لبنان امتحان التشكيل

لبنان... امتحان التشكيل

المغرب اليوم -

لبنان امتحان التشكيل

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

 

«لست صندوق بريد»، رسالة وجَّهها رئيس الوزراء المكلّف تشكيل الحكومة نواف سلام إلى كل القوى السياسية الممثَّلة في البرلمان اللبناني، خصوصاً تلك الراغبة في أن تتمثل بالسلطة التنفيذية، لا سيما المصرّة على التعاطي بالذهنية السابقة ذاتها أو تلك التي تعتقد أنها لا تزال قادرة على فرض شروطها. قد يكون من حق هذه القوى أن تتحرك دفاعاً أو حمايةً لما تعتقد أنها مكاسب تمثيلية أو طائفية، ولكن من حق الرئيس نواف سلام أيضاً أن يتصرف وفقاً للآليات التي يمنحه إياها الدستور واتفاق الطائف، مع الأخذ بعين الاعتبار تصويت الكتل في الاستشارات النيابية، ولكن من دون إلزامه بأحجام التمثيل البرلماني أو ما تسمى الأعراف أو الحصريات.

موقف سلام في التشكيل ليس سهلاً، والمسؤولية تاريخية، فهو ليس في وارد إقصاء أحد أو تحجيم دوره أو مواجهة أي طرف من جهة، ومن جهة أخرى لا تمكنه مراعاة القوى البرلمانية في اختياراتها فقط، بل هو ملزم أيضاً بمراعاة الفضاء الوطني العام الذي شكّل مشروعية شعبية لاختياره. وهذا لا يمثل فقط جمهور «انتفاضة تشرين» أو المعارضة أو ما يمكن تسميتها الكتلة الصامتة التي كانت ترى أن أفق الإصلاح مسدود، كما أنه يحظى بغطاء جزء ليس بقليل من جمهور الأحزاب والقوى السياسية الممتعضة من خيارات أحزابها واختيارات تمثيلها. يضاف إلى ذلك زخم خارجي عربي وإقليمي ودولي يتصرَّف من موقع الناصح للبنانيين جميعاً، مواطنين ونخباً ومسؤولين سابقين وحاليين ومقبلين. هذا النصح يمكن اختصاره فيما قاله وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، قبل وصوله إلى بيروت في أثناء مشاركته في مؤتمر دافوس، من أنه «نريد رؤية إصلاحات حقيقية فيها من أجل زيادة مشاركتنا».

من موقف الوزير ابن فرحان إلى خطابَي القسم والتكليف، تبدو الطبقة السياسية في موقع وموقف صعبين، وهي عالقة ما بين إرادة داخلية مصرّة على التغيير ودعوة خارجية إلى الإصلاح. وأمام هذه الثنائية الداخلية والخارجية (التغيير والإصلاح)، يُفترض أن تتحلَّى الطبقة السياسية بإرادة التخلي وبقبول الإصلاح، وهما على ما يبدو غير متوفرين لديها، مما قد يتسبب في تأخير تشكيل الحكومة وفي تأخير الدعم الدولي. أمَّا تعثر هذين الأمرين، فستنحصر تداعياتهما على الوضع الداخلي الذي لن يتحمل أي خطوة سياسية إلى الوراء أو عرقلة الإصلاحات المطلوبة.

بين الدعوة إلى تطبيق الدستور و«الطائف»، والدعوة إلى فرض الأعراف والتذرع بالميثاقية، يكمن التأخير في تشكيل حكومة العهد الأولى، وهو ليس من صالح اللبنانيين عموماً. ولكن وفقاً للرأي العام الأغلبي في الأيام الأخيرة التي سبقت زيارة الرئيس المكلف للقصر الجمهوري ومن بعدها، فإن هناك رفضاً كاملاً لتشكيل حكومة توافقية أو محاصصة على النمط السابق، الذي دفع ثمنه اللبنانيون من أرواحهم وأرزاقهم، حيث الأخطاء الكارثية للطبقة الحاكمة ماثلة أمامهم، من حروب مدمِّرة وسياسات مالية كارثية. حيث صحّ القول هنا إن «المجرب لا يُجرَّب».

لا يملك نواف سلام عصا سحرية، ولكنه يملك أمرين: مرونة وإرادة. لا يمكن التعامل مع الأولى كأنها مدخل لانتزاع التنازلات كما العادة سابقاً، وأما إرادته الصلبة فقد ظهرت علامتها الأولى في مواقفه التي قالها في قصر بعبدا. وما بينهما زخم داخلي وخارجي يقطع الطريق على من يعتقد أنه قادر على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء أو تكرار سيناريو تكليف السفير مصطفى أديب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان امتحان التشكيل لبنان امتحان التشكيل



GMT 20:19 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

‎قمة الدوحة.. نريدها إجراءات وليست بيانات

GMT 20:16 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

سدودنا فارغة وسرقة المياه مستمرة

GMT 20:12 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

تاريخ «لايت»

GMT 20:10 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ما بعدَ هجوم الدوحة

GMT 20:08 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

بول بوت... جنون الإبادة الذي لا يغيب

GMT 20:07 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ربع قرن على هجمات 11 سبتمبر

GMT 20:05 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

انزلاقات المرحلة

GMT 20:03 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

أميركا... معارك الرصاص لا الكلمات

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib