لماذا أوروبا

لماذا أوروبا

المغرب اليوم -

لماذا أوروبا

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

في الأحداث الكبرى تحضر المقارنات من تلقاء نفسها كمعيار يستشف به مآل المجريات الراهنة. لذلك سرعان ما شبّه البعض حرب غزة بحرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، وقال البعض الآخر إنها 11 سبتمبر (أيلول) غزّاوي. أما الذين مضى عليهم وقت أطول في واحات الشرق الأوسط، فلا بد لهم من 1967 ومن 1956 حرب السويس وفق الغرب، مع اعتداء بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وعارضته أميركا في إنذار شهير.

الآن تقف أوروبا للمرة الأولى في تأييد مطلق لإسرائيل، وتقف معها أميركا، أيضاً على نحو غير مسبوق: بريطانيا تضيء 10 دوانيغ ستريت بعلم إسرائيل، وأميركا ترسل أحدث وأهم الطائرات لحماية إسرائيل مرفقة بموقف من رئيسها، غير مألوف في سرعته وحدّتِه وإشهارهِ.

السرعة في اتخاذ الموقف الأوروبي تدعو إلى التساؤل: هل هو ضغط أميركي شديد؟ هل هو خوف من هزيمة إسرائيل في حوض المتوسط؟ ما الذي يجعل فرنسا، للمرة الأولى، منذ ديغول تتجاهل أهمية علاقاتها العربية، وماذا يحمِل إيطاليا على ذلك أيضاً، وهل أراد رئيس وزراء بريطانيا القول لشعبه وللعالم أجمع، إن ولاءه هو لِلعَلم «يونيون جاك» وليس للون بشرته.

حتى في اليوم الأول من حرب غزة اتضح أنها سوف تتفرع منها حروب كثيرة. أو إلى وحدة الساحات. غير أن المفاجأة الكبرى كانت الموقف الأوروبي الذي تجاوز كل التقاليد الأوروبية السابقة في علاقات القارة مع فرقاء المنطقة. وربما كان أحد أسباب هذا التحول تلازُم الوضع في غزة مع الحرب الأوكرانية وتأثيرها المباشر على القارة، ولا شك أن هذه قد غيرت حتى في طبيعة العلاقة بين أميركا وأوروبا، بحيث أصبحت الأخيرة معتمدةً أكثر من أي وقت مضى على القرار الأميركي وشراكة «الناتو».

من أجل التمعن في مدى الجزَع الأوروبي، لا بد من أن نلاحظ الخروج عن التقاليد الديموقراطية. فقد منعت بريطانيا، على سبيل المثال، المظاهرات المعادية لإسرائيل، وأضاءت برلين بوابتها الشهيرة باللون الأزرق، في خطوةٍ لها أكثر من مغزى في نوعية العلاقة بين ألمانيا وإسرائيل. ولم تتأخر النمسا في الانضمام إلى تظاهرة العلم الأزرق، وكأنما فريق الدول النازية السابقة يريد التشديد على وقوفه إلى جانب إسرائيل في الأزمات الوجوديّة.

قد لا تكون أوروبا الأكثر خوفاً من تداعيات حرب غزة التي لا تزالُ في بداياتها. لكنها بالتأكيد الأكثر حساسيةً لانعكاساتها، خصوصاً بسبب أعداد حاملي الجنسيات المزدوجة من الإسرائيليين، وكثيرون منهم بدأوا بالعودة إلى بلدانهم القديمة. والملفت أن موجةً من الأوروبيين تحمِّل نتنياهو مسؤولية الحرب، بالإضافة إلى موجة من الكتاب الإسرائيليين الذين قال أحدهم لصحيفة «هآرتس» أنه لا يجوز تحميل مصير الأمة إلى «غانجستر».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا أوروبا لماذا أوروبا



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:03 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الذهب يتراجع 0.3% بعد اتفاق أميركا وفيتنام

GMT 14:22 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

مايكروسوفت تطلق ميزة Copilot يمكنها مراقبة كل تحركاتك

GMT 14:27 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

نموذج ذكاء اصطناعي صيني جديد يتفوق على "ديب سيك"

GMT 14:24 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

محكمة أميركية ترفض طلب "أبل" في قضية آي كلاود
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib