مصر تودع الثورة وتدخل إلى حضن الاستبداد

مصر تودع الثورة وتدخل إلى حضن الاستبداد

المغرب اليوم -

مصر تودع الثورة وتدخل إلى حضن الاستبداد

توفيق بوعشرين

قال المشير، عبد الفتاح السيسي، الرئيس المصري الجديد، إن «المستقبل صفحة بيضاء، وبأيدينا سنملؤها بما شئنا».
 المشير على حق، المستقبل في مصر صفحة بيضاء، لكن الحاضر أسود والماضي أحمر... لقد قتل الجيش والشرطة المصريان 1400 قتيل، حسب منظمة العفو الدولية، لتفريق اعتصام رابعة، حيث احتشد مئات الآلاف احتجاجا على الانقلاب العسكري الذي قاده السيسي والمؤسسة العسكرية ضد رئيس منتخب اسمه محمد مرسي في 3 يونيو من السنة الماضية..
في 2012، وضع المصريون دستورا جديدا عن طريق جمعية تأسيسية، وفي 2014، وضع السيسي دستورا جديدا بواسطة لجنة معينة. في 2012، حصل محمد مرسي على 52% من أصوات المصريين في انتخابات شهد العالم بنزاهتها. في 2014، فاز السيسي، قائد الانقلاب، بـ97%من الأصوات بعد تمديد مدة الاقتراع بيوم واحد بطريقة غير قانونية. في 2012، شارك حوالي 85% من المصريين في الانتخابات، وفي 2014 قالت السلطة إن 45% شاركوا، وقالت المعارضة إن المشاركة لم تتجاوز 20%، مع كل التخويف الذي جرى، والقصف الإعلامي من قنوات فلول رجال أعمال مبارك، حتى إن البهلوان، مدير تلفزيون «الفراعين» توفيق عكاشة، خرج على الهواء مباشرة يهدد المصريين بالظهور عاريا في وجوههم إذا لم يخرجوا من بيوتهم لمبايعة السيسي!
هل المصريون ثاروا على مبارك في 2011 ليأتي عسكري آخر إلى السلطة، ويصادر الحريات، حتى إن دولة كاملة باتت غير قادرة على التسامح مع برنامج ساخر اسمه «البرنامج»، حيث أعلن صاحبه، باسم يوسف، أنه تعب من الرقابة ومن الخوف على حياته ومن المنع المتكرر لبرنامجه، وأنه قرر حمل الراية البيضاء، والتوقف الاضطراري عن العمل. هذا في الوقت الذي لم يُمنع البرنامج طيلة سنة من وجود مرسي في الحكم، رغم كل الانتقادات التي وجهت إلى حكم الإخوان، وعدم توفرهم على تجربة لقيادة الدولة ولا للوصول إلى توافقات في مناخ صعب ومعقد جدا.
رسالة العاهل السعودي الملك عبد الله  إلى المشير السيسي، بمناسبة انتخابه رئيسا، حملت جملة خطيرة تقول: «المساس بمصر مس بالسعودية، وهو مبدأ لا نقبل المساومة عليه». ماذا يعني هذا الكلام؟ معناه أن أغنى دولة في العالم العربي تقول للشعوب العربية لا للديمقراطية، ولا للحرية، ولا للتغيير، وكل من سيقترب من هذه الخطوط الحمراء سنحاربه، ومليارات النفط موجودة، والخطط موجودة، والتحالفات موجودة، والإعلام موجود، والسلفيون موجودون، ورجال الأعمال موجودون، وأجهزة المخابرات موجودة...
منذ قيام الثورة في مصر إلى غاية الانقلاب على مرسي، شهدت مصر الانتخابات الرئاسية والانتخابات البرلمانية والاستفتاء على الدستور. من استحقاق إلى آخر كانت جماعة الإخوان المسلمين تخسر ملايين الأصوات، وكانت شعبيتها في نزول بسبب أخطاء ارتكبوها في إدارة الدولة، لكن الممارسة الديمقراطية وهوامش الحرية كانت تتسع، ولو ترك الجيش ودول الخليج وإسرائيل الشعب يواجه انحرافات السلطة، لكنا أمام طريقين، إما أن الإخوان سيخسرون السلطة في أول استحقاق انتخابي، وإما أن ثورة ثانية ستقوم ضدهم، وستجبر الرئيس مرسي على الاستقالة أو تغيير سياساته ونهجه.. أما وإن الجيش تدخل، فإنه بذلك أجهض التجربة الديمقراطية، أما الجماعة فباقية في السجون وتحت الأرض إلى حين، وستطل برأسها غدا أو بعد غد أقوى مما كانت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر تودع الثورة وتدخل إلى حضن الاستبداد مصر تودع الثورة وتدخل إلى حضن الاستبداد



GMT 18:07 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

...عندما تبدو النجوم

GMT 18:06 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

السابقة الكبرى

GMT 18:02 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

‎سقوط الأوهام بعد الهجوم على الدوحة

GMT 17:59 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

أعمال الخير ليست في بناء المساجد فقط

GMT 17:57 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

من سمّ عمانَ إلى صواريخ الدوحة

GMT 17:55 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

تبعات العدوان الإسرائيلي على قطر

GMT 17:53 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

أين هي أميركا من التهور الإسرائيلي؟

GMT 17:50 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

بحيرة طبريا ونهاية الزمان

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 00:14 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

حماس ترد على ترامب بخصوص الأسرى الإسرائيليين
المغرب اليوم - حماس ترد على ترامب بخصوص الأسرى الإسرائيليين

GMT 17:54 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 19:54 2018 السبت ,17 آذار/ مارس

الحجاب: فريضة أم أيديولوجية سياسية؟

GMT 09:32 2021 الأربعاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

"فيفا" يوصي بمتابعة اللاعب أشرف بنشرقي في "كأس العرب"

GMT 00:15 2020 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

شركة صينية تكشف عن أول طرازاتها للسيارات الطائرة

GMT 03:22 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الألوان الجريئة تحتل قمة اختيارات ديكورات المنازل في 2019
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib