مليونيات العراقيين ومليونية الصدر

مليونيات العراقيين ومليونية الصدر

المغرب اليوم -

مليونيات العراقيين ومليونية الصدر

د.ماجد السامرائي
بقلم: د.ماجد السامرائي

"مليونية رفض الوجود الأميركي" التي يقودها مقتدى الصدر اليوم تخفي تحت ظلالها كثيرا من الألاعيب السياسية السطحية من قبل الصدر نفسه، ووكلاء إيران من الفصائل المسلحة. أدخل مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري في العراق، مصطلح المليونية على حشوده وتظاهراته التي كان دائماً يدعو فيها إلى الإصلاح، حيث لا يوجد عدّاد يحصي أرقام المتظاهرين لكنها عبارة ارتبطت بالمعنويات أكثر من تعبيرها عن الحقيقة. في حين أن المليونيات الحقيقية هي التي انطلقت في الأول من أكتوبر 2019 في الانتفاضة الشبابية في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية، لأن المحافظات الغربية والشمالية من العراق لم تشارك فعليّا لا لقلّة وطنيتها، وإنما لاعتبارات أوجدتها سياسات الأحزاب الشيعية وخلّفتها عمليات البطش والقمع التي نفّذتها ميليشياتها المسلحة ضد العرب السنّة في تلك المحافظات العربية. المليونيات الحقيقية عبّرت عن مطالبها، وواجه الفتيان العراقيون بصدورهم سلاح القنص والقتل وقدموا أكثر من 600 شهيد و23 جريحا على طريق الثورة التي فتحت عهدا جديدا للعراق. تظاهرات الجمعة، والتي من المحتمل انطلاقها في موقع المنتفضين الحقيقيين بميدان التحرير ببغداد، تقررت في طهران بعد مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني وأبومهدي المهندس كواحدة من خيارات الرّد الإيراني على الولايات المتحدة في العراق بعد تراجعها عن التصعيد العسكري، وتوكيل أذرعها في العراق لإثارة موجات من الضجيج الإعلامي، وعدم مواصلتها الرد العسكري لأنها تعلم نتائج ذلك التدميرية لقوتها الكارتونية أمام قوة الجيش الأميركي، وإعلانها الرسمي أنها لا تطالب برحيل القوات الأميركية عن العراق في مخادعة للرأي العام للإيحاء بأن العراقيين هم الذين يريدون إخراج تلك القوات من بلدهم وليست إيران. اجتماعات قم بين الصدر وهادي العامري وقادة الميليشيات الأخرى الذين غادروا العراق بعد مقتل سليماني، بحثت متطلبات مرحلة ما بعد استقالة عبدالمهدي وكيفية التعاطي مع صعوبات الخروج من “ورطة” الانتفاضة التي تتقاطع مع مصالح إيران ونفوذها في العراق، وتسعى إلى إنهاء هذا النفوذ فعليّا في الأمد القصير إذا ما تحققت أهداف الانتفاضة. ما توصّل إليه المجتمعون حسب تسريبات هو مخرج يُضعف إمكانيات الانتفاضة عن تحقيق أهدافها السياسية، وأوكل هذا الدور لمقتدى الصدر الذي لا يستطيع مجابهة المنتفضين وهو الذي دائما ما كان يتحدث باسمهم، لكن المخرج الفني يؤدي إلى ذات الهدف لوأد الانتفاضة عبر اختراقها بتظاهرة “مليونية” ترفع شعارات طرد الأميركان، في إهانة مباشرة للثوار وكأنهم لم يطالبوا برفض الاحتلالين الأميركي والإيراني. “مليونية رفض الوجود الأميركي” التي يقودها مقتدى الصدر الجمعة تخفي تحت ظلالها الكثير من الألاعيب السياسية السطحية من قبل الصدر نفسه، ووكلاء إيران من الفصائل المسلحة. بالنسبة للصدر يحاول إعادة زعامته لما يسميه فصيل “المقاومة” الذي بدأه في العام 2003، وهو يعلم أن هذا العهد قد انتهت مفاعيله عام 2011 بعد اتفاقية رحيل الجنود الأميركان مع الحكومة وأحزابها، وهو ذاته كان قد حل “جيش المهدي” بعد خروج العديد من قياداته لتزعّم ميليشيات أخرى، وصلت أعدادها إلى الخمسين، بأوامر من قاسم سليماني. وأنهى ما سمّاها المقاومة المسلحة، ثم أعاد ذلك الجيش الموغل بالانتهاكات تحت مسميات أخرى عام 2014 لقتال تنظيم داعش التي انتهت عام 2017، ثم انتظمت ميليشياته مجددا تحت مسمى “سرايا السلام” التي وضعت مدينة سامراء السنية تحت هيمنتها العسكرية. وتقاسم السلطة مع رفاقه في البيت الشيعي رغم خلافه الشديد مع نوري المالكي زعيم حزب الدعوة. فعن أي “مقاومة” يتحدث اليوم مقتدى الصدر؟ هل هي مقاومة سياسية أم أنه يدعو إلى استخدام السلاح مجددا، وهو يعلم وكذلك الميليشيات المتحالفة معه مجددا بأن المسميات الحقيقية لهذه القوات الأجنبية هي أنها ضيفة على الحكومة العراقية حيث تقود الولايات المتحدة تحالفا دوليا يضم 68 دولة جاءت لمحاربة تنظيم داعش، والميليشيات تعلم واقعيا أدوار تلك القوات في الانقضاض الجوي على أوكار داعش لتترك للميليشيات مهمة تمشيط المواقع. الصدر هو جزء من النظام السياسي الذي يقود الحكومة، أليس هو من نصّب، إلى جانب هادي العامري، عادل عبدالمهدي رئيساً للوزراء، وهو الآن يتحاور مجددا لترشيح بديل عنه. وهو الذي صوّتَ ضمن البيت الشيعي لدعوة القوات الأميركية لإنهاء مهماتها في العراق رغم أن رئيس حكومة تصريف الأعمال عبدالمهدي عبّر أخيرا في حديث داخل مجلس الوزراء عن تعقيدات طلب إنهاء مهمات القوات الأميركية قائلا “الدولة محرجة مع الجميع”. كما أن الرئيس العراقي برهم صالح قابل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء الماضي رغم تحذير ميليشيات حزب الله والنجباء بطرده من بغداد إن تمّت تلك المقابلة، في حين أنه عبّر عن موقف سياسي دبلوماسي يتناسب ومكانته في طلب بلده انتهاء مهمات القوات الأميركية في العراق. أطلق الصدر تطمينات ستكشف واقعيتها وقائع الجمعة عبر ممثله “الافتراضي” صالح محمد العراقي بعدم الاعتداء على الثوار وعلى الممتلكات العامة والخاصة ورفض حمل السلاح أو الاعتداء على القوات الأمنية. المنتفضون السلميون حذّروا من مخاطر “مليونية” الصدر على أمن الانتفاضة ومسيرتها، وطالبوا الصدر بالابتعاد عن أي احتكاكات مع شبابهم. وهو يعلم بأنهم رفعوا شعار “لا لأميركا ولا لإيران” فهل أن العراق بحاجة إلى “مليونية رديفة” تسقط شعار “لا لإيران” وتبقي شعار “لا لأميركا”. المليونيات الصادقة في شعاراتها العراقية تقف وجها لوجه مع “مليونية الصدر” نتمنى أن يحفظ الله شباب العراق ويحقن دماءهم الزكية، وإنهم لمنتصرون.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مليونيات العراقيين ومليونية الصدر مليونيات العراقيين ومليونية الصدر



GMT 23:50 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

قادم أخطر على جماعة الإخوان

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

إلى محافظ القاهرة

GMT 15:25 2025 الجمعة ,14 آذار/ مارس

شبحان فرنسيان والرئيس ماكرون

GMT 15:23 2025 الجمعة ,14 آذار/ مارس

طهران وتعدد الوسطاء

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 21:54 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

زيلينسكي يعلن موقفه من هدنة "عيد الفصح"
المغرب اليوم - زيلينسكي يعلن موقفه من هدنة

GMT 21:47 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

بوتين يعلن عن هدنة "عيد الفصح" في أوكرانيا
المغرب اليوم - بوتين يعلن عن هدنة

GMT 19:44 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

فضل شاكر يطلق أغنيته الجديدة “أحلى رسمة”
المغرب اليوم - فضل شاكر يطلق أغنيته الجديدة “أحلى رسمة”

GMT 23:53 2020 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب الأهلي المصري وليد سليمان يعلن إصابته بكورونا

GMT 06:34 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

النجم علي الديك يكشف عن "ديو" جديد مع ليال عبود

GMT 02:20 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

الدكالي يكشف إستراتيجية مكافحة الأدوية المزيفة

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

مي حريري تكشف تفاصيل نجاتها من واقعة احتراق شعرها

GMT 04:04 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الفيلم السعودي 300 كم ينافس في مهرجان طنجة الدولي

GMT 06:00 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار جديدة لاستخدام القوارير الزجاجية في ديكور منزلك

GMT 02:38 2017 الخميس ,26 كانون الثاني / يناير

زيادة طفيفة في التأييد العام للسيدة الأولى ميلانيا ترامب

GMT 14:00 2023 السبت ,25 آذار/ مارس

عائشة بن أحمد بإطلالات مميزة وأنيقة

GMT 21:07 2022 الجمعة ,21 كانون الثاني / يناير

برشلونة تشافي لا يقل سوءاً عن برشلونة كومان

GMT 16:51 2020 الخميس ,10 أيلول / سبتمبر

حريق جديد يندلع في مرفأ بيروت اللبناني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib