الطواف حول بحر الجليل

الطواف حول بحر الجليل

المغرب اليوم -

الطواف حول بحر الجليل

حسن البطل
بقلم : حسن البطل

البحر بحيرة كبيرة. اختلفتُ على مشهد البحر الميت حتى ألفته. يقولون: «بحيرة لوط». البحيرة بحر صغير اختلف عليّ المشهد بعد مفرق «حيطيم». يقولون: «بحر الجليل». لسان صغير من البر في بحيرة لوط، يجعل شكل هذا البحر المالح أشبه بعشّ الأنثى.

هنا العشب الأخضر القليل على الصخر البني أشبه ببثور الجدري بعد الجفاف. وفلسطين أنثى من بحر الموت إلى بحيرة الخليقة. بحيرة أشبه بجرّة من الماء عملاقة. هنا العشب الوفير على الصخر يجعل اللون البني أشبه ببثور جدري الماء. وفلسطين فحل في بحر الجليل وأنثى في بحيرة لوط. بحيرة طبريا أشبه بخصية ثور. النهر هو النهر Yarden أو Jordan، أو نهر ينقل برق شهوة الماء العذب من بحيرة كالجرّة، كخصية الثور، إلى بحيرة لوط؛ بحيرة لوط أشبه بعش الأنثى. يستعير البحر اسم البحيرة. تستعير البحيرة شكل البحر. بعد مفرق «حيطيم» تبدأ الجنّة.
اختلف عليّ المشهد هنا، واختلفتُ على المشهد هناك. في الجنّة يسقونك الماء النمير؛ وفي بحر الموت ماء مالح أجاج لمن يذهب إلى دار العذاب. فلسطين أرض الخليقة الأولى في بحر الجليل، وأرض الآخرة في بحيرة لوط. والأردن يركض بماء الحياة من الجنّة إلى الآخرة/ الموت، يستر بريق شهوته، إلى عش الأنثى. نباتات بوص من أوّل الرغبة إلى انطفاء الشهوة، كأنها شعر كثيف يستر عانته.
* * *
أنت تصعد إلى الجنّة.. ولكنك تنزل إلى البحيرة حيث الجنّة. أنت تصعد إلى صفد. في طبريا يختلف المشهد عليك، أو أنت تختلف على المشهد. هل بنى ظاهر العمر هذا الجدار الأسود من حجر البازلت ليأتي الغزاة الجدد، ويبنون خلفه فندقاً شاهقاً - فاخراً «شيراتون طبريا».
ما هي العين الحوراء؟ شدّة بياض العين على شدّة سواد حدقة العين. ما هي النظرة الحولاء إلى صفحات التاريخ؟ وضعوا لوحة سياحية أمام الجدار: «زعيم بدوي يدعى ظاهر العمر بنى هذا الجدار».
هذا الذي كسر شوكة الإمبراطور على أسوار عكا، يجعلون جداره زينة الفندق، يُحطّون من شدة بأسه وقوة شكيمته إلى زعيم بدوي. هذا أبو الوطنية الفلسطينية.. وقلبي بازلت أحمر يغلي. إسمنت أبيض، شدة بياض الزمن ووقاره، يشدّ مداميك حجارة سوداء. تصير بيوتاً راسخة جميلة، جميعها صارت للسياحة أو لمكاتب الحكومة والبلدية. وأنت عليك أن تسعى بين بحر ميت، يدعى بحيرة لوط، وبحيرة تضجّ بالخصب والحياة، تدعى بحر الجليل.. حتى لا يختلف عليك المشهد بين كذبة غزاة إلى كذبة غزاة. نهر الأردن، أو «ياردن» أو «جوردان».. أو نهر الشريعة. المكان مكان واللسان يختلف من غازٍ إلى غازٍ. صفد أو «تسفات». اللون البني مثل بثور الجدري على بساط الغاب الأخضر في صفد، حيث يشرب الماء ماء من ثدي الغيم.
غيمة بين سطح البحيرة وصفحة السماء. أمدّ أصابع كفّي في بحر الجليل لأصافح برّ سورية. يقول الفلسطيني - المواطن: تمهّل. سنصعد إلى برّ سورية. هنا عين زيوان. هناك فيق.. ما بعد هناك تبدو التوافيق. أطلق عقيرتي بالهتاف: «أنت سورية بلادي/ أنت عنوان الفخاما /كل من يأتيك يوماً طامعاً يلقى الحطاما».
يقول زميلي مندهشاً: ما خطبك؟ كنت يسوعياً في الناصرة حيث شرب المسيح من النبع. كنت شيوعياً في كفر ياسيف حيث الجليل المقيم استضاف الجليل اللاجئ إلى لبنان واللاجئ إلى سورية. كنت عروبياً في لوبيا.. والآن تطوف مثل المسلم.. ولكن على شاطئ بحر الجليل، شرقاً وغرباً، المحتل قديماً والمحتل حديثاً؟ ما خطبك؟
في الطواف حول بحر الجليل كنت أتفقد أركان هويتي الفلسطينية. ها أنا أمكّن أركانها، ها أنا أسعى بين البحر الميت وبحيرة طبريا.
فلسطين هي الأنثى، والخليقة بدأت ها هنا: من بحيرة الجليل العذبة الأشبه بالجرة، الأشبه ببيضة الثور، إلى البحر الميت. والأردن يسعى شبقاً بين أول الخليقة وأول الموت. المكان كله عين. إنسان المكان كله قلب.. وها أنا أطوف بحر الجليل مع حركة عقرب الساعة. هذا جبل الطور. هذا جبل التطويبات. هذا تابوت أخضر لموت قرية إلى يوم قيامة فلسطين. .. وأنا قمت بالتطواف الأول حول بحر الجليل. الغزاة يكتبون اسم المكان كما يريدون، وأقرأ المكان كما أراه.
يقولون: رأيت رؤيا القلب. هنا الطواف. هذه أركان البلد. هذه أركاني.. والرؤيا بين بحيرة الخليقة وبحر الآخرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطواف حول بحر الجليل الطواف حول بحر الجليل



GMT 10:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

‏مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:45 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:42 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 19:22 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران
المغرب اليوم - بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران

GMT 19:14 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أذربيجان ترفض إرسال قوات إلى غزة قبل وقف القتال
المغرب اليوم - أذربيجان ترفض إرسال قوات إلى غزة قبل وقف القتال

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 05:24 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 19:51 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل افتتاح بنكهة أفريقية للشان في المغرب

GMT 13:32 2025 الثلاثاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أنشيلوتي يطمح لقيادة البرازيل نحو لقبها العالمي السادس

GMT 14:13 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تقنية ثورية للتحكم في النعاس أثناء القيادة من باناسونيك

GMT 04:57 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

ظهور دولفين مهجن آخر في هاواي

GMT 04:45 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحسين عموتة يهدد اللاعبين الذين تراجع مستواهم

GMT 05:18 2015 الجمعة ,02 كانون الثاني / يناير

محمد جبور يعرب عن فخره بنجاح تصاميمه عالميًا

GMT 14:45 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

تصنيف “جامعة الرباط” في المرتبة 15 إفريقيّا

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 00:26 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الفنانة بوسي تكشّف أسباب ابتعادها عن الأدوار الكوميديا

GMT 22:38 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

أيوب الكعبي مطلوب في أتلتيكو مدريد الإسباني

GMT 04:04 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تشاد تلمح لضلوع السودان في مقتل رئيسها السابق

GMT 15:28 2023 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

الأداء الأسبوعي يرتفع في بورصة الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib