عهد أحمد الشرع يبدأ من واشنطن

عهد أحمد الشرع يبدأ من واشنطن...

المغرب اليوم -

عهد أحمد الشرع يبدأ من واشنطن

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

ثمة بداية جديدة في سوريا تمثلها زيارة أحمد الشرع، لواشنطن واستقبال الرئيس دونالد ترامب له في البيت الأبيض. تحّمت عقدة العلاقة بالولايات المتحدة بكلّ الأنظمة التي توالت على سوريا منذ استقلالها في العام 1946. قد يكون الاستثناء الوحيد الفترة التي تلت الانفصال عن مصر التي بدأت في 28 سبتمبر 1961 وانتهت بالانقلاب البعثي في 8 مارس 1963، وهو انقلاب عسكري استخدمه ضباط علويون من أجل وضع يد أقلّية يدها على سوريا. لم يلتق حافظ الأسد، بعدما نصّب نفسه بالقوّة رئيساً لسوريا في العام 1971، رئيساً أميركياً في واشنطن. تعمّد تفادي الذهاب إلى العاصمة الأميركية كي يؤكّد العداء لأميركا.

كان يعتبر العلاقة بإسرائيل الضمانة الأهمّ لنظامه الأقلّوي. لم تكن أميركا بالنسبة إليه سوى جسر لتفاهمات من تحت الطاولة مع الدولة العبرية التي كانت وراء السماح له بدخول لبنان ووضعه تحت الوصاية ابتداء من العام 1976.

في عهد أحمد الشرع، تخلّصت سوريا من عقدة أميركا التي رفعت اسم الرئيس السوري من لائحة الإرهاب، كما فرضت على الأمم المتحدة رفعه أيضاً من تلك اللائحة بموجب الفصل السابع. يعني الاستناد إلى الفصل السابع وضع سوريا تحت هذا الفصل... وفرض مراقبة مستمرّة على سلوك النظام الجديد فيها من خلال انضمام تلك الدولة إلى «التحالف الدولي» الذي يقاتل تنظيم «داعش» ويسعى إلى التخلّص من خطر هذا التنظيم الإرهابي.

في النهاية، جاءت زيارة الشرع لواشنطن تتويجاً لتحوّل كبير على الصعيد الإقليمي بدأ مع هرب بشّار الأسد، من دمشق إلى موسكو في 8 ديسمبر 2024. لم يكن الأمر مجرّد هروب رئيس دولة لم يمتلك في أي يوم شرعية حقيقية. كان أكثر من ذلك بكثير، ذلك أن خروج بشّار الأسد يعني، أوّل ما يعني، خروج إيران من سوريا. كذلك، يعني الهروب أنّ روسيا لم تعد لاعباً أساسياً في هذا البلد العربي الذي كان يسمّي نفسه «قلب العروبة النابض».

لم يمتلك النظام السوري، نظام حافظ الأسد الذي سلّم الجولان في يونيو1967، أيام كان لايزال وزيراً للدفاع، سوى الشعارات، من نوع «المانعة» و«المقاومة»، لتغطية الدور الذي لعبه في خدمة إسرائيل لا أكثر... وكي يبقى في السلطة ما يزيد على نصف قرن.

يبدأ عهد أحمد الشرع من لا شيء. لكنّه يبدأ من واشنطن. يحتاج الرئيس السوري الجديد، إلى شرعية وطنيّة حقيقية، إلى بناء علاقة من دون عقد مع الولايات المتحدة التي تتطلع إلى وجود قوي في سوريا. الأهمّ من ذلك كلّه، أن العلاقة مع أميركا، التي كانت لدى حافظ الأسد ثم بشّار الأسد وسيلة لابتزاز العالم بما في ذلك العالم العربي، ليست عيباً. مثل هذه العلاقة باتت في الوقت الحاضر ضرورة سوريّة في حال كان مطلوباً تفادي السقوط كلّياً في الفخّ الإسرائيلي، فخّ تفتيت سوريا.

يبدو الفارق بين أحمد الشرع وكلّ من حافظ الأسد وبشار الأسد في أن الرئيس السوري الحالي يستعين بأميركا من أجل المحافظة على نظامه. في المقابل كان الأسد الأب والأسد الابن يستعينان بإسرائيل من أجل حماية النظام العلوي. لعلّ أكثر ما يدلّ على ذلك إصرار حافظ الأسد على بقاء الاحتلال الإسرائيلي للجولان على الرغم من كلّ العروض التي قدّمت له من أجل استعادة الأراضي السوريّة المحتلة.

كان آخر هذه العروض ذلك الذي كان موضع بحث بين حافظ الأسد والرئيس بيل كلينتون، في جنيف قبل أشهر قليلة من وفاة الأسد الأب في يونيو من العام 2000. رفض حافظ الأسد العرض الأميركي الذي وافقت عليه حكومة إيهود باراك، في إسرائيل مستخدماً حججاً واهية.

لم يحد بشّار الأسد عن هذا التوجه في أي وقت. بقي وفيّاً لكل الالتزامات التي أعطاها والده لإسرائيل، بما في ذلك ضمان استمرار احتلالها للجولان وضمان أمنها على طول خط وقف النار بين البلدين.

ليس أمام أحمد الشرع خيارات أخرى غير الخيار الأميركي، أقلّه من أجل الوصول إلى ترتيبات مع إسرائيل تشمل بين ما تشمله وجوداً مشتركا سورياً – إسرائيلياً في جبل الشيخ. الأكيد أنّ المطلوب التوصل إلى اتفاق أمني يسمح للرئيس السوري ترتيب أوضاعه الداخليّة أوّلاً.

يُفترض في العلاقة مع واشنطن ألّا تعني التخلي عن فكرة بناء نظام يختلف تماماً عن ذلك الذي بناه حافظ الأسد الذي توصل بواسطة هنري كيسينجر، إلى«نقاط تفاهم» مع إسرائيل مهدت لاتفاق فك الاشتباك في أواخر العام 1974.

مهدت «نقاط التفاهم» تلك لممارسة الضباط العلويين كلّ أنواع القمع، لا يدلّ على ذلك أكثر من مجزرة حماة في فبراير 1982. استمرّ ذلك حتّى يوم فرار بشّار الأسد من دمشق.

الأمل الآن في أن تمهّد زيارة الشرع لواشنطن لسلوك من نوع مختلف على صعيد الداخل السوري. يعني ذلك، بكلّ بساطة، أن الظلم الحقيقي الذي لحق بفئة من السوريين في عهدي حافظ الأسد وبشّار الأسد يجب ألّا يبرّر أي تجاوزات لا في حق العلويين ولا في حقّ الأكراد ولا في حقّ الدروز والمسيحيين. على العكس من ذلك، يُفترض في التخلّص من عقدة العلاقة بأميركا التمهيد لعلاقة من نوع مختلف بين المواطنين السوريين والنظام الحاكم... بعيداً عن أي سعي لتكرار تجارب النظام العلوي بغطاء أميركي بدل الغطاء الإسرائيلي.

تظلّ زيارة أحمد الشرع لواشنطن، وهي الأولى من نوعها لرئيس سوري منذ استقلال البلد حدثاً تاريخياً. لكنّ التحديات الحقيقية، ستظهر في مرحلة ما بعد الزيارة. سيظهر ما إذا كان الرهان على أميركا في محله من أجل الحدّ من عنجهية اليمين الإسرائيلي!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عهد أحمد الشرع يبدأ من واشنطن عهد أحمد الشرع يبدأ من واشنطن



GMT 18:33 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يدور على ذاته… وسوريا في البيت الأبيض!

GMT 11:50 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

لمّا قام قائمها

GMT 11:48 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تحذّر أميركا من «التحرش» بفنزويلا!

GMT 11:45 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

«بي بي سي»... من كان منكم بلا خطيئة؟!

GMT 11:43 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاشر ترد على سرديات «الدعم السريع»!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:55 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

شركات أميركية تربح بمليارات الدولارات من حرب غزة
المغرب اليوم - شركات أميركية تربح بمليارات الدولارات من حرب غزة

GMT 01:52 2025 الجمعة ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

خدمات الفلسطينيين الأساسية مهددة مع تراجع دعم الأونروا
المغرب اليوم - خدمات الفلسطينيين الأساسية مهددة مع تراجع دعم الأونروا

GMT 22:41 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا تصنف 4 جماعات في أوروبا كمنظمات إرهابية أجنبية
المغرب اليوم - أميركا تصنف 4 جماعات في أوروبا كمنظمات إرهابية أجنبية

GMT 20:33 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 10:33 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أجمل الديكورات المثالية للمطابخ الصغيرة

GMT 16:54 2023 الإثنين ,04 أيلول / سبتمبر

ميادة الحناوي تصرح فخورة بلقب نجمة سوريا الأولى

GMT 01:02 2020 الأربعاء ,29 إبريل / نيسان

موديلات فساتين زفاف 2020 متنوعة لكل العرائس

GMT 05:53 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

ليلى علوي تنفي ظهورها كضيف شرف في "كارمن"

GMT 11:54 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

عربية "كشري أبو طارق" تشعل مهرجان "جدة للمأكولات" العالمية

GMT 18:30 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قوات الأمن في مراكش تشن حملة موسعة على ممتهني الدعارة

GMT 10:32 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تألّق أمل كلوني خلال حفلة توزيع جائزة نوبل للسلام

GMT 05:39 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

مستحضرات التجميل قد تتسبب في البلوغ المبكر

GMT 16:33 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد مجدي في مهرجان مراكش للفيلم بـ لا أحد هناك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib