إيران ورهان العودة إلى سوريا

إيران ورهان العودة إلى سوريا

المغرب اليوم -

إيران ورهان العودة إلى سوريا

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

أكثر من طبيعي سعي «الجمهوريّة الإسلاميّة» الإيرانية إلى العودة إلى سوريا والإمساك بها. يفسّر هذا السعي الإيراني الأحداث الخطيرة التي يشهدها الساحل السوري حيث الوجود العلوي الكثيف.

بعد ثلاثة أشهر على رحيل نظام آل الأسد، تبيّن أنّ لا مشروع توسّعياً إيرانياً في المنطقة من دون سوريا، في حال زوال المشروع التوسّعي الذي رفع شعار «تصدير الثورة»، والذي هدف إقامة ميليشيات في لبنان والعراق واليمن ودعم النظام العلوي الذي ورثه بشّار الأسد عن والده والذي عمّر من أواخر 1970، إلى أواخر 2024.

قضى سقوط النظام العلوي في سوريا على «الهلال»، بالمعنيين السياسي والعسكري. ربط «الهلال» الذي كان أوّل من تحدّث عنه بجرأة، ليس بعدها جرأة، الملك عبدالله الثاني، بين طهران وبغداد ودمشق وبيروت. كان ذلك في حديث إلى صحيفة «واشنطن بوست» في أكتوبر 2004، أي منذ ما يزيد على 21 عاماً!

من دون السيطرة على سوريا، لا وجود إيرانياً في لبنان. من دون سيطرة على سوريا، سيتوجب على «الجمهوريّة الإسلاميّة» الدفاع عن حصنها الأخير في العراق. هذا ما يفسّر ذلك الإصرار الإيراني على الإمساك أكثر بالعراق وبحكومة مدافعة عن «الحشد الشعبي» ومعادية للرئيس السوري الجديد أحمد الشرع.

أغلق أحمد الشرع، بشكل كامل تقريباً، طرقات تهريب السلاح والأموال إلى لبنان، أي إلى «حزب الله»، وطرقات تهريب المخدرات من لبنان إلى دول الخليج العربي، عبر الأراضي والموانئ السوريّة. كذلك وضع الشرع حداً لتهريب السلاح والمخدرات إلى الأردن ودول الخليج. أدّى ذلك إلى شبه قطيعة بين دمشق وبغداد وتعبئة عراقية معادية للتغيير الكبير في سوريا.

بالنسبة إلى الجناح المؤيد لإيران في العراق، ليس الرئيس السوري الجديد سوى «إرهابي يلبس ربطة عنق».

إذا أخذنا في الاعتبار أنّ لا مستقبل لـ«حزب الله» في لبنان والمنطقة، من دون الوجود الإيراني المهيمن في سوريا، يمكن استيعاب تلك الهجمة التي تقوم بها «الجمهوريّة الإسلاميّة»، مباشرة وعبر العراق من أجل العودة إلى دمشق. كذلك يمكن فهم التوتر في العلاقات الإيرانية – التركية في ضوء الدور الذي لعبته أنقرة في حصول التغيير السوري.

كان في العاصمة السوريّة والمناطق القريبة منها نحو مليون وربع المليون علوي انتقلوا مع عائلاتهم إلى دمشق وضواحيها. كان عدد هؤلاء يزداد مع الوقت، خصوصاً منذ اندلاع الثورة الشعبية في سوريا في مثل هذه الأيام قبل 14 عاماً. كان الهدف الذي عمل من أجله النظام، بدعم إيراني مباشر، تكريس واقع ديموغرافي جديد في دمشق وريفها.

مع فرار بشّار الأسد إلى موسكو في الثامن من ديسمبر 2024، هبط عدد العلويين في دمشق ومحيطها إلى ما بين 300 و 400 ألف. حصلت هجرة مضادة في اتجاه ريف حمص وريف حماة وجبال العلويين والساحل السوري. تعكس هذه الهجرة الفشل الذريع للمشروع الإيراني في سوريا التي عادت إلى حكم الأكثريّة السنّية للمرة الأولى منذ الانقلاب العسكري العلوي الذي نفّذه الضابطان صلاح جديد وحافظ الأسد في 23 فبراير 1966.

ترفض «الجمهوريّة الإسلاميّة» التصديق أنّ سوريا صارت في مكان آخر. يؤكد ذلك الكلام الصادر عن كبار المسؤولين الإيرانيين. يراهن المسؤولون الإيرانيون على حصول تغيير في سوريا من منطلق أن النظام الجديد لن يستمرّ طويلاً. يمكن لمثل هذا الرهان أن يكون في محلّه. يعود ذلك لسببين على الأقلّ. أولهما أنّ الإدارة السورية الجديدة ارتكبت أخطاء عدة. بين هذه الأخطاء تسريح أفراد الجيش السوري. خلق ذلك آلاف العاطلين عن العمل. معظم هؤلاء من الجنود والضباط العلويين الذين باتوا مستعدين للجوء إلى العنف والإرهاب بعدما فقدوا كل الامتيازات التي كانوا يتمتعون بها، بما في ذلك الراتب المضمون والسيارة والمنزل.

أما السبب الثاني، ففي أساسه الموقف الأميركي الذي يمنع دولاً عربيّة من تقديم مساعدات لسوريا في الوقت الحاضر. لم تتخذ الإدارة الأميركية، أقلّه إلى الآن، موقفاً واضحاً من التغيير الذي حصل في سوريا. قد يكون مردّ ذلك إلى أن إسرائيل تعمل منذ سقوط بشّار على خطة تصبّ في تقسيم سوريا وتفتيتها والانتهاء من أي وجود لقوّة عسكرية ذات شأن في هذا البلد.

في انتظار تبلور الموقف الأميركي الواضح من سوريا، ستحاول إيران العودة إلى دمشق. إذا لم تتمكن من استعادة دمشق نفسها، ستحاول استيعاب العلويين عبر إعادة تنظيم صفوفهم في مناطقهم. ستعمل في الوقت ذاته على الاستفادة من الموقف الإسرائيلي المتذبذب الذي يستهدف منع قيام نظام مركزي في سوريا. الهدف الإسرائيلي في نهاية المطاف تفتيت سوريا. هذا ما يفسّر الدعم الذي قدمته الدولة العبريّة في كل وقت للنظام العلوي الذي لعب طوال ما يزيد على نصف قرن الدور المطلوب منه إسرائيلياً.

الأكيد أن «الجمهوريّة الإسلاميّة» لن تمل ولن تكلّ. ستحاول العودة إلى سوريا بطريقة أو بأخرى مستفيدة من كل الثغرات، بما في ذلك الأخطاء التي يرتكبها النظام الجديد. لا يمتلك القيمون على هذا النظام خبرة في إدارة مؤسسات الدولة. اكتشف كلّ من احتكّ بهم أنّهم هواة في هذا المجال.

استثمرت إيران مليارات الدولارات في هذا البلد، الذي من دون السيطرة عليه، سيبحث النظام عن طريقة أخرى للمحافظة على نفسه. قد يكون ذلك بالاستسلام الإيراني أمام إدارة دونالد ترامب، وقد يكون أيضاً في الاستفادة من توجه إسرائيلي إلى التشجيع على تفتيت سوريا بدءاً بقيام دولة في جبال العلويين وجزء من الساحل السوري... فضلاً في طبيعة الحال عن تحقيق اختراقات في الجنوب السوري.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران ورهان العودة إلى سوريا إيران ورهان العودة إلى سوريا



GMT 23:14 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ذاكرة الرجل الصامت

GMT 23:12 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إسرائيل... لماذا تفوَّقت في لبنان وليس في اليمن؟

GMT 23:10 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

مشهد الشرق الجديد... من يرسمه؟

GMT 23:07 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سبب آخر للاستقالة

GMT 23:05 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

البديل الحوثي للبنان...

GMT 23:04 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

التجويع بهدف التركيع

GMT 23:02 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إلى متى ستعيش إسرائيل في رعب وتوجُّس؟

GMT 23:00 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ماذا لو رد «الجميل» السلام؟!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 18:02 2019 الثلاثاء ,27 آب / أغسطس

طاليب يغير البرنامج التدريبي للجيش الملكي

GMT 03:11 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

طريقة تحضير الأرز الأبيض بأسلوب بسيط

GMT 21:58 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

فساتين صيف تزيد من تميز إطلالتك من "ريزورت 2020"

GMT 07:30 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

ظافر العابدين يكشف أسباب وقف تصوير فيلم "أوف روود"

GMT 11:52 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الإمارات تصدر قانون جديد للمصرف المركزي والأنشطة المالية

GMT 18:34 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سُلطات مليلية تبحث عن عائلة طفل قاصر مُصاب بمرض خطير

GMT 16:40 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

جزيرة "أرواد" السورية تكشف نظرية جديدة بشأن سفينة نوح

GMT 12:05 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

ميسي يعلن أنه لن يلعب لأي فريق أخر في أوروبا

GMT 13:40 2018 الخميس ,01 آذار/ مارس

الرجاء يخوض منافسات كأس الكاف بقميص جديد

GMT 14:23 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الوردي والذهبي مع الباستيل آخر صيحات موضة 2018
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib