء موسوليني، في عشرينات القرن العشرين، فجعل منها نهجا في الحكم يعيد صياغة الوطنية في إيطاليا، وفي الوقت نفسه، يعادي الديمقراطية، حيث جمع بين يديه كل السلط وصار فاشيا، وقال قولته الشهيرة: «نسمع للشعب عندما يتعلق الأمر بوضع نافورة في قرية، لكن لا صوت للشعب عندما يكون القائد يصنع التاريخ»، وهكذا اختزل موسوليني الوطن والوطنية في شخص القائد.

العنصرية تعني التسليم بوهم أن هناك عرقا أفضل من آخر، وسلالة أحسن من أخرى، ولهذا وجب على الأفضل أن يحكم الأرذل، ومن تمظهرات هذه العنصرية النازية، التي ولدت بعد الحرب العالمية الأولى على يد أدولف هتلر ومن معه، حيث بحثوا عن طريقة لإعادة إحياء الأمة الألمانية التي خرجت مدمرة من الحرب العالمية الأولى، فوجدوا في نظرية تفوق العرق الآري على سواه، وضرورة الحفاظ على طهارته ولو بإبادة عرق آخر.. وجدوا في هذه النظرية العنصرية طاقة رهيبة للنفخ في الوطنية الألمانية، وإعادة تسليح الجيش وتحطيم الحدود والسيطرة على العالم، ودائما بمبررات وطنية، وبقية القصة وفاتورة خسائرها معروفة.

أمام هذه «الألغام الثلاثة» بدأت العقول المفكرة في الغرب في تفكيك مفهوم الوطنية، وتسييجها حتى لا تصبح مدمرة لأهلها وللآخرين، فجرى ربط الوطنية أو القومية بالأخلاق والقيم الكبرى (العدل، الحرية والكرامة والمساواة)، وهذا مثلا ما جعل مثقفين كبارا في الغرب ينتقدون استعمار بلدانهم دولا ضعيفة في إفريقيا وآسيا، ولم يمنعهم الوطن ولا الوطنية من انتقاد دولهم في محاولة لفك الارتباط بين سلوك الأنظمة والحكومات ومفهوم الوطن المسيج بقيم أخلاقية لا تبدلها المصالح، وهذا، مثلا، ما دفع الصحافي الأمريكي سيمور هيرش إلى فضح جرائم سجن أبوغريب التي تورط فيها الجيش الأمريكي في العراق، ولم يمنعه حبه لأمريكا وولاؤه لها من كتابة تحقيق أصبح وثيقة لإدانة الجيش الأمريكي في العراق، ولم يخرج أحد ليتهم هيرش بأنه غير وطني وخائن، مع أن تحقيقه تسبب في ارتفاع القتلى في صفوف الجيش الأمريكي في العراق بعد انكشاف فضيحة أبوغريب. لماذا؟ لأن الوطنية مربوطة بقيمة العدل، ولأن أفعال الجيش لا تحسب على الوطن، بل على سياسة حكومة ستزول ويبقى الوطن.

لذلك، وجب على سعادة القاضي، ومعه سعادة الوكيل العام، وقبله على سعادة رئيس الحكومة، وبعدهم جوقة الصحافة «الشوفينية»، أن يحذروا وهم يقتربون من مفهوم الوطنية، وأن يبتعدوا عن تجريد المواطنين من وطنيتهم، فهذا سلاح خطير، وقد يرتد إلى مستعمله، والله أعلم من قبل ومن بعد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنه مغربي يا سيادة القاضي إنه مغربي يا سيادة القاضي



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:07 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

زيلينسكي ينفي استهداف مقر بوتين وماكرون يكذب موسكو
المغرب اليوم - زيلينسكي ينفي استهداف مقر بوتين وماكرون يكذب موسكو

GMT 22:02 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق أميركي إسرائيلي يمنح حماس مهلة شهرين لتفكيك سلاحها
المغرب اليوم - اتفاق أميركي إسرائيلي يمنح حماس مهلة شهرين لتفكيك سلاحها

GMT 22:48 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

التحالف يؤكد دخول سفينتين إلى ميناء المكلا دون تصريح رسمي
المغرب اليوم - التحالف يؤكد دخول سفينتين إلى ميناء المكلا دون تصريح رسمي

GMT 13:59 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

انستغرام يطلق تطبيق Reels مخصص للتليفزيون لأول مرة

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 15:51 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

التعليم عن بعد في مؤسسة في سطات بسبب انتشار "كورونا"

GMT 00:41 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

Ralph&Russo Coutureِ Fall/Winter 2016-2017

GMT 01:36 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

نورتون يعرض منزله المميّز المكوّن من 6 غرف نوم للبيع

GMT 15:06 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

تألق كيني ومغربي في نصف ماراثون العيون

GMT 00:29 2025 الجمعة ,08 آب / أغسطس

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 08 أغسطس/آب 2025

GMT 18:23 2022 الإثنين ,24 كانون الثاني / يناير

شقيق محمد الريفي يفجرها"هذا الشخص وراء تدهور صحة أخي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib