سجّل أنا فلسطيني

سجّل أنا فلسطيني

المغرب اليوم -

سجّل أنا فلسطيني

أنعام كجة جي
بقلم : أنعام كجة جي

لو كان محمود درويش على قيد الحياة، ماذا سيكتب عن «صفقة القرن»؟ مناسبة السؤال كتاب صادر حديثاً بعنوان «ميلاد الكلمات». مجلد كبير جمعت فيه الصحافية امتياز دياب مئات الرسائل والصور والقصاصات ومسودات القصائد التي كانت محفوظة في صندوق في حيفا. إنها الكتابات الأولى لدرويش وأشعار البدايات والصور التي يبدو فيها الشاعر مثل عود خيزران، بنظارته الأولى التي حاول أن يزيل بها غبش المنظر الفلسطيني المضطرب.

عثرت صاحبة الكتاب على تلك اللقية في بيت محمد ميعاري، أحد مؤسسي القائمة التقدمية للسلام والنائب السابق في الكنيست. زارته مع زوجها وكانت في البيت غرفة تكدست فيها الحقائب والملفات. قال لهما: «سكنت مع درويش عدة أعوام، في أكثر من بيت. وعندما رحل الشاعر عن حيفا وضعت متعلقاته في هذا الصندوق الذي تنقل معي، منذ أواخر الستينات، من بيت لآخر». أزالت امتياز دياب الغبار عن الصندوق، وتسللت أصابعها إلى القاع، ورفعت كل المحتويات، ووضعتها في حضنها. نظرت في الأوراق وأحست بأن تنفسها قد توقف. وجدت قصاصة تشير إلى زيارة فدوى طوقان لدرويش وميعاري. لم يكن مسكنهما سوى غرفة مشتركة في شارع عباس، بسريرين وزاوية مطبخ وحمّام. وفي تلك الغرفة اجتمع شعراء المقاومة والنشطاء في حركة الأرض للاحتفاء بالشاعرة التي يعتبرونها «أسطورة». حضر اللقاء إميل حبيبي وتوفيق زيّاد وتوفيق فياض وحبيب قهوجي وفتحي فوراني. يتذكر فوراني أنه في تلك الغرفة الصغيرة، وعلى صوت أم كلثوم تغني «سهران لوحدي أناجي طيفك»، نسخ ديوان فدوى «أعطني حباً»، أيام كان الحاكم العسكري يمنع عنهم المطبوعات والحل الوحيد لامتلاك الكتب هو نسخها باليد.
أدركت امتياز دياب أنها وقعت على كنز صغير كبير. وجدت في الصندوق رسالة من غسان كنفاني. ومسودة «سجّل أنا عربي». وريقات مجعدة ومطوية كأنها كانت في الجيب الخلفي. وكان درويش قد ذكر في مقابلة نشرتها مجلة «نزوى» أنه كتب القصيدة بعد حادثة وقعت معه في وزارة الداخلية الإسرائيلية، حين قدم طلباً للحصول على بطاقة هوية. سأله الموظف عن قوميته فأجاب «عربي». وكرر الموظف السؤال بشكل استفزازي فرد عليه: «سجّل أنا عربي». أعجبه الإيقاع فخرج وركب الباص وهو يحاول استكمال الأبيات في رأسه. لكن ميلاد القصيدة الفعلي يوم ألقاها في دار سينا في الناصرة عام 1963، لم يكن يدري أنه يفجّر قنبلة مدوية.
في الصندوق، أيضاً، الصور والرسائل المتبادلة بين محمود درويش وحبيبة الصبا تمار بن عامي، تلك التي سمّاها «ريتا»، ووضع بينها وبين عيونه بندقية. تركها لأنها «راحت على الجيش تقشّر البطاطا وتضرب الفلسطينيين. هي خائنة».
ما كان يمكن لامتياز دياب، الكاتبة والمصورة والمخرجة، أن تترك تلك الوثائق طعاماً للغبار. اتصلت بالشاعر زكريا محمد، «الباحث القناص الصامت»، وراجع معها المخطوطات والصور، ووضعا خطة للنشر. إن الورق، على أهميته، يحتاج إلى تأطير واستنطاق. لذلك مضت امتياز تفتش عن رفاق الشاعر في المدرسة، وعن أصدقاء الأمس، وتسأل أفراد أسرته، وتفاتح بالموضوع وزير الثقافة إيهاب بسيسو. تحمس الرجل وقدمت الوزارة دعمها لنشر هذا السفر الذي طبع في نابلس، وصدر عن «شركة نون للأفلام والنشر».
في رسالة إلى محمود درويش، مؤرخة في 16 أغسطس (آب) 1965، يكتب سميح القاسم: «سمعت في الأيام الأخيرة أقاصيص تثير الأسف بقدر ما تثير الضحك. حرب أعصاب وإشاعات. لكنني واثق من أن صفقتنا لن تخسر، ورايتنا لن تجبن ولن تتراجع. أما تلك التخاريف فإنني أتركها الآن لأرويها للناس فيما بعد».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سجّل أنا فلسطيني سجّل أنا فلسطيني



GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر

GMT 17:49 2016 الجمعة ,24 حزيران / يونيو

توقيف شاب وفتاة يمارسان الجنس نهار رمضان في فاس

GMT 12:27 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

عبدالله العروي يطرح كتابًا جديدًا بعنوان "الفلسفة والتاريخ"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib