إذا بادت الثّقافة عمّت الخُرافة

إذا بادت الثّقافة عمّت الخُرافة

المغرب اليوم -

إذا بادت الثّقافة عمّت الخُرافة

بقلم - أسامة الرنتيسي

في عقل الدولة وسلوك السلطات استسلام برغبة او في العقل الباطن لما تتطلبه ثقافة جماعة الاخوان المسلمين والمجتمع المتدعش.

اكثر ما يتفق عليه الأردنيون هذه الايام، ليس مرتبطا بالمواقف السياسية والاقتصادية، والاجتماعية. الاجماع الاردني محدد في أن عطبا ما أصاب منظومة الاخلاق في الاردن، بحيث اصبح الفساد فهلوة، والكذب السياسي شطارة وحنكة، والخراب الاقتصادي سياسات متراكمة.

معالجة منظومة الاخلاق والقيم، ليست مرتبطة بقرار سياسي او اداري، بل بقرار مجتمعي، وخير من يبحث ويوجه البوصلة في هذا الشأن، هم اصحاب الثقافة والفكر، لكن يبقى السؤال معلقا، لم غياب المثقف الأردني المفجع عن المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي؟

سيقول بعضهم إن عددا من المثقفين حاضرون في أي نشاط، وبعضهم لا تغيب عنه أية فعالية، وهذا صحيح لا نقاش فيه، لكن هل يكتفي المثقف بدور رجل الشارع العادي أو حتى الحزبي الذي يشارك في الاعتصامات والمسيرات، ويتشارك معه في إطلاق الشعارات وحمل اللافتات، وبعد ذلك يُكفى المؤمنون شر القتال؟

في الأردن حراك يضمُر ويتسع، وفيه توسع في القضايا الاجتماعية والعنف المجتمعي، شئتم أم لم تشاءوا هو حراك مجتمعي، يفرز الغث من السمين، أعجبتكم الحال أم لم تعجبكم، عليكم أن تقولوا شيئا، أن تنيروا الطريق للناس، ألستم الضمير الخلاق، والشمعة التي تنير الطريق؟

في الاردن نكوص عن بعض مظاهر الحياة المدنية باتجاه التشدد، وفيه لغة خشبية، ومصطلحات كراهية عند وقوع اي خلاف حتى لو كان حول مباراة كرة قدم، وفيه حالة من الاحباط، والخوف على المستقبل؟.

الخوف من أن بعض المثقفين غير مشتبكين مع الحياة، يكتفون بحضور ندوات، حاضروها لا يزيدون على عدد أصابع اليدين، يمارسون الجدل البيزنطي مع أنفسهم، وفي أبعد الحالات مع شلتهم. المثقف يجب ألا يدخل أية قضية ويلتزم بها، وإنما عليه أن يترك دائما داخل نفسه هامشا يمكنه من التفكير ويفسح له عند الضرورة فرصة للمراجعة والتراجع من دون أن يفقد من شرفه الثقافي.. فمن حقه أن يقتنع بما يشاء على ألا ينسى أنه مسؤول، وكثير من المثقفين العرب تواروا عن الأنظار والإبداع لأنهم تخندقوا في مواقع أتى عليها الانهيار.

لا أحد ينكر أن الثقافة بشكل عام تعاني من التوتر، انظروا كيف أصبح مطربو “الهشك بشك” يحظون بالاهتمام والرعاية أكثر من المفكر والفيلسوف والشاعر والمبدع. المثقفون وقادة الرأي استقالوا وتركوا أمر الثقافة للمشبوهين والعابرين.

لقد اختار المثقفون ألا يتحركوا، واختار رجال الفكر ألا يفكروا فتركوا الساحة للفراغ القاتل وللمبتدئين، لا يكفي أن تفتح الصحف لهؤلاء لنظن أن الثقافة موجودة؟ إن الناس- مواطنين وسياسيين وغير هؤلاء- ينتظرون من المثقفين أن يهتموا بالمجتمع، بآلامه وطموحاته، بمشاكله وتناقضاته، وأن يخلقوا الحل في إطار متنوع يفتح الآفاق ويبعث الأمل، وأن يثيروا معركة مجتمع حقيقية تتفاعل فيها الآراء، وتسهم التوجهات كلها في تكريس الديمقراطية، واتاحة الفرصة للاختلاف في الرأي، والمواجهة الفكرية السليمة التي تحتوي على الفروق، وتوجه التناقضات في القنوات التي أبدعتها التجارب البشرية عبر القرون.

لقد أصيب العقل بانتكاسة، وأفلست الكلمة عندما غاب المثقفون الحقيقيون. فعلى مثقفينا أن ينزلوا من أبراجهم العاجية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إذا بادت الثّقافة عمّت الخُرافة إذا بادت الثّقافة عمّت الخُرافة



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib