عينان من لازورد

عينان من لازورد

المغرب اليوم -

عينان من لازورد

إنعام كجه جي
بقلم - إنعام كجه جي

هو واحد من نزلاء «اللوفر». ولأنه ثمين ومدهش ولم يأخذ حقه من التقدير، دعا المتحف الأشهر في العالم إلى ملتقى لإعادة اكتشاف «إيبه إيل»، التمثال الذي يزيد عمره على 4 آلاف عام. أربعة قرون ولم تخبُ نظرته ولا رفّ له رمش. تقف أمام عينيه الزرقاوين الخارقتين فتنسى الموناليزا وابتسامتها الباهتة. هل أنا منحازة له لأنه من عندنا؟ ليكن. انتهت بدعة الحياد الإيجابي. في عالم اليوم أنت مع أو ضد.

اعتاد «اللوفر» أن يسلط الضوء، بين حين وآخر، على واحد من مقتنياته الثمينة. وقد كان الأربعاء الماضي عرس «إيبه إيل» الذي جرى في قاعة المحاضرات الكبرى. وجيء بعلماء آثار ومتخصصين لكي يشرحوا للجمهور روعته الظاهرة وما خفي من أسراره. رجل رخامي ملتحٍ، حليق الرأس، دقيق الخصر، يجلس شابكاً كفيه إلى صدره العاري في وضعية الصلاة. أما نصفه الأسفل فمستور بما يشبه التنورة. أو ما نسميه في العراق ودول الخليج الوزرة. مفردة شعبية فصيحة، تعني اللباس القطني القصير الذي يغطي البطن والفخذين. وهي هنا تنورة الكاوناكيس الاحتفالية ذات الطراز السومري، وكانت تخاط من فرو الغنم.

السيد «إيبه إيل» هو حاكم مملكة ماري القديمة، إحدى ممالك حضارة الرافدين. وقعت عليه يد عالم الآثار الفرنسي أندريه بارو عام 1934 خلال التنقيبات التي جرت في معبد عشتار على الفرات بين سوريا والعراق. كانت آثارنا نهب أيدي المنقبين. من ينفض الإنجليز عنه الغبار يذهب إلى المتحف البريطاني، ومن يعثر عليه الفرنسيون ينقلونه إلى «اللوفر». ومنذ نصف قرن ومنظمة «اليونيسكو» تلعب معنا لعبة استعادة الثروات المسروقة وإعادتها إلى موطنها الأصلي. لا يعود سوى الفتات.

ارتفاع التمثال 53 سنتيمتراً. وهو مصنوع من مرمر أملس يكاد يشفّ، مع حشوات من الصدف والشست، أي النضيد. ومع روعة الحرفة الفنية وتفوقها قياساً لزمنها، فإن الجاذبية تكمن في العينين المصنوعتين من حجرين من اللازورد النقي الآتي من أفغانستان.

تصطادك نظرة «إيبه إيل» الباسمة والمندهشة فتتسمر في مكانك. كأنه الميدوزا في الأسطورة الإغريقية، كل من يراها يتحول إلى حَجَر. ويضاعف من تأثير النظرة الكحل القاتم المحيط بالعينين، والحاجبين المصنوعين من حسك السمك والمعقودين على الجبين اللجين. وقد أولى الفنان القديم المجهول عناية خاصة للفم وهو يضرب إزميله فيه، ورسم شفتين رقيقتين ترسلان شبه ابتسامة. وهذا من حق الواد التقيل «إيبه إيل».

يبقى أن قدمي التمثال مفقودتان. جرى انتزاعهما في خمسينات القرن الماضي بفعل فاعل. هل خافوا أن يشتاق لماء الفرات ويطلق ساقيه للريح، عائداً إلى موطنه؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عينان من لازورد عينان من لازورد



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib