أسئلة بعد مقتل السنوار

أسئلة بعد مقتل السنوار

المغرب اليوم -

أسئلة بعد مقتل السنوار

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

الموت والدمار والتخريب نتائج مؤكدة لكل حربٍ؛ فالحروب لا تراعي حياة ولا تقيم وزناً للبشر، وقد دخل السنوار حرباً مع إسرائيل في قطاع غزة قبل عامٍ، وأعلنت إسرائيل مقتله، الأسبوع الماضي، لتُطوى صفحة قاسية من صفحات معاناة الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره في غزة.

ليس في الموت شماتة، ولكن موت شخصٍ كان له تأثيرٌ كبيرٌ على مستقبل شعبٍ بأكمله يحتاج لوقفات تأملٍ، وطرح أسئلة ملحة، لأن الأوضاع في قطاع غزة أصبحت غير إنسانية بأي حالٍ.

هذه الأسئلة يجب أن تكون صادقة بحجم أهمية القضية الفلسطينية عربياً وإسلامياً ودولياً، وبحجم أهمية الشعب الفلسطيني ومستقبله ومستقبل دولته، حتى يستطيع الناس أن يضعوا النقاط على الحروف، وحتى يمكن الحديث عن استقرار وأمنٍ ودولة.

فما القضية الفلسطينية؟ ومَن يمثل هذه القضية؟ وهل من حق أي طرفٍ أو فصيلٍ أن يتخذ ما يحلو له من قراراتٍ تتعلق بالسلم والحرب من دون تفويضٍ من الشعب؟ أما القضية الفلسطينية فهي معروفة، وهي قضية عادلة، ويمثل هذا الشعب تمثيلاً كاملاً «منظمة التحرير» التي انبثقت عنها «السلطة الفلسطينية»، وهذا ما تقرّ به كل الدول العربية بلا استثناء، ومن هنا فـ«منظمة التحرير» و«السلطة الفلسطينية» فقط هما مَن بيده تمثيل هذا الشعب واتخاذ قرار السلم والحرب.

من هنا فمن البديهي أنه لا يحق لأي شخصٍ أو فصيلٍ أن يختطف قرار الشعب ويدخله في أي مغامراتٍ غير محسوبة العواقب تحت أي مبررٍ أو ذريعة، ويجب أن يكون هذا الشعب هو صاحب القرار الأول والأخير في حياته ومستقبله وطبيعة دولته وعلاقاتها بإسرائيل ودول الجوار والعالم بأسره، ولكن الواقع يقول بوضوح إنه منذ 2007 قام فصيل فلسطيني بانقلابٍ عسكري دموي بشعٍ ضد «السلطة الفلسطينية» في غزة وتولّى حكم قطاع غزة منذ ذلك الحين، وهو يحارب السلطة الفلسطينية ويرفض أن يكون لها أي تأثيرٍ على مصير القطاع.

خاض الشعب الفلسطيني عشرات المعارك والحروب على مدى عقودٍ من الزمن داخل فلسطين وخارجها، ثم اختار طريق السلام، ووقَّع معاهدة أوسلو للسلام في النصف الأول من التسعينات، ثم قدمت السعودية مبادرة عربية للسلام مع إسرائيل عُرِفت بـ«المبادرة العربية للسلام»، وحظيت بإجماع كاملٍ من كل الدول العربية، وأصبح السلام هو الخيار الاستراتيجي تجاه القضية الفلسطينية، لأنه الخيار العقلاني والواقعي الوحيد.

في ظل صراعات المنطقة المحتدمة والدائمة، خرج منذ عقودٍ محورٌ إقليمي غير عربي يرفع شعار «المقاومة» و«الممانعة»، ويرفض السلام ويختار الحرب، وباسم القضية الفلسطينية تمدد هذا المحور وسيطر على القرار السياسي في 4 دولٍ عربية، هي: العراق وسوريا ولبنان واليمن. وبعد الانقلاب العسكري في قطاع غزة اختار الفصيل المنقلب أن يترك الدول العربية وخيارها المجمع عليه بالسلام، وانضم إلى محور المقاومة.

أصبح هذا الفصيل يُحكِم سيطرته التامة على قطاع غزة، ويدخل كل بضع سنواتٍ في حربٍ مع إسرائيل يتكبد فيها القطاع خسائر لا تُحصى، حتى وصلت الأمور إلى السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وارتكب هذا الفصيل حماقة سياسية جرّت على القطاع حرباً شعواء لا تبقي ولا تذر، وهي مستمرة إلى اليوم، ولا تزداد إلا عنفاً وقتلاً وتدميراً.

والسؤال الذي يلحّ على الذهن، هو: ماذا لو أن السنوار قُتِل في نفس اليوم، ولكن قبل سنة واحدة فقط؛ فماذا ستكون النتيجة؟ والجواب قد يشكل صدمة بحجم معاناة الشعب الفلسطيني في غزة من هذه الحرب المدمرة؛ فلو حدث ذلك، لبقي 50 ألف مواطن فلسطيني في بيوتهم وبين أهلهم وأحبابهم من دون موت ومآسٍ وفجائع، ولبقي لبنان شبه دولة يسيطر عليها حزب إيراني العقيدة والولاء السياسي، ولما اضطرّ رئيس وزرائها نجيب ميقاتي للرد على رئيس البرلمان الإيراني الذي صرح، مثل المندوب السامي لأي بلد مستعمر، ولبقي اللبنانيون آمنين.

لتَصَوُّر حجم الفاجعة، تخيل أي مدينة في بلدك عدد سكانها خمسون ألفاً، وتصور أن كل من فيها، رجالاً وشيوخاً ونساءً وأطفالاً قد قُتِلوا عن بكرة أبيهم، وكل ذلك لأجل شخصٍ واحدٍ وآيديولوجيا واحدة لا يقرها أهل المدينة ولا يرضونها.

مخطئون حدّ الجريمة مَن هتفوا قبل عامٍ بشعاراتٍ فجة حول المقاومة والممانعة، ثم عاشوا آمنين بين عوائلهم وفي بلدانهم تجري عليهم أرزاقهم كل يومٍ من دون خوفٍ أو وجلٍ، يشاهدون الفضائيات ويتأملون كيف يُقتَل سكان غزة كل يومٍ، ولا يجدون حرجاً في كتابة المقالات أو المشاركة في «السوشيال ميديا»، لينشروا شعاراتٍ جوفاء عن المقاومة والاحتلال ويحرّضوا على الحرب من غرفهم المكيفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسئلة بعد مقتل السنوار أسئلة بعد مقتل السنوار



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 00:22 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود
المغرب اليوم - بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 21:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
المغرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه
المغرب اليوم - أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib