أميركا المُقلقة
إعصار كالمايجي يودي بحياة أكثر من 116 شخصا ويعد الأشد في الفلبين هذا العام زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب شمال جزيرة سولاويسي في إندونيسيا الخطوط الجوية التركية تعلن عن إستئناف رحلاتها المباشرة بين إسطنبول والسليمانية اعتباراً من 2 نوفمبر 2025 مفاوضات سرية تجرى بين إسرائيل وحركة حماس لتمرير ممر آمن لمقاتلي حماس مقابل جثة الجندي هدار غولدين وزارة الصحة الفلسطينية تعلن إرتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى 68875 شهيداً كتائب القسام تعلن العثور على جثة أسير إسرائيلي في الشجاعية وتتهم إسرائيل باستهداف مواقع استخراج الجثث بعد مراقبتها نتنياهو يهدد مقاتلي حماس في الأنفاق بين الاستسلام أو الموت وسط نقاشات إسرائيلية حول صفقات تبادل جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال عنصر من قوات الرضوان التابعة لحزب الله انفجار ضخم جنوب قطاع غزة ناتج عن نسف مربعات سكنية بمدينة رفح غزة تتسلم 15 جثماناً فلسطينياً في إطار صفقة تبادل الجثامين
أخر الأخبار

أميركا المُقلقة!

المغرب اليوم -

أميركا المُقلقة

بقلم -حازم صاغية

أميركا، بعد «كورونا» والأزمة الاقتصاديّة، بلد مقلق، وهذا ليس بالخبر الباعث على الفرح. الأمر لا يتعلّق بخرافة «النموذج الصيني البديل»، ولا بالخرافة الأخرى عن «موت الرأسماليّة». إنّه يتعلّق بما بات البعض يسمّيه «رأسماليّة الكازينو» التي استولت في السنوات الماضية على أميركا، وتوّجت نهجاً تنامى ببطء منذ نهاية الحرب الباردة.

لنتوقّف عند بعض الأرقام التي أوردها بيرني ساندرز في مقالة نشرتها «نيويورك تايمز» الأحد الماضي: 40 مليوناً يعيشون في فقر، و87 مليوناً هم إمّا غير مضمونين أو مضمونون جزئيّاً، ونصف مليون مشرّد بلا بيوت. الفقراء، في أميركا وفي سواها، هم الأقلّ قدرة على ممارسة الحجْر المنزليّ، وبالتالي الأكثر تعرّضاً للإصابة. الفقراء السود يتصدّرون القائمة اليوم. عشرات الملايين يخسرون عملهم وكثيرون منهم يخسرون ضمانهم الصحّيّ.

ساندرز بطبيعته يبالغ، لكنّه هنا يشارك كثيرين ممن لا يبالغون. يقول مُحقّاً إنّ «أسس المجتمع الأميركي تتهاوى» فيما تجبرنا صدمة الفيروس والانهيار الاقتصادي على «إعادة التفكير في نظامنا».
مطالع القرن التاسع عشر، رأى دي توكفيل أنّ التجربة الأميركيّة تتميّز عن مثيلاتها الأوروبيّة في أنّ الأميركيين ولدوا متساوين فيما الأوروبيّون اضطُرّوا أن يناضلوا لبلوغ المساواة. أغلب الأميركيين كانوا ملّاكين صغاراً لا تغريهم الأفكار الثوريّة، مكتفين بالحفاظ على ملكيّاتهم. في وقت لاحق، ولدت الرأسماليّة الصناعيّة بعيداً عن البؤس والوحشيّة اللذين اتّسمت بهما الثورة الصناعيّة البريطانيّة. نظريّة توكفيل هذه كثيراً ما استخدمت في تفسير الضعف الذي اتّسمت به الحركات الثوريّة في أميركا.
هذا لم يعد صحيحاً اليوم.

صحيح أنّ الأزمة الاقتصاديّة ليست حكراً على ذاك البلد، وهي بذاتها قد لا تكفي لدقّ ناقوس الخطر. لكنّها تتكامل مع معطيات أخرى تلتقي عند هلهلة النسيج الجامع: فمنذ الثمانينات بدأت تتراجع «البوتقة الصاهرة» (melting pot) التي كانت وراء كلّ ما هو عظيم في أميركا. شرع يحلّ محلّها ما وصفه البعض بفلسفة الغيتو التي تنطلق من التعدّد وقد تهجس بالانفصال. ولأنّ أميركا «أمّة مهاجرين»، فهذا يجعلها تشبه القبائل المتصارعة.

وبالفعل فمع الانتصار في الحرب الباردة، بدأ يعلو صوت النقد لهذا الواقع الجديد. النقّاد ركّزوا على مسارح ثلاثة للنزاع: البيض والسود، والرجال والنساء، والجماعات الإثنيّة فيما بينها. لحظات الانفراج الاقتصادي كانت تضيّق الفوارق، خصوصاً مع نشأة بورجوازيّة سوداء والارتفاع النسبي للعمل بالمساواة الجندريّة في المؤسّسات. لكنّ هذه الوجهة قابلتها وجهة أقوى عزّزتها الأزمات الاقتصاديّة وجذّرتها: مثلاً، بدل المطلب القديم بحقّ السود في دخول مدارس البيض، ظهرت المطالبة بمدارس خاصّة بالسود. وبدل المطالبة بمساواة النساء بالرجال، ظهر التوكيد على تفوّق النساء وكون الرجال عدوانيين، بل أعداء. وعموماً، بدل «نحن مثلكم»، صارت القاعدة: «نحن أحسن منكم».
الحياة الحزبيّة أيضاً ذهب استقطابها بعيداً جدّاً. مؤخّراً، قال ثلاثة أرباع الجمهوريين إنّهم يصدّقون ما يقوله الرئيس بصدد «كورونا»، وقال 92 في المائة من الديمقراطيين إنّهم لا يصدّقونه. الإجماعات الوطنيّة باتت رقعتها ضيّقة: الإجماع الذي تبلور بعد 11-9 صدّعته حرب العراق، والإجماع الذي نشأ بعد أزمة 2008 الماليّة ما لبث أن تحوّل انشطاراً عميقاً في الموقف من الحلّ: عبر دور أكبر للدولة أو عبر دور أصغر. الجمهوريّون ازدادوا تجذّراً من خلال جماعة «حفلة الشاي».
الناقد روبرت هيوز مثلاً كان تحدّث، في كتاب شهير، عن شيوع «ثقافة التشكّي»: الاختلافات تغدو حواجز، والمزايا تصير هويّات، والمستقبل المنشود يصبح «عودة» إلى «الجذور»، ولكلّ جماعة «جذورها»، و«ضحاياها» الذين استضحاهم «الرجل الذكر الأبيض». إذاً، تسير أميركا من التعدّديّة إلى البلقنة.
ثمّ هناك أزمة الآيديولوجيا الأميركيّة، إذا صحّ التعبير، والتي تعمل باتّجاهين: إبّان البحبوحة وفي لحظات الانتصار، يُمجّد «النجاح» ويُحتفى بـ«أمّة المهاجرين». إبّان الأزمات الكبرى، الاقتصاديّة وغير الاقتصاديّة، يحصل العكس. معاملة اليابانيين في الولايات المتّحدة، خلال الحرب العالميّة الثانية، باتت وصمة. معاملة المسلمين بعد 11-9 وصمة أخرى. تعامل الأميركيين فيما بينهم كان فضيحة: الوشاية فاقت كثيراً ما كانته إبّان مكارثيّة الحرب الباردة. وزارة العدل، في ظلّ المؤمن جون أشكروفت، ملأت علب البريد باستمارات تسأل مُتسلِّمها أن يشي بأي تصرّف غريب يبدر عن الجيران. يومذاك بيع أكثر من مليون قطعة سلاح. مع «كورونا» أيضاً، تعاظم الإقبال على شراء السلاح.
عموماً، ركنان أساسيان من أركان الآيديولوجيا الأميركيّة اهتزّا: 11-9 أضعفت فكرتي الهجرة والتعدّديّة الدينيّة، وأزمة 2008 الماليّة أضعفت الإيمان بـ«الحلم الأميركيّ».
وأميركا ليست وحدها نيوليبراليّة، لكنّ نيوليبراليّتها تجد رمزها في رئيسها الحالي ونهجه، أي في مواجهة المشكلات بالامتداح الذاتي وبتسفيه المؤسّسات وبتخطئة العلم وبشعبويّة التغريدات وبالحلول العاجلة المتناقضة التي تودي بكثيرين إلى الموت. الخطط مستبعَدة والنموذج غائب.
لهذا فالاستجابة لـ«كورونا» وللوضع الاقتصادي المستجدّ هي التي تقرّر: فإمّا تجديد أميركا، كواقع وكفكرة، عبر تمتين الثقة بالحكومة والمؤسّسات والعلم وتوسيع شبكات الأمان الصحّيّة وغير الصحّيّة، وإمّا أن ترتفع حظوظ التوقّعات المتشائمة التي تقول إنّ الولايات المتّحدة سوف تأفل مثلما أفلت الإمبراطوريّة الرومانيّة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا المُقلقة أميركا المُقلقة



GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:43 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن تسليم الصليب الأحمر جثة أسير إسرائيلي
المغرب اليوم - حماس تعلن تسليم الصليب الأحمر جثة أسير إسرائيلي

GMT 00:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أنجلينا جولي في زيارة مفاجئة إلى جنوب أوكرانيا
المغرب اليوم - أنجلينا جولي في زيارة مفاجئة إلى جنوب أوكرانيا

GMT 23:49 2020 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

"صراع" أندية إسبانية على نجم الرجاء السابق

GMT 06:52 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الفيضانات تجبر 2000 شخص على إخلاء منازلهم في الأرجنتين

GMT 22:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المكسرات تقلل خطر الموت المبكر من سرطان القولون

GMT 15:01 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

خط كهرباء يصعق 7 أفيال برية في غابة شرق الهند

GMT 01:47 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

5 صيحات جمالية عليك تجربتها من أسبوع نيويورك للموضة

GMT 13:04 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

أمير كرارة يعتزم تقديم جزء جديد من مسلسل "كلبش"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib