آسف على الإزعاج

آسف على الإزعاج !

المغرب اليوم -

آسف على الإزعاج

المختار الغزيوي

يزعجنا ترامب حين يقول إنه يريد منع المسلمين من دخول أمريكا، ولا نزعج بعضنا بعضا حين نقول إننا نريد أن نلقي باليهود في البحر.
تزعجنا مارين لوبين حين تقول إنها ترى في النقاب قبحا وفي الحجاب مساسا بمبادئ الجمهورية، ولا يزعجنا من يقولون عن اليهود والنصارى إنهم أحفاد القردة والخنازير.
يزعجنا الفرنسيون حين يصوتون لليمين المتطرف الذي يريد الانتهاء من الهجرة والاختلاف، ولا نزعج أنفسنا حين نصوت على من يقول بأنه وحده يمتلك مفاتيح الجنة وأن الآخرين كل الآخرين ذاهبون إلى النار، ولا يزعجنا أن نتمنى يوما يأتي علينا نكون نحن فيه الوحيدون الموجودون على الساحة العالمية كلها
آسف على الإزعاج، عنوان فيلم مصري جميل للمتألق أحمد حلمي، لكنه أيضا عنوان لابد أن يردده كل من يجرؤ ويقول لهؤلاء المنزعجين من علامات الكره والحقد الآتية من لدن الآخرين “ألن تسألوا أنفسكم يوما عن السبب الذي يجعلهم يتعاملون معنا هكذا؟”
لابد من السؤال وإن كان مزعجا لأننا على مايبدو أصبحنا نعطي لأنفسنا حقوقا ليست لها، وأصبحنا نتوهم قوة لا نتوفر عليها والكارثة هي أننا الحلقة الأضعف في المسلسل العالمي كله. وحين يقرر الآخرون المرور إلى قرن الفعل بالكلام، ويشرعون في قصفنا بالمعقول وليس بالكلام، تجدنا في الزاوية جالسين القرفصاء نقرأ اللطيف مع بعضنا البعض، أو في المظاهرات الصاخبة المضحكة نترنم بالنشيد الشهير “بفضلك مولانا جد علينا واهلك من طغى وتجبر علينا”.
طيب، وماذا لو توقفنا قليلا عن الطغيان على أنفسنا، وقمنا بقياس ميزان قوتنا قياسا سليما وقلنا لأنفسنا إن عديد الأفكار التي نؤمن بها في هذا الهنا والآن الممتد امتدادا من مياهنا إلى مياهنا أو من تابوت الماغوط إلى تابوته الآخر هي ليست بالصحة ولا الصواب الذي نتخيلها بها؟
ماذا لو؟
صدقوني، سيكون الأمر طيبا للغاية، لأننا وحتى في توازن الرعب هذا الذي نحاول فرضه على البشرية بداعي أنه آخر أسلحتنا خاسرون. كم يقتل إرهابيو داعش في كل غزوة من غزواتهم البلهاء والمجرمة والمجنونة؟
مائتان، ثلاثمائة، ألفان ونيف مثلما فعلوا في برجي مانهاتن الشهيرين؟ كم يموت من الناس بعدها انتقاما أو ثأرا أو إعادة تصويب للمسار كله؟ مئات الآلاف ضمنهم بضعة آلاف من المجرمين الذين يستحقون الموت فعلا، وآلاف مؤلفة من الأبرياء المدنيين الذين لم يرغبوا في شيء أبدا سوى أن يعيشوا، سوى أن يحيوا، سوى أن يتمكنوا من آخر حق من حقوق الإنسان الضعيف على هاته الأرض: أن يستنشقوا بعض الهواء شهيقا وزفيرا ثم أن يرحلوا بعدها إلى الفناء.
يزعجنا اليوم أن يقول عنا العالم المتحضر كله إننا إرهابيون قتلة، وأننا ندين بمنطق الموت للجميع: لإسرائيل، لأمريكا، لنا معهم في الطريق، ولكل بلداننا ولكل الكائنات الحية في نهاية المطاف، ولا نطرح السؤال “لماذا؟”
نأبى لأننا نعرف الإجابة، ونرفض لأننا أجبن من أن نتحمل وقعها على أنفسنا.
نحن السبب، ولا جلد ذاتي في الموضوع، ولا رغبة في تبرئة الآخر، بقدر ما هي الحقيقة المؤلمة التي تجعلنا نعيش على ناصية الحياة، وعلى هامش الحضارة، وعلى رصيف كل تقدم يحدث في عوالم اليوم.
الإنسانية تخترع لمستقبلها آخر المستجدات، وأكثرها قدرة على الإبهار، ونحن نخترع أمرا واحدا فقط: أحزمة ناسفة محملة بأكبر قدر من المسامير لكي تتمكن من إحداث أكبر قدر ممكن من الأضرار.
آسف على الإزعاج مجددا، لكن هاته “النحن” أضحت أكثر إزعاجا لمن في عقله ذرة تفكير سليمة واحدة، وأضحت سؤالا لابد من طرحه على كل من يريد النفاذ بجلده من هذا الجحيم المتخلف، ويريد أن يحسب على الإنسانية الشاسعة  لا على هذا الدمار الضيق
من نحن؟ وهل تجمعني بداعشي العقل والتفكير والممارسة ذرة انتماء واحدة؟
أشك. أريد أن أشك في ذلك. ماذا وإلا فإنني ضعت فعلا إذا كان النقيض هو الصحيح..
آسف على الإزعاج فعلا…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آسف على الإزعاج آسف على الإزعاج



GMT 20:30 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

سوريا… عقدة النظام الإيراني!

GMT 20:28 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

طبيعة الحرب الأوكرانيّة تغيّرت…

GMT 20:25 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

مع تحيات حنظلة

GMT 20:24 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

سيرة المؤشر

GMT 20:13 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

هناك ما يمكن عمله ضد إسرائيل

GMT 20:11 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

هل ضجر العالم من الواحدية الأميركية؟

GMT 20:07 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

‎خمس نقاط مهمة في كلمة السيسي بالدوحة

GMT 20:01 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

عن مؤتمر دولي واجب الانعقاد... ومستحيل

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 18:41 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 19:40 2018 الأربعاء ,30 أيار / مايو

9 نصائح لتدبر قراءة القرآن في شهر رمضان

GMT 16:50 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

راسل وستبروك يحصد إنجازًا مئويًا في "NBA"

GMT 02:14 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

استمتعي ببشرة مشرقة بقطرات التوهج من "لانكوم"

GMT 05:17 2015 الأربعاء ,25 آذار/ مارس

أنّ نجوميته لم تنطفىء

GMT 07:27 2016 الثلاثاء ,26 تموز / يوليو

أزمة «الاتحاد المغاربي»

GMT 01:49 2016 الخميس ,28 تموز / يوليو

سُفْلَِيّ العربية في موريتانيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib