وقف النار في إيران هدنة يتهددها الخطر

وقف النار في إيران: هدنة يتهددها الخطر

المغرب اليوم -

وقف النار في إيران هدنة يتهددها الخطر

أمير طاهري
بقلم - أمير طاهري

وصف بعض المعلقين الهجوم الأخير الذي شنّته إسرائيل والولايات المتحدة على أجزاء من المشروع النووي الإيراني، باسم «حرب الـ12 يوماً». إلا أن هذا التوقيت النهائي، في الحقيقة، من اختيار طهران، في إطار مزاعمها بأن إيران استطاعت أن تقاتل لمدة أطول بمرتين، عن الدول العربية التي قادتها مصر في حرب الأيام الستة عام 1967.

في الواقع، وبدرجات متفاوتة في الحدة والتنوع في المواقع، فإن هذه الحرب بدأت قبل أكثر من أربعة عقود، حينما داهمت السلطات الثورية الجديدة البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية في طهران، وسلمتها لزعيم منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عرفات، الذي كان ضيفاً خاصاً على الخميني. وبعد بضعة أشهر، كرّر النظام الثوري الجديد الأمر نفسه باقتحام السفارة الأميركية، واحتجاز دبلوماسييها رهائن.

وبحسب القانون الدولي، تُعد البعثات الدبلوماسية أو السفارات جزءاً من أراضي الدولة صاحبة البعثة، ويُعدّ الهجوم المسلح عليها سبباً مباشراً للحرب. وفي العام التالي، ردّت الولايات المتحدة عندما أمر الرئيس جيمي كارتر بعملية فاشلة لاختراق الأراضي الإيرانية، ما أكد حالة الحرب المستعرة بين البلدين.

وشكّلت حرب إيران مع العراق، التي استمرت ثماني سنوات، «فاصلة» مؤقتة، شحنت خلالها كل من الولايات المتحدة وإسرائيل أسلحة ومعلومات استخباراتية إلى طهران، لمساعدتها ضد نظام صدام حسين في بغداد.

بعد ذلك، جرى استئناف الحرب مع إسرائيل، عندما بدأت طهران بتشكيل جيوش صغيرة تعمل بالوكالة عنها في لبنان، وسعت إلى تجنيد مرتزقة محتملين من بين مختلف الفصائل الفلسطينية المسلحة.

وبحلول أوائل الثمانينات، كانت طهران، المتحالفة مع نظام الأسد في دمشق، قد حوّلت لبنان إلى ساحة معركة ضد كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.

وفي التسعينات، بدأت طهران حرباً منخفضة الشدة ضد القوات الأميركية في العراق، بينما واصلت عبر وكلائها حرب استنزاف ضد إسرائيل ـ وهي حروب لا تزال مشتعلة حتى يومنا هذا.

وكان من الضروري التذكير بهذه الأحداث، لتوضيح أن التصعيد الأخير له أسباب أعمق من مجرد القلق بشأن سعي إيران إلى امتلاك ترسانة نووية ـ وهو أمر أكد جميع مديري الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من هانز بليكس إلى محمد البرادعي ورافائيل غروسي، مراراً أنه من المتعذر عليهم تأكيده.

وبالتأكيد، فإن نظرية «واحد في المائة» الشهيرة في إدارة المخاطر، تتطلّب أخذ احتمال وصول عدو خطير إلى السلاح النهائي على محمل بالغ الجدية ـ وهو ما فعله جميع رؤساء الولايات المتحدة منذ بيل كلينتون، عبر محاولات متعددة لـ«احتواء» إيران، دون جدوى حتى الآن.

والآن، هل يعني ذلك أن النظام الحالي في طهران من غير المرجّح تماماً أن يتخلى مؤقتاً عن البُعد العسكري المحتمل لمشروعه النووي؟

وإذا حكمنا من خلال تصريحات كثير من شخصيات النظام ـ آخرهم الرئيس مسعود بزشكيان، وبطريقة غير مباشرة المرشد علي خامنئي ـ فقد تكون الإجابة: «لا» بتحفّظ.

وقد لمّح النظام إلى استعداده للنظر في تجميد البُعد العسكري المحتمل للمشروع النووي ـ ينفي وجوده أساساً ـ مقابل أربعة تنازلات من الولايات المتحدة وحلفائها، بما في ذلك إسرائيل.

المطلب الأول: السماح للنظام بحفظ ماء وجهه، والادعاء بتحقيق نصر عظيم ضد أميركا وإسرائيل. وهذا بالضبط ما تفعله طهران حالياً، سواء في الداخل، أو بمساعدة دوائر مناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل، على مستوى العالم.

المطلب الثاني: إلغاء جميع العقوبات المفروضة على إيران.

المطلب الثالث: أن تتعهد الولايات المتحدة وحلفاؤها بعدم التفكير في أي خطط لتغيير النظام في إيران أو دعمها. ويعني ذلك قطع العلاقات مع العشرات من جماعات المعارضة الإيرانية.

أما المطلب الرابع: وربما الأصعب على أي إدارة أميركية مجرد التفكير في قبوله، وهو الاعتراف بـ«حق الجمهورية الإسلامية» في تصدير نموذج حكمها، وقيمها الإسلامية، وحملتها من أجل «العدالة العالمية»، تماماً مثلما تسعى واشنطن إلى نشر قيمها الخاصة.

بمعنى آخر، تقول طهران: دعونا نفعل ما نريد، ونعدكم بألا نصنع القنبلة التي لطالما قلنا إننا لا ننوي بناءها أصلاً.

وقد جرى توصيل هذه الرسالة بشكل غير مباشر عبر مقابلة تكر كارلسون الحصرية مع الرئيس بزشكيان، حيث جاء فيها: نريد أن نتباهى بنصر عسكري كبير، وسنسمح لكم بادعاء نصر دبلوماسي كبير، من خلال العودة إلى طاولة المفاوضات.

وشكل وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس دونالد ترمب، فترة استراحة داخل دراما دموية بدأت قبل ما يقارب نصف قرن.

وخلال هذه الهدنة، هناك ثلاث ساعات زمنية تدق في الخلفية:

الأولى: ساعة الحياة السياسية والبدنية للمرشد، ورغم تعرضها للاهتزاز، فإنها تبدو قابلة للاستمرار حتى الآن.

الثانية: ساعة الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، التي قد تحوّل الرئيس ترمب إلى رئيس مشلول من دون صلاحيات فعلية، إذا نجحت أداة إيلون ماسك السياسية الجديدة في سلب الجمهوريين ستة مقاعد في الكونغرس، ومقعدين أو ثلاثة في مجلس الشيوخ. وفي الوقت ذاته، قد يتمكن خصوم بنيامين نتنياهو السياسيون الكثيرون في إسرائيل من الإطاحة به.

لذلك، يرى المطلعون على بواطن الأمور في طهران أنه من الضروري تمديد الهدنة الحالية ـ ولو عبر التفاوض ـ إلى أن تتلاشى «السحابتان الكبيرتان» اللتان تتخذان شكل ترمب ونتنياهو، مثلما تتلاشى شبورة الصباح.

الثالثة: ساعة الغضب الشعبي الزائد في إيران، ويرى كثير من الناس أن ما يمرون به هو فشل تاريخي، مصحوب بإذلال غير مسبوق ومعاناة يومية قاسية.

ويبدو وقف إطلاق النار الحالي أقرب إلى فترة استراحة محفوفة بالمخاطر، في خضم حرب بدأت قبل ما يقارب نصف قرن، ولا يبدو أنها تقترب من نهايتها.

موجز القول، كان هذا فحوى رسالة وكالة «تسنيم»، الناطقة باسم «الحرس الثوري»، الثلاثاء الماضي: «الوضع السياسي الحالي لا يقتصر على خيارين فقط: الصمود أو الاستسلام. ويكمن الجانب الثالث في تغيير المسار، الذي يعني منح العدو انتصاراً لم يحققه بالحرب».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وقف النار في إيران هدنة يتهددها الخطر وقف النار في إيران هدنة يتهددها الخطر



GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

آخر الرحابنة

GMT 21:04 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حلّ الدولتين... زخمٌ لن يتوقّف

GMT 21:03 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

«تامر يَجُرّ شَكَل عمرو!»

GMT 21:01 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

رياح يوليو 1952

GMT 20:59 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

لا يجوز في الساحل ولا يليق

GMT 20:58 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

الوزير الخائن دمر الفسطاط (1)

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حرب المساعدات

GMT 11:10 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 19:34 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة
المغرب اليوم - فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة

GMT 17:16 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 16:39 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 16:18 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 19:12 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس والشعور

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 19:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib