بنكيران الإطفائي

بنكيران الإطفائي

المغرب اليوم -

بنكيران الإطفائي

توفيق بو عشرين

قدم رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، حصيلة سنتين ونصف من عمر الحكومة أول أمس أمام البرلمان بعقلية «الإطفائي» الذي جاء لإخماد النيران التي كانت مشتعلة في البيت المغربي.
 ولهذا فهو يقول لكم لا تحاسبوه سوى على مهمة «الإطفائي»، أما إعادة بناء ما احترق وتعويض الضحايا، والعمل على عدم تكرار الحرائق المتكررة في الجسم المغربي، فهذه مهمة أخرى.
إن استهلال بنكيران خطابه الطويل جدا أمام البرلمان بعبارة: «إن أي تقييم موضوعي للعمل الحكومي يقتضي استحضار السياق السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي جاءت في إطاره الحكومة»، هذا معناه أن رئيس حكومتنا يقول، لمن يهمه الأمر، إن أكبر إنجاز لهذه الحكومة، هو تصديها للربيع العربي الذي كان يهدد الاستقرار السياسي في المملكة. فمنذ جلست هذه الحكومة على كرسي السلطة، توقفت مسيرات 20 فبراير التي لم يكن لمطالبها سقف محدد. والإنجاز الثاني لبنكيران هو إعادة الهيبة إلى سلطة الدولة من خلال التصدي للمعطلين والنقابات والتنسيقيات التي كانت تحتل الملك العمومي. أما ثالث إنجاز فهو استعادة التوازنات المالية للمملكة بعد أن وصل العجز إلى مستويات خطيرة (6%) وذلك عن طريق تقليص الدعم عن المحروقات وتخفيض ميزانية الاستثمار. أما رابع إنجاز فهو اعتماد منهجية التعاون مع القصر عوض الصراع، وجعل الوثيقة الدستورية محل تفاوض يومي في تنزيلها، عوض احترام بنودها. أما الإنجاز الخامس فهو تقديم التجربة المغربية كنموذج في الخارج، وهذا ما سيخفف الضغط على المغرب في مجال حقوق الإنسان وفي ملف الوحدة الترابية. وقد كان لافتا تذكير بنكيران، من يحتاج إلى تذكير، بأحداث أكديم إزيك سنة 2010، ليقول إن من تكلف بها مني بالفشل وأضعف المغرب.
الاستقرار السياسي، السلم الاجتماعي، التوازنات المالية، المرونة في تنزيل الدستور، تقوية الموقع التفاوضي للمغرب في الخارج... كانت هذه أبرز الإنجازات التي قدمها بنكيران في عرضه أمام البرلمان، وهي الرسالة الأهم من عموم الرسائل التي بعثها ليلة الثلاثاء الماضي. وهنا يجب أن ننتبه إلى من هو المخاطَب الأول في عقل بنكيران... إنه القصر الذي له حساسية كبيرة من المجالات التي عرض فيها بنكيران إنجازاته، وحاول أن يظهر كم كان رئيس الحكومة الملتحي مفيدا وبراغماتيا ومرنا.
أما الشعب فقد جاء في المرتبة الثانية في اهتمامات رئيس حكومتنا، حيث استعرض مجموع الإنجازات الصغيرة والرمزية التي قدمها له (الزيادة في منحة الطلبة، زيادة 200 درهم في أجر صغار الموظفين، تخفيض أسعار بعض الأدوية، الزيادة في المعاشات الصغيرة، إطلاق حوارات وطنية حول إصلاح العدالة والمجتمع المدني، تقديم بعض الهدايا الصغيرة للمقاولات الصغرى، إحداث صندوق للتماسك الاجتماعي، وصندوق للتعويض عن فقدان الشغل في حدود «السميغ» ولمدة 6 أشهر فقط).
هكذا بدا المشهد في البرلمان يوم الثلاثاء.. رئيس الحكومة يقدم حصيلة للدولة وأخرى للشعب. الأولى من أجل تقديم أوراق اعتماد للمرحلة المقبلة، وإظهار حسن نيته واستعداده للتوافق أكثر وإزالة الألغام من الطريق، وإضعاف حظوظ «البام» في العودة إلى الواجهة من خلال إظهار حجم الأرباح التي تجنيها السلطة مع بنكيران. والحصيلة الثانية للشعب، وهي، وإن كانت متواضعة إلى الآن، إلا أن بنكيران يعول على تفهم المواطنين للإكراهات المحيطة به، واعتماده على أسلوبه الخاص في التواصل وقوة الآلة التنظيمية لحزبه.
في كل هذا، أين مشروع التحول الديمقراطي الذي كان بمثابة «وعد» التزم به الجميع في عز الربيع الديمقراطي؟ هذه حكاية أخرى سنرجع إليها فيما بعد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بنكيران الإطفائي بنكيران الإطفائي



GMT 12:24 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

«هزيمة» أم «تراجع»؟

GMT 12:23 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

الأردن في مواجهة إوهام إيران والإخوان

GMT 12:22 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

رجل لا يتعب من القتل

GMT 12:21 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

عصر الترمبية

GMT 12:18 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

السعودية وهندسة تبريد المنطقة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

قراءة لمسار التفاوض بين واشنطن وطهران

GMT 12:16 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

على رُقعة الشطرنج

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 08:42 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

لبعوض يقض مضاجع ساكنة مدن مغربية

GMT 22:51 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مولدافيا

GMT 15:54 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الشلقاني تفوز بعضوية المكتب التنفيذي لاتحاد البحر المتوسط

GMT 08:48 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "مايكل" يسبب خسائر كبيرة في قاعدة "تيندال" الجوية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib