ثنائية التخويف

ثنائية التخويف

المغرب اليوم -

ثنائية التخويف

حسن طارق

خارج حسابات التموقع السياسي التي تحرك الأحزاب؛ وفي علاقة بالاستحقاق التشريعي المقبل الذي انطلقت سخونته مبكرا، ثمة رهان كبير يحمله اقتراع 7 أكتوبر 2016.

خلف نتائج هذه التشريعات، فإن ضجيج التحالفات وقوائم المنتصرين والمندحرين، لن تستطيع الحيلولة دون انتصاب الأهم والأساسي: سؤال التقدم الديمقراطي.

في قراءة عمق المرحلة السياسية التي تعيشها بلادنا منذ 2011، فإن إمكانيات الارتداد السلطوي تظل واردة وبقوة.

لذلك، فالخيار السلطوي المثالي يبقى بكل وضوح، مجسدا في عنوان الغلق النهائي لقوس ما بعد الربيع العربي وتحويل دستور 2011، بمنطق التأويل الديمقراطي إلى مجرد ذكرى بعيدة .

الاستراتيجية التي دبرت بها الدولة تفاعلات ما بعد الربيع، تمثلت ببساطة في الالتفاف على الدستور المتقدم، بمزيد من التحكم في القرار الحزبي، وبمزيد من الاختراقات الممنهجة لأحزاب الحركة الوطنية.

لذلك كان ثمة حرص بالغ على تعويم الفرز الطبيعي الذي أنتجته الحالة الإصلاحية التي فجرتها دينامية 20 فبراير، وعلى إعادة بناء مشهد سياسي، بتحالفات برلمانية وحكومية مصطنعة، ما يسمح بإمكانيات التحكم في الأغلبية كما في المعارضة .

فضلا عن هذه الاستراتيجية التي يغذيها نمط الاقتراع، تواصلت محاولات حثيثة لتحويل بؤرة الصراع، من السجال السياسي الديمقراطي إلى السجال الإيديولوجي الهوياتي، سواء من طرف وسائل الإعلام المنخرطة في الأجندة السلطوية، أو من خلال الاستعارة غير الموفقة لخطاب الحداثة من طرف المعارضة، خاصة في فترة 2013- 2015.

إن مرور خمس سنوات على فبراير 2011، يوضح بجلاء أن مؤشرات المناعة الديمقراطية ممثلة في ارتفاع منسوب اليقظة المجتمعية والمدنية، وتحرر ناخبي المدن، تتجاور مؤشرات الهشاشة الديمقراطية، ممثلة بالأساس في القتل التدريجي للصحافة الحرة، كأداة للسلطة المضادة، وفي ضعف القرار الحزبي المستقل.

في هذا المستوى من التحليل، يطرح البعض فرضية تحول الصراع الحزبي إلى  تقاطب ثنائي بين حزبي العدالة والتنمية من جهة، وبين الأصالة والمعاصرة من جهة أخرى، كسيناريو متفائل من شأنه إعطاء مضمون إيجابي للتعددية السياسية.

شخصيا لست مقتنعا بهذه الرؤية. الذهاب بهذا التقاطب إلى حده الأقصى ليس في صالح المسار الديمقراطي.

لماذا؟ ببساطة لأن ذلك سيؤدي إلى تغييب موضوعي للمسألة الديمقراطية من أجندة المرحلة.

ذلك أن خطاب التخويف من الإسلاميين من شأنه أن يؤدي في نهاية التحليل إلى التخويف من المجتمع نفسه، ومن الديمقراطية ذاتها، وأن يقدم حججا جديدة ذات طبيعة إيديولوجية هذه المرة لأنصار عودة السلطوية.

في الصف المقابل، فإن استبطان الإسلاميين لشراسة النخب – الموجودة داخل الدولة- المعادية لأي تعبير سياسي مستقل، فضلا عن تقديرهم لهشاشة باقي مكونات الحقل الحزبي، وإدراكهم لاتجاه رياح المحيط الإقليمي، سيجعلهم من جديد يعتبرون أن التطبيع مع الدولة، ومسلسل بناء الثقة، يعد أولوية مطلقة.

الذهاب إلى الاقتراع المقبل على أرضية ثنائية التخويف، بصراع حاد بين خيارين لا ثالث لهما، خيار التخويف من التحكم، وخيار التخويف من الإسلاميين، سيعني – بلا مفاجآت- انتصار العدالة والتنمية، لكنه لن يعني – مع الأسف – بالضرورة انتصارا للديمقراطية.

كيف نحول إذن، لحظة 7 أكتوبر إلى لحظة للتقدم الديمقراطي؟

سؤال يستحق عودة مفصلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثنائية التخويف ثنائية التخويف



GMT 09:47 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

هل يتخطى المكلّف علاوي إملاءات إيران

GMT 03:44 2017 الإثنين ,25 أيلول / سبتمبر

الدولة بريئة

GMT 05:10 2017 الخميس ,10 آب / أغسطس

بن كيران يوجه رسائل إلى القصر

GMT 05:23 2017 الأربعاء ,09 آب / أغسطس

ملكية أكثر.. حزبية أقل

GMT 08:30 2017 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

من رأى منكم زيان فليغيره…….!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:31 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً
المغرب اليوم - اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib