شعب غزة وثالوث الظلم

شعب غزة.. وثالوث الظلم

المغرب اليوم -

شعب غزة وثالوث الظلم

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

حرب غزة حربٌ ظالمةٌ بحق الشعب الفلسطيني، فطرفَا الحرب يحرقان هذا الشعب بكل أنواع الأسلحة الفتاكة، أحدهما عدو كاسح هو إسرائيل التي أثبتت أنها لن تتهاون في أي مساسٍ بأمنها وسلامة مواطنيها حتى ولو أحرقت الأخضر واليابس، والثاني قريبٌ يحرق هذا الشعب في مجامر الأيديولوجيا التي يؤمن بها ولا يؤمن بها الشعب، وظلم ذوي القربى أشد مضاضة.

حرب غزة جائرةٌ لأنها بين طرفين، أحدهما يمتلك كل أنواع الأسلحة الحديثة والنوعية والمدمرة، والآخر يستفز الطرف الأول ويترك شعب غزة نهباً لتلك الأسلحة، ثم يصرح بعض قياداته أنهم غير مسؤولين عن سلامة هذا الشعب ولا عن أمنه، وهذا أمرٌ محرمٌ دينياً بفتاوى الفقهاء المعتبرين، وشائنٌ أخلاقياً بما يتضمنه من جبنٍ وخورٍ وإلقاء بالآخرين إلى التهلكة.

كل مَن يقول بأن من حق التنظيمات المسلحة أن تنقلب على السلطة الرسمية بقوة السلاح ثم تختطف قرار السلم والحرب وتلقي بالشعوب في المهالك يجب عليه أن يقرّ بأنه داعمٌ لكل بشاعات التنظيمات الإرهابية، مثل «القاعدة» و«داعش» وأضرابهما. وأهمية القضية الفلسطينية يجب ألا تردع عاقلاً عن نقدٍ مستحقٍ يجب أن يقال ويجب أن يسمعه الناس في هذه اللحظات العصيبة في غزة وفي المنطقة بأسرها.

قبل عامٍ وحين بدأت هذه الحرب الظالمة في 7 أكتوبر، كتب قلةٌ من الكتاب العرب يحذرون من مغبة هذه الحرب وما ستجره على الشعب الفلسطيني في غزة من مآسٍ وآلام وتدمير، وما كتبوه بالأمس استقراءً أصبح اليوم واقعاً وأرقاماً مفجعةً. وبالمقابل، كتب كثيرٌ من الكتاب العرب تحليلاتٍ وقراءاتٍ تمجد الحدث وتزايد على جماعات الإسلام السياسي وعلى «محور المقاومة» في المنطقة، وتدعو للمزيد من الحرب والقتل والدمار، لا باسم الجهاد المزعوم بل بأسماء ومفاهيم تحاول الالتصاق بالمفاهيم السياسية الحديثة، لكنها تفشل في كل مرةٍ، لأن كل تحليلاتهم وكتاباتهم اتضح اليوم أنها لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به، وأنها مجرد محاولات عابثة لتغطية الأيديولوجيا برداء من العقلانية.

هؤلاء الكتبة يمثلون الركن الثالث من ثالوث الظلم، وهم الذين حرضوا على الحرب حينذاك ويختبئون اليوم ويدفنون رؤوسهم في الرمال حتى لا يروا حجم الخسائر والدمار الذي لحق بغزة شجراً وحجراً وبشراً، ولا يجدون مخرجاً لأنفسهم إلا بالتهجم على الدول العربية وكأنهم تفاجؤوا بأن كل الدول العربية تسعى للسلام لا للحرب. ثم إن هؤلاء الكتبة لم يتجه ولا واحدٌ منهم إلى غزة ولم يغير شعرةً من حياته المترفة، وهم يشاركون قتلة الشعب الفلسطيني في غزة في جرائمهم من كلا الطرفين المتقاتلين هناك.

خمسون ألف فلسطيني ذهبوا ضحايا هذه الحرب، قتلى فقدوا حياتهم وانتهت أعمالهم، وضعف هذا العدد مصابون وجرحى، والبقية ما زالوا نهباً لآلة الحرب ونهباً للأمراض التي تفتك بهم مع استمرار هذه الحرب دون أفقٍ للحلّ. ولئن فسّر المؤدلجون ذلك بالخرافات، فإن مُدَّعي التحليل السياسي لا يستطيعون تفسير ذلك بأنه نصرٌ إلا بفضيحةٍ لعقولهم وانعدامٍ لأخلاقياتهم، ولا يمكن لنشر السباب والشتائم أن يغطي على خطل العقل ولا أن يواري سوأة الخلُق.

وأخيراً، فقد بذلت الدولُ العربية كلَّ ما استطاعت إقليمياً ودولياً لإيقاف الحرب، وبعثت بالمساعدات العاجلة والضرورية التي سمحت ظروف الحرب بوصولها، وهي مستمرةٌ في تلك الجهود حتى تصل لمبتغاها. ومَن تفاجأ بقوة إسرائيل سياسياً وعسكرياً وقوة تحالفاتها الدولية، فهو بحاجة إلى أن يعود ليتعلّم ألف باء السياسة من جديد.

نقلاً عن "الاتحاد"

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شعب غزة وثالوث الظلم شعب غزة وثالوث الظلم



GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

آخر الرحابنة

GMT 21:04 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حلّ الدولتين... زخمٌ لن يتوقّف

GMT 21:03 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

«تامر يَجُرّ شَكَل عمرو!»

GMT 21:01 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

رياح يوليو 1952

GMT 20:59 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

لا يجوز في الساحل ولا يليق

GMT 20:58 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

الوزير الخائن دمر الفسطاط (1)

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حرب المساعدات

GMT 11:10 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 19:34 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة
المغرب اليوم - فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة

GMT 17:16 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 16:39 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 16:18 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 19:12 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس والشعور

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 19:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib