أوباما… فرصة العمر لإيران

أوباما… فرصة العمر لإيران

المغرب اليوم -

أوباما… فرصة العمر لإيران

خير الله خير الله

لم يبق لباراك أوباما سوى ثلاثة عشر شهرا في البيت الأبيض. في كانون الثاني ـ يناير 2017، سيحلّ شخص آخر مكانه. في حال بقي الوضع داخل الحزب الجمهوري على حاله، سيكون مستبعدا أن لا تفوز هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني ـ نوفمبر 2016.
أيّا يكن الرئيس الذي سيخلف أوباما، سيكون صعبا أن تتكرّر التجربة التي مرّت بها السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط في السنوات السبع الماضية. تميّزت تلك التجربة بأخذ مسافة من أحداث المنطقة من جهة، ومراعاة إيران من جهة أخرى. ستعمل إيران على استغلال عهد أوباما حتّى اليوم الأخير منه. إنها فرصة العمر بالنسبة إليها، خصوصا في العراق وسوريا ولبنان وحتّى في اليمن.

كيف يمكن تفسير هذه المسافة الأميركية من الشرق الأوسط في عهد أوباما؟

ثمّة عوامل عدّة يمكن أن تفسّر ترك الأمور في المنطقة في وقت تزداد فيه الأزمات تعقيدا وصولا إلى مرحلة تفتيت العراق وسوريا. لا يمكن تجاهل أنه سبق لنائب الرئيس الأميركي جو بايدن أن كتب مقالا صريحا في “نيويورك تايمز” حمل توقيعه وتوقيع لسلي غلب الذي كان مديرا لـ”مجلس العلاقات الخارجية” يدعو صراحة إلى تقسيم العراق إلى ثلاث دول. كان ذلك، في 2006، قبل أن يصبح بايدن نائبا للرئيس. كان لا يزال عضوا في مجلس الشيوخ. نجد الآن أن السياسة الأميركية الوحيدة التي تطبق في العراق هي سياسة جو بايدن.

أكثر من ذلك، لم يكن من همّ أميركي، طوال عهد أوباما، سوى الوصول إلى اتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني. أمكن التوصل إلى هذا الاتفاق الذي هو من دون أدنى شكّ نجاح أميركي. لكنّ الملفت أن إيران لم تقم إلى الآن بأي خطوة يفهم منها أنّها على استعداد للانصراف إلى الاهتمام بشؤونها الداخلية، على رأسها شؤون شعبها.

على العكس من ذلك، زادت السياسة الإيرانية عدوانية، خصوصا في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين. لم يبدر عن طهران ما يشير إلى أنها يمكن أن تُقْدمَ على أي مبادرة، من أيّ نوع، تستهدف طمأنة جيرانها العرب.

لعلّ آخر إنجاز حقّقته إيران، فيما الإدارة الأميركية تتفرّج عليها، تحويل رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيد العبادي إلى نوري المالكي آخر. لم يتغيّر شيء في العراق. حلّ المالكي الجديد مكان المالكي القديم تحت اسم جديد. كان كافيا أن تضغط إيران على الزر، كي يتذكّر رئيس الوزراء العراقي أن هناك عسكريين أتراكا في الأراضي العراقية وأنّه سيلجأ إلى مجلس الأمن لإخراجهم منها. نسي أن قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني يسرح ويمرح في العراق، ويدير عمليات يشارك فيها عسكريون عراقيون مع ميليشيات مذهبية مسمّاة “الحشد الشعبي”. لماذا التمييز بين الإيراني والتركي في العراق؟ هل يجوز التمييز بين محتلّ ومحتل… أم كل ما في الأمر أن الرابط المذهبي بات يتفوّق على كلّ ما عداه في العراق؟

ربّما استفاق رئيس الوزراء العراقي على ضرورة إيجاد غطاء ما كي لا تعود هناك ضجّة على اقتحام عشرات الآلاف من الإيرانيين الحدود العراقية بحجة المشاركة في أربعينية الحسين! وُجد من يوفّر له هذا الغطاء عن طريق إثارة موضوع وجود عسكريين من تركيا في منطقة قريبة من الموصل من أجل تدريب الأكراد على الأرجح…

كيف يمكن للولايات المتحدة بعد كلّ التضحيات التي قدّمتها والخسائر التي منيت بها من أجل العراق والعراقيين بغية تخليصهم من نظام صدّام حسين التفرّج على عمليات تطهير عرقي تمارس في هذا البلد؟ كيف يمكن أن تكون شاهد زور على الارتكابات التي يتعرّض لها السنّة العرب في بلد كان مخططا أن يكون نموذجا للديمقراطية في المنطقة؟ أوليس هذا ما وعد به رجال إدارة بوش الابن العراقيين وأهل الشرق الأوسط في مرحلة ما قبل الاجتياح؟

وضعت إدارة أوباما في 2015 نفسها في دور المتفرّج. تتفرّج على تفتيت العراق، وتساهم في تفتيت سوريا. تبدو متواطئة مع إيران ومع روسيا في هذا الشأن. لم يصدر عن واشنطن ما يدلّ على أنّها يمكن أن تعترض على الممارسات الإيرانية في سوريا، وهي ممارسات ذات طابع مذهبي أوّلا وأخيرا، وتشير إلى رغبة في تقسيم سوريا لا أكثر. لم يصدر عنها أيضا ما يشير إلى اعتراض حقيقي على التدخل العسكري الروسي، الذي هو في نهاية المطاف مساهمة في الحرب التي يشنّها النظام على شعبه المسكين الباحث عن بعض من كرامة. جاء الاعتراض الوحيد من تركيا التي أسقطت طائرة مقاتلة روسية لتقول إنّه إذا كان من تقسيم لسوريا، فهي تريد حصتها أيضا.

هل الإدارة الأميركية مع تقسيم سوريا مثلما هي سائرة في مشروع جو بايدن ـ لسلي غلب الذي يصبّ في تقسيم العراق؟

كانت المساهمة الإيجابية الوحيدة للإدارة الأميركية في الأسابيع القليلة الماضية حض اللبنانيين على انتخاب رئيس جديد للجمهورية هو النائب سليمان فرنجية المحسوب على النظام السوري والذي يمتلك علاقة مميّزة بـ”حزب الله”. الأكيد أنّه يجب إنقاذ الجمهورية اللبنانية وموقع رئيس الجمهورية، ولكن هل في استطاعة الإدارة الأميركية الذهاب في ذلك إلى النهاية… أم ستترك “حزب الله” الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني يقرّر مصير لبنان ويكرّس الفراغ في رئاسة الجمهورية تمهيدا لتغيير النظام في البلد بما يلبّي طموحاته ومخططاته معروفة الأبعاد؟

يظلّ أمر الإدارة الأميركية غريبا، علما أنّ هناك تفسيرات تبرّر التصرفات الصادرة عن الدولة العظمى الوحيدة في العالم. تقول هذه التفسيرات إن هناك مناطق جديدة على الكرة الأرضية تهمّ أميركا، خصوصا أنّه بات في استطاعتها الاستغناء عن نفط الشرق الأوسط، إلى حدّ ما طبعا. لم يعد نفط العراق يهمّ أميركا كما كانت الحال في الماضي… ولا حتّى نفط دول الخليج.

خلاصة الأمر أن على دول المنطقة التعايش، أقلّه موقتا، مع إدارة أميركية على استعداد للذهاب بعيدا في التغاضي عن تصرّفات إيران وروسيا. ستظل الولايات المتحدة طوال السنة والشهر اللذين بقيا من ولاية أوباما في موقع المتفرّج الذي يطلق، بين حين وآخر، تصريحات غامضة أو قويّة، من دون مفعول يذكر. على سبيل المثال وليس الحصر هناك اهتمام أميركي بالتخلّص من “داعش”. المؤسف أنّ أميركا لم تُقْدم على أيّ خطوة حقيقية في هذا الاتجاه، بل تركت “داعش” يُستخدم من النظام السوري وإيران وروسيا لتبرير الحرب التي يتعرّض لها الشعب السوري…

ما الذي ستفعله دول المنطقة، خصوصا الدول العربية؟ هل ستتفرّج بدورها على تقسيم العراق وسوريا؟ الثابت أنّها ستسعى إلى قول كلمتها. كان تشكيل المملكة العربية السعودية للتحالف الإسلامي العريض من أجل مكافحة الإرهاب دليلا على استعداد عربي وإسلامي لتحمّل المسؤولية، واعترافا بأن الإرهاب مشكلة على العرب والمسلمين مواجهتها أوّلا من دون خجل أو وجل.

كذلك، كان المؤتمر الأخير للمعارضة السورية في الرياض خير دليل على أنّه لا يمكن ترك المنطقة للإيرانيين والروس وإدارة أوباما… بل ثمّة حاجة إلى فعل في مواجهة مواقف الأطراف الثلاثة التي تبدو متفّقة، مع إسرائيل طبعا، على عملية تفجير من الداخل لبلدان كانت إلى ما قبل مرحلة قريبة من اللاعبين الأساسيين، وإن من الزاوية السلبية، على مسرح الشرق الأوسط.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوباما… فرصة العمر لإيران أوباما… فرصة العمر لإيران



GMT 10:14 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«أوراقي 9».. محمود الشريف الدور 9 شقة 4!

GMT 10:11 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات دمشق

GMT 10:10 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الشرع من موسكو إلى واشنطن

GMT 10:09 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أما آن للمغرب العربي أن يتعافى؟

GMT 10:08 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الجهل قوّة يا سِتّ إليزابيث

GMT 10:07 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية: هل سيشكر ترمب ممداني؟

GMT 10:05 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«حزب الله» في بيانين

GMT 10:04 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس كَمَنْ سمع

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 19:22 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران
المغرب اليوم - بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران

GMT 19:14 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أذربيجان ترفض إرسال قوات إلى غزة قبل وقف القتال
المغرب اليوم - أذربيجان ترفض إرسال قوات إلى غزة قبل وقف القتال

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 05:24 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 19:51 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل افتتاح بنكهة أفريقية للشان في المغرب

GMT 13:32 2025 الثلاثاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أنشيلوتي يطمح لقيادة البرازيل نحو لقبها العالمي السادس

GMT 14:13 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تقنية ثورية للتحكم في النعاس أثناء القيادة من باناسونيك

GMT 04:57 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

ظهور دولفين مهجن آخر في هاواي

GMT 04:45 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحسين عموتة يهدد اللاعبين الذين تراجع مستواهم

GMT 05:18 2015 الجمعة ,02 كانون الثاني / يناير

محمد جبور يعرب عن فخره بنجاح تصاميمه عالميًا

GMT 14:45 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

تصنيف “جامعة الرباط” في المرتبة 15 إفريقيّا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib