هل دخلنا الحرب دون إعلان رسمي

هل دخلنا الحرب دون إعلان رسمي؟

المغرب اليوم -

هل دخلنا الحرب دون إعلان رسمي

توفيق بو عشرين

هناك أكثر من مبرر لنهتم بما يجري في الشرق الأوسط هذه الأيام من حرب وإرهاب وقطع رؤوس، كان المغرب مهتما بفلسطين عندما كانت قضية العرب الأولى، الآن لا يتذكر إلا القليلون ترتيبها في الانشغالات العربية. حارب المغاربة في سوريا في حرب 73 ضد الجيش الإسرائيلي، فقتَلوا وقُتلوا، وتحولت المعركة إلى وسام شرف على كتف المملكة، ثم وجدوا في الثمانينات أنفسهم في خندق واحد مع العراق ودول الخليج ضد إيران، لكن الحسن الثاني كان يخوض الحرب الإعلامية من الرباط على إيران الفارسية متهما آية الله الخميني بالمروق من الدين دون أن يتورط في حرب عسكرية ضد طهران، ثم جاءت حرب الخليج الأولى عقب اجتياح صدام حسين للكويت، فبعث المغرب كتيبة عسكرية رمزية للتعبير عن تضامنه مع عائلة الصباح وبيت الحكم السعودي، لكن العمل الأساسي قامت به أمريكا، والباقون كانوا ضيوفا شرفيين على جنرالات الحرب الأمريكيين.

الآن يوجد لدينا جيشان في الشرق الأوسط؛ الأول جيش غير نظامي يتشكل من الشباب الذين هاجروا إلى العراق وسوريا للانضمام إلى خلافة البغدادي والقتال في صفوف مليشياته، وهؤلاء يتجاوز عددهم 2000 مغربي، جلهم رحل من المغرب نحو تركيا ومنها إلى سوريا، والباقي انتقل من أوروبا نحو معسكرات داعش. هؤلاء لا نعرف على وجه الدقة إلا معلومات قليلة جداً عنهم لأن داعش خططت لأن تكون الحرب الجديدة في الشرق الأوسط حربا في الظلام، بلا وسائل إعلام ولا مراسلين ولا كاميرات ترصد ما يجري على الأرض، ولهذا السبب تعمدت ذبح الصحافيين الغربيين أمام الكاميرات لتزرع الرعب في نفوس الآخرين، وتدفعهم إلى الخوف من مجرد التفكير في السفر إلى أرض المعركة…، لا نعرف ماذا يقوم به المغاربة في أرض المعركة، ولماذا يقومون أكثر من غيرهم بالعمليات الانتحارية؟ وماذا يفعل الآخرون الذين لا يحملون البنادق ولا يقودون الدبابات؟ هل هناك عقول مغربية تخطط لحروب داعش، أم إن جلهم أدوات تنفيذ وحطب لنار ستأكل الأخضر واليابس في منطقة شديدة الحساسية والقابلية للاشتعال. أمس فقط أعلن تنظيم أنصار بيت المقدس الراديكالي في مصر مبايعته لـ «أمير المؤمنين أبي بكر البغدادي»، وبذلك تفتح داعش جبهة أخرى في مصر وسيناء لا يعرف أحد إلى ماذا ستقود المنطقة مستقبلا.

الجيش الثاني للمغرب الذي يستعد لشد الرحال إلى الإمارات العربية المتحدة هو الجيش الملكي النظامي الذي سيتحرك بقرار سياسي لحماية الإمارات العربية المتحدة من الأخطار المحتملة على أمنها، بعد أن وجدت نفسها في قلب حرب على داعش لا يعرف أحد متى تنتهي ولا ماهية حدودها ولا من سيستفيد منها. أمريكا تريد رأس «داعش» والسعودية تريد رأس بشار وعينها على إيران وحزب الله، تركيا عينها على الأكراد ولا ترغب في دولة على حدودها… هذا ليس تحالفا إنه تجمع أهداف متناقضة.

المغرب أعلن أن المهمة العسكرية والاستخباراتية في الإمارات لا تدخل ضمن التحالف الدولي الذي تشكل للحرب على داعش، والذي تقوده أمريكا من الجو دون أن تظهر له نتائج على الأرض إلى حد الآن، لكن إذا كانت مهمة الجيش المغربي في الإمارات لحماية بلد حليف من أخطار محتملة على أمنه في منطقة ملتهبة، فإن تصريح وزير الخارجية المغربي باستعداد المغرب لتوفير الحماية للبحرين يجعل من مهمة الجيش المغربي في الخليج مهمة معقدة وغامضة. البحرين مشاكلها الرئيسة مع مواطنيها الشيعة المتهمين بالولاء لإيران، وإذا دخل المغرب إلى هذا المستنقع فإننا سنصبح طرفا مباشرا في حرب مفتوحة مع إيران ليست حربنا، وإذا كانت أمريكا تحاور إيران وتستبعد الخيار العسكري معها من الطاولة فكيف سندخل نحن في احتكاك مباشر معها في البحرين أو غير البحرين. المهام العسكرية مهام حساسة، وتتطلب حكمة وتخطيطا ودقة أكثر مما يفعله وزير خارجيتنا الذي أصبح يطلق النار في كل اتجاه هذه الأيام دون تريث ودون تحفظ…

لا بد أن توضح المؤسسة العسكرية والحكومة المغربية للرأي العام ماذا يجري بدقة ووضوح.. لا بد من شرح خارطة طريق الجيش المغربي في مهمته الجديدة، وكيف سنوفر لحلفائنا في الخليج نوعا من الحماية الأمنية والعسكرية والاستخباراتية؟ وكم من جندي سيسافر إلى الخليج ومن سيمول العملية؟ وما هي مهامهم بالضبط؟ متى تبدأ ومتى تنتهي؟ وهل سنشن حربا استباقية على داعش في أوكارها أم سيكتفي جيشنا بالدفاع عن حلفائه على حدودهم لا يتعداها إلى العراق أو سوريا أو مناطق أخرى؟ هل مهمة الجيش المغربي في الخليج سياسية أم عسكرية؟ أسئلة كثيرة تحتاج إلى أجوبة لأن الموضوع حساس والمهمة خاصة جداً…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل دخلنا الحرب دون إعلان رسمي هل دخلنا الحرب دون إعلان رسمي



GMT 12:24 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

«هزيمة» أم «تراجع»؟

GMT 12:23 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

الأردن في مواجهة إوهام إيران والإخوان

GMT 12:22 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

رجل لا يتعب من القتل

GMT 12:21 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

عصر الترمبية

GMT 12:18 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

السعودية وهندسة تبريد المنطقة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

قراءة لمسار التفاوض بين واشنطن وطهران

GMT 12:16 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

على رُقعة الشطرنج

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 21:32 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

تشيلسي يجدد عقد الإدريسي حتى 2028

GMT 21:14 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

ميسي يقترب من تجديد عقده مع إنتر ميامي

GMT 21:27 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

رفض استئناف أوساسونا بشأن لاعب برشلونة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib