رائحة النقود

رائحة النقود

المغرب اليوم -

رائحة النقود

بقلم - إنعام كجه جي

 

في الصحيفة ذاتها كان هناك خبران: الأول، فوز مواطن أميركي بمليار دولار في اليانصيب. والثاني، وفاة الموسيقار السوداني خالد سنهوري جوعاً داخل منزله في أم درمان.

هناك من يموت من الجوع وهناك من يموت من التخمة. منذ لجأ الإنسان القديم إلى المبادلات ثم سكّ النقود والمال هو اللاعب «الخفلن»، أي الخفي المعلن، في كل مناحي الحياة. وهو زينة الحياة لمن ينفقه في المكان الصح، والوبال على من يبذره بسَفَه.

يقول الفرنسيون «النقود لا رائحة لها». وليس من اللائق في هذه البلاد سؤال المرء عن مرتبه. بعكس الأميركيين حيث لا «تابو» في حديث الفلوس، بل يتباهى الفرد بما يكسب ويعتبره دليل نجاحه. أما عندنا ففي الموضوع حرج. ويؤمن الكثيرون بالحسد ويتقون شرّه. وهناك أحياناً شبهات تحوم حول مصدر الثروة. قيل عن زوجة أحد الزعماء إن لديها من الحلي الذهبية ما يكفي لإعادة إعمار الموصل.

نسمع حولنا أن فلاناً يملك فلوساً لا يعرف كيف يحصيها. نسمع أيضاً أن علاناً جيبه ثقيل. وتوصف المرأة المتعالية التي تغيب عن صديقاتها بأن حِجْلها، أي خلخالها، بات ثقيلاً. وفي العصور البائدة كانت العروس توزن بثقلها ذهباً. ومن العجيب أن تعود، في عصرنا الحالي، هذه الممارسة المهينة للمرأة. وكلّه في «الكواني» يابا. والكونية، بالكاف الفارسية، هي الكيس الكبير المصنوع من الخيش، أي الشوّال. وعادة ما يستعمل للمواد الغذائية كالأرز والبصل والبطاطا. ثم جاءت أيام راح فيها العراقيون يحملون دنانيرهم بالشوّالات. تذهب إلى السوق لتشتري مكيّفاً للهواء وتنقل السعر بكيس كبير. ودخلت عدادات النقود الآلية إلى البيوت والدكاكين بعد أن كنت تراها في المصارف.

في المكتبات الفرنسية مطبوع جديد بعنوان: «التاريخ العالمي للأغنياء». المؤلف هو فابريس دالميدا. يذكر في كتابه أن 354 فرنسياً يملكون اليوم 1000 مليار يورو. (عدد نفوس فرنسا 68 مليوناً). إنه يستعرض نشأة العائلات التي اشتهرت بثرائها: روتشيلد، روكفيلر، فيرتيمر، بينو، آرنو. وهذا الأخير تاجر بضائع راقية. ثياب وعطور وحقائب ذوات شهرة عالمية. تأتي اليابانيات للسياحة في باريس وقد لا يذهبن لزيارة البرج أو المتاحف، لكنهن يقفن بالساعات أمام أحد متاجره للحصول على حقيبة الأحلام. نام الرجل ذات ليلة واستيقظ ليجد أن ثروته زادت عشرة مليارات. بات ينافس إيلون ماسك صاحب «تويتر» وجيف بيزوس صاحب «أمازون».

نعرف أن هؤلاء يتنقلون بطائرات خاصة ويمتلكون أساطيل من السيارات اللوكس ويقتنون أفخم المنازل في أجمل العواصم والجزر. لكن الكتاب يتتبع ما وراء الصور المنشورة في صفحات المجتمع، ويخبرنا أن لكل واحد من أثرياء فرنسا تصاريح إقامة في أكثر من بلد. وبما أن أحزاب اليسار تطالب دائماً برفع الرسوم على الثروات فإن الهروب إلى الجنّات الضريبية أنفع من المكوث في مسقاط الرؤوس. يفعلها أيضاً كبار نجوم السينما والغناء والرياضة.

ليس مهماً ما يلبس الأثرياء ويأكلون ويشربون بل مدى تغلغلهم في نسيج القرار السياسي وسيطرتهم على وسائل الإعلام. الاقتصاد يقود الدولة من ناصيتها. فهل ينجو القضاء من هيمنة رأس المال ويحافظ على استقلاله في بلد مثل فرنسا؟ أمام المحاكم قضايا لتورط قضاة ومحامين كبار وضباط شرطة في ملفات فساد.

ويقولون لك إن «الفلوس تجيب الفلوس». والدولار هو سيد الأحاديث في بيروت وبغداد والقاهرة. أما المتعفف فيداوي حاجته، أو حسرته، بالقول إن الغنى غنى النفس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رائحة النقود رائحة النقود



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 20:23 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

عمرو دياب يثير الجدل بما فعله في حفله
المغرب اليوم - عمرو دياب يثير الجدل بما فعله في حفله

GMT 09:34 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

الرجاء يخاطب منخرطيه قبل الجمع العام

GMT 05:15 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"قميص الدنيم" لإطلالة أنيقة ومريحة في آن واحد

GMT 07:07 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ناصر بوريطة يناقش قضايا متعددة مع وزيرة خارجية السويد

GMT 15:36 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 20:46 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

اعتقال رجل يقود سيارته برفقة زوجته "المتوفاة"

GMT 21:49 2019 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

وفاة والد خالد بوطيب مهاجم الزمالك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

وجهات مشمسة لقضاء عطلة صيفية في قلب الشتاء

GMT 17:46 2014 السبت ,14 حزيران / يونيو

"سابك" تنتج يوريا تزيد كفاءة محركات الديزل

GMT 11:48 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

لن أستحيي أن أضرب مثلا في حبكم .. عجزي ….

GMT 20:50 2017 الأحد ,08 تشرين الأول / أكتوبر

ماركة "LIODADO" التركية تصدر ملابس سبور رائعة

GMT 17:50 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الاختلاف والتميز عنوان ديكور منزل الممثل جون هام

GMT 10:39 2016 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مهبطا المهرجان في الصحراء والمائي من أغرب مطارات العالم

GMT 19:35 2022 السبت ,24 كانون الأول / ديسمبر

سعر نفط برنت يتخطى 84 دولارا للبرميل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib