ثمن الانسحاب الإسرائيلي من لبنان

ثمن الانسحاب الإسرائيلي من لبنان

المغرب اليوم -

ثمن الانسحاب الإسرائيلي من لبنان

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

 

في ظلّ التعقيدات الإقليمية، وهي تعقيدات تعبّر عن نفسها عبر حروب غزة واليمن والتوترات بين لبنان وسوريا، لا مصلحة للبنان في الدخول في مواجهة عسكرية مع الجار الشمالي. لن تصب أي مواجهة عسكريّة يفتعلها «حزب الله» للهرب من أزمته سوى في مصلحة إيران. لا مصلحة لسوريا أيضاً في أي صدام من أي نوع مع لبنان في وقت يمرّ فيه البلدان في مرحلة انتقالية تستهدف، بين ما تستهدفه، إعادة العلاقة بينهما إلى وضع طبيعي. يسمح مثل هذا الوضع بترسيم الحدود بين البلدين بما يزيل الأوهام التي تحكمت بالنظام العلوي السوري الذي سقط مع فرار بشّار الأسد إلى موسكو في الثامن من ديسمبر 2024.

كذلك، يسمح مثل هذا الوضع الطبيعي بسيطرة لبنان على حدوده وأراضيه عبر تنفيذ القرار 1701، بكل بنوده، بعيداً عن تطلعات «حزب الله» وبالتالي إيران. الأهمّ من ذلك كلّه أن لبنان في غنى عن حسابات إيرانية يُستخدم فيها البلد لضرب الاستقرار في سوريا. لبنان في حاجة، اليوم قبل غد، إلى شجاعة التفرّغ للأسئلة الصعبة التي لا يستطيع الهرب منها إلى ما لا نهاية. بين هذه الأسئلة، بل في مقدّمتها، كيف تأمين الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان وما ثمن ذلك في ظلّ مطالب أميركية باتت معروفة إلى حدّ كبير؟

عندما طلبت «الجمهوريّة الإسلاميّة»، من الحزب التدخل في سوريا دعماً لنظام بشّار الأسد، كان مطلوباً إثبات أنّ المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة أهمّ بكثير من الحدود الجغرافية، المعترف بها دولياً.

لا مفرّ من تصالح سوريا مع الواقع المتمثل في أنّ «الجمهوريّة الإسلاميّة» لا تستطيع هضم خسارتها للنظام العلوي في سوريا الذي كان جسراً لا بدّ منه لإيصال السلاح والمال إلى «حزب الله». من هذا المنطلق، سيكون على سوريا التصدي في كلّ يوم لمخططات إيرانية تستهدف العودة إلى دمشق. ليست سوريا تفصيلاً في «الهلال الإقليمي» الذي يربط طهران ببيروت عبر بغداد ودمشق. تعتبر سوريا حلقة أساسية في هذا الهلال. من دونها، لا هلال ولا من يحزنون حتّى لو بقي العراق، يعيش كما حاله الآن.

تدافع إيران، التي تشهد تصدّعاً داخلياً تدل عليه الحاجة إلى إعادة الاعتبار لأشخاص مثل مهدي كروبي وحسين أمير موسوي، عن آخر أوراقها في المنطقة. يحصل ذلك عبر الحوثيين في اليمن وعبر «حزب الله» في لبنان. توجد حاجة إيرانية لإثبات أن الحزب لم ينته مع نهاية النظام السوري، بل لاتزال لديه وظيفة لبنانية وأخرى سوريّة، وذلك لإثبات أنّه لاعب في لبنان وأنّّه لن يتخلّى عن سلاحه. عليه أيضاً إثبات أنّه لايزال قادراً على التدخل في سوريا. يتدخل بطريقة أو بأخرى لمساعدة «فلول النظام السابق»، ويتدخل أيضاً بغية تأكيد أن سوريا مازالت ممراً للسلاح الذي يأتيه عبرها ولنشاطات أخرى تتعلّق بالتهريب عبر أراضيها. تهريب المخدرات، خصوصا الكبتاغون، إلى دول الخليج العربي والسلاح إلى الأردن... وتهريب للسلاح إلى لبنان!

من مصلحة الدولة اللبنانية التفاهم مع السلطة الجديدة في سوريا في شأن السيطرة على الحدود بين البلدين. هذا مطلب لبناني في سياق تنفيذ القرار 1701، ومطلب عربي ودولي في سياق الحرب على التهريب بكل أنواعه. بكلام أوضح، من مصلحة الدولة اللبنانية إدراك أنّ الوقت لا يسمح بأي توتر مع الحكم السوري الجديد... حتّى لو شاءت إيران ذلك.

لابدّ من وقف الهرب من الموضوع الأساسي، وهو سلاح الحزب، أي السلاح الإيراني، الذي لم يأت سوى بالخراب والدمار إلى لبنان واللبنانيين. يبدو مثل هذا التركيز على السلاح غير الشرعي أكثر من ضروري في حال كان مطلوباً مواجهة الواقع مع ما يعنيه من تعاط مع الاستحقاق الذي يفرضه استمرار الاحتلال الإسرائيلي الذي تسببت به حرب «اسناد غزّة».

يوجد واقع يفرض نفسه. واقع متمثل في أن هزيمة لحقت بالحزب وبكل أذرعة «الجمهوريّة الإسلاميّة» في المنطقة. جاءت هذه الهزيمة في وقت تمارس إسرائيل كلّ أنواع الوحشية في ظلّ غطاء أميركي كامل لبنيامين نتنياهو الذي يعتبر نفسه «رئيس الولايات المتحدة الأميركيّة»، على حد تعبير أحد كبار المسؤولين العرب من الذين التقوا في الماضي رئيس الحكومة الإسرائيليّة.

كلما استعجل لبنان البحث في مستقبل سلاح الحزب، كان ذلك سهّل عليه الاقتراب من الاستحقاق الذي يعني مستقبله أكثر من أي وقت. هذا الاستحقاق هو ذلك المرتبط بما العمل من أجل إنهاء الاحتلال... والثمن الذي لا مفرّ من دفعه تفادياً لتكريس هذا الاحتلال.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثمن الانسحاب الإسرائيلي من لبنان ثمن الانسحاب الإسرائيلي من لبنان



GMT 23:14 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ذاكرة الرجل الصامت

GMT 23:12 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إسرائيل... لماذا تفوَّقت في لبنان وليس في اليمن؟

GMT 23:10 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

مشهد الشرق الجديد... من يرسمه؟

GMT 23:07 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سبب آخر للاستقالة

GMT 23:05 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

البديل الحوثي للبنان...

GMT 23:04 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

التجويع بهدف التركيع

GMT 23:02 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إلى متى ستعيش إسرائيل في رعب وتوجُّس؟

GMT 23:00 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ماذا لو رد «الجميل» السلام؟!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 18:02 2019 الثلاثاء ,27 آب / أغسطس

طاليب يغير البرنامج التدريبي للجيش الملكي

GMT 03:11 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

طريقة تحضير الأرز الأبيض بأسلوب بسيط

GMT 21:58 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

فساتين صيف تزيد من تميز إطلالتك من "ريزورت 2020"

GMT 07:30 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

ظافر العابدين يكشف أسباب وقف تصوير فيلم "أوف روود"

GMT 11:52 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الإمارات تصدر قانون جديد للمصرف المركزي والأنشطة المالية

GMT 18:34 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سُلطات مليلية تبحث عن عائلة طفل قاصر مُصاب بمرض خطير

GMT 16:40 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

جزيرة "أرواد" السورية تكشف نظرية جديدة بشأن سفينة نوح

GMT 12:05 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

ميسي يعلن أنه لن يلعب لأي فريق أخر في أوروبا

GMT 13:40 2018 الخميس ,01 آذار/ مارس

الرجاء يخوض منافسات كأس الكاف بقميص جديد

GMT 14:23 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الوردي والذهبي مع الباستيل آخر صيحات موضة 2018
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib