عن الاعترافات الدوليّة بالدولة الفلسطينية

عن الاعترافات الدوليّة بالدولة الفلسطينية

المغرب اليوم -

عن الاعترافات الدوليّة بالدولة الفلسطينية

آمال موسى
بقلم : د آمال موسى

إن مقاربة مسألة الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية من منظور سلبي أو آخر موغل في التفخيم، لن تفيد واقع القضية الفلسطينية بأي شيء، بقدر ما ستزيد في عتمة المشهد وضياع بوصلة التفاعل البناء مع المجريات المأساوية العاصفة بأهالي قطاع غزة.

ونعتقد أن هذه المسألة المهمة جداً دولياً من التعقيد بشكل لا يجعل الموقف منها يسيراً وواضحاً. بل إن هذه الاعترافات هي في حد ذاتها تجارب تخوضها الدول التي تجرأت على الاعتراف بالدولة الفلسطينية وتقيس من خلال هذه الخطوة وزنها وعلاقاتها بإسرائيل وبالولايات المتحدة، وإلى أين يمكن أن يأخذها الاعتراف بالدولة الفلسطينية. ونرى أن هذه المسألة كذلك امتحان لضمير العالم بدوله ومؤسساته الأممية، وما هي طاقة هذا العالم بعدما راكمه من ترسانة حقوقية وقيمية على تحمل الدوس على الإنسان حياة وروحاً وكرامة.

نعم: ما يحدث في غزة يتجاوزها ليشمل العالم كله، بعد أن أصبحت غزة المرآة العاكسة لكل الحقائق.

من المهم الاعتراف بأن الاعترافات الدولية المتتالية بالدولة الفلسطينية من دول ذات قيمة في العالم مهمةٌ جداً للقضية الفلسطينية، وذلك حتى لو تعالت أصوات ترى غير ذلك. فمن واجب الدول العربية والإسلامية ونخبها تثمين هذه الاعترافات، لأنها أولاً مهمة، وثانياً تعدُّ إضافة نوعية، وثالثاً من المهم أن نضع في الحسبان أنَّها لم تكن موجودة هذه الاعترافات، وبوجودها اليوم فإنَّ قيمتها الرمزية والدولية تظلُّ ذات جدوى وضغط على إسرائيل. كما أنَّها تمثل تحولاً نوعياً في مقاربة العالم للقضية الفلسطينية، وهو تحول كنا نتوق له.

وحتى لو أتت هذه الاعترافات متأخرة، فهي أفضل بكثير من ألا تأتي، وهذا أقل شيء يجب أن يحصل بعد الأرواحِ الكثيرة التي قتلتها إسرائيل منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي، وصولاً إلى الحرب الشرسة على قطاع غزة.

أيضا هي اعترافات مهمة جداً حالياً، لأن خطة الحرب على غزة هي إفراغ القطاع وقطع الطريق نهائياً أمام إقامة دولة فلسطينية، بل وأيضاً حتى الاستمرار في الحكم الذاتي دون سيادة حقيقية. فالحرب التي تهدف إلى نسف الحق في دولة فلسطينية فكرة ومشروعاً، لا يمكن أن يكون اعترافُ الدول بالدولة الفلسطينية في مقابلها مسألة عديمة الجدوى. فإسرائيل تنسف مشروع الدولة الفلسطينية والعالمُ يرد بالاعترافات المتتالية، بما يعنيه ذلك من رد فعل ورفض، باعتبار أن الصمت والحياد يعنيان سياسياً القبول باختراقات إسرائيل للمواثيق الدولية والإنسانية.

لذلك فإنَّه من مصلحتنا اعتماد مقاربة إيجابية مع الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية.

لنأتي الآن إلى السؤال الصعب والمرّ: هل هذه الاعترافات كافية لتغيير الواقع الراهن والمخطط الإسرائيلي الذي لا يرى هدفاً أمامه غير إقامة إسرائيل الكبرى؟

يبدو لنا أنَّه في النضال ومقاومة الاحتلال لا يوجد شيء واحد كافٍ لتحقيق الحرية وتقرير المصير والسيادة. بل لا بد من مجموعات آليات، وكل آلية لها دورها وقوتها. وبناء عليه وأمام التعقيدات الماثلة أمام تفعيل الاعترافات الدولية وتحويلها إلى شيء مهم وفعال في تغيير واقع أهالي قطاع غزة والقضية الفلسطينية بشكل عام، فإن موقف الولايات المتحدة تجاه قطاع غزة ما زال غامضاً ويتماهى مع ما يريده نتنياهو.

هناك مشكل هيكلي؛ من المهم تخصيص لقاءات قمة بتنسيق من جامعة الدول العربية حول كيفية كسب حياد الولايات المتحدة، حتى لو بدا ذلك مستحيلاً. لنحاول التخفيف من المناصرة الكبيرة التي تعتمدها الولايات المتحدة مع إسرائيل وضد أهالي غزة.

لا حل غير وضع حزمة من التصورات لتحسين موقف الولايات المتحدة من القضية الفلسطينية.

إن تسديد ضربة موجعة لإسرائيل يكون بتحييد الولايات المتحدة، ولو كان ذلك نسبياً، لأنه لولا اعتماد إسرائيل المطلق على دعم الولايات المتحدة وحمايتها لها في مجلس الأمن من القرارات المصوغة ضدها، لما قامت بكل هذا الزلزال في المنطقة في فترة وجيزة لم تبلغ السنتين بعد (من تاريخ انطلاق الحرب على غزة أكتوبر «تشرين الأول» 2023).

لنتذكر في خضم كل هذه التعقيدات والمجازر الإسرائيلية أن الإيجابي هو أن البوصلة أصبحت أكثر وضوحاً دولياً: إقامة الدولة الفلسطينية، والعمل على حل الدولتين الذي تشتغل عليه المملكة العربية السعودية ومصر وغيرهما من عقود.

من يحب فلسطين وحزين لأوجاع أهالي غزة مُجبر على أن يكون إيجابياً ويثمن هذه الاعترافات المتواصلة من دول العالم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الاعترافات الدوليّة بالدولة الفلسطينية عن الاعترافات الدوليّة بالدولة الفلسطينية



GMT 23:14 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة فاشلة؟

GMT 23:11 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحزاب ليست دكاكينَ ولا شللية

GMT 23:09 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

«أبو لولو»... والمناجم

GMT 23:07 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ونصيحة الوزير العُماني

GMT 23:05 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

سراب الوقت والتوأم اللبناني ــ الغزي

GMT 23:00 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا يكره السلفيون الفراعنة؟!

GMT 22:56 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الحرية تُطل من «ست الدنيا»!

GMT 22:54 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

من القصر إلى الشارع!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 09:44 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ستة مشروبات طبيعية لتعزيز صحة الدماغ والذاكرة
المغرب اليوم - ستة مشروبات طبيعية لتعزيز صحة الدماغ والذاكرة

GMT 18:48 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار
المغرب اليوم - مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار

GMT 17:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 15:40 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 13:10 2015 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

فوائد الشوفان لتقليل من الإمساك المزمن

GMT 00:09 2016 الخميس ,10 آذار/ مارس

تعرف على فوائد البندق المتعددة

GMT 15:10 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

قطر تُشارك في بطولة العالم للجمباز الفني بثلاثة لاعبين

GMT 05:52 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

استخدمي المرايا لإضفاء لمسة ساحرة على منزلك

GMT 11:25 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تعرف على وجهات المغامرات الراقية حول العالم

GMT 10:10 2018 الأربعاء ,13 حزيران / يونيو

هولندا تدعم "موروكو 2026" لتنظيم المونديال

GMT 16:44 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

نجاة أحمد شوبير من حادث سيارة

GMT 09:26 2018 الخميس ,05 إبريل / نيسان

"الجاكيت القطني" الخيار الأمثل لربيع وصيف 2018
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib