قاتلان أحدهما عن عمد

قاتلان... أحدهما عن عمد

المغرب اليوم -

قاتلان أحدهما عن عمد

سمير عطاالله
بقلم : سمير عطاالله

هناك أنواع كثيرة من الكوارث التي تضرب هذا العالم دون توقّف. مرّة، أو غالباً، من صنع الإنسان وبمحض قراره، ومرّة من صنع خفّاش ملوّث في بيئة ملوّثة. والقاسم المشترك والرهيب بين الاثنين هو الغموض. فما من أحد يعرف تماماً لماذا ظهر وباء كورونا في مدينة قم، ولا أحد يعرف لماذا تتراجم تركيا وروسيا في سوريا، والثابت الوحيد في كلّ الحالات هو أنّ الضحية هو البريء الذي صدف أنّه كان مارّاً من هناك. مارّاً من ووهان في الصين أو مارّاً دون سبب في إيران أو مبحراً على باخرة سياحية في اليابان.

كانت الناس بالزمان القديم تتحاشى ذكر اسم المرض أو الوباء؛ خوفاً من أن يصيبها. فالطاعون يُشار إليه بـ«ذلك المرض». والأوبئة، مثل الحروب البشرية تماماً، تفصل ما بين الناس وتزرع الخوف ما بين الأمّ وابنها ويصبح كلّ إنسان مشبوهاً، فيما يُصار إلى البحث عن علاج أو حلّ. وكلاهما لا يرحم، القاتل البشري والقاتل الجرثومي. وإذ يضربان ويخيّم الهلع على كلّ شيء، يتحوّل الأمر إلى مجرّد أرقام تنقلها وكالات الأنباء، غالباً بغير دقّة؛ إذ لا يعود هناك فرق بين المئات والآلاف، وتضيع الأسماء ضمن مجموع الحاصل وتُرمى الهويّات تحت التراب مع ضحاياها.
عندما نعرف لماذا هناك مليون بشري في عراء إدلب وثلوجها، نقترب من معرفة المركز الذي انطلق منه «كورونا»، وتتساوى أهمّيات الأشياء على نحو عبثي، فماذا يكون من الأهمّ أن نعرف: نتائج الانتخابات في إيران أم عدد ضحايا «كورونا» في مدنها وقراها؟ وفي أي حال، الانتخابات الإيرانية مجرّد تقليد رتيب ويوم عطلة يفيد الناس في التنزّه وتبادل الآراء. فالفائز في الدول الشمولية، معيَّن سلفاً. وإذا ما حصل خطأ ما في العَدّ، يُصار فوراً إلى تصحيحه دون أي حرج. ذلك هو مبدأ - ومبدأ هنا ليست بين مزدوجين - الأنظمة العربية التي قلبت الأرقام والنِّسب والإرادات والخيارات، رأساً على عقب.
ما من أحد يعرف نسبة المهتمّين بالبلاء الذي ضرب سوريا، وضرب ليبيا، وضرب العراق. وما من أحد قادر على متابعة هذه الأحداث بعدما تحوّلت من عناوين مرعبة للناس إلى عناوين روتينية، لا يقرأها إلّا المعنيون. والبذرة واحدة في أي حال. بذرة التخلّف وتراكم الجهل الذي يولّد انعدام التراحم بين الناس ويحوّل الكوارث الكونية إلى إحصاءات وتواريخ. ولا يعود أحد يعرف كيف بدأت الأشياء وأين تنتهي، ولماذا بدأ إردوغان عدوّاً يسقط الطائرات الروسية ثم تحوّل إلى حليف يُعطى صواريخ «إس 400»، وعاد الآن يتقاتل مع ندّه الروسي، بحراً وبرّاً وجوّاً. ربما من المفيد للإنسانية أن يطلّ عليها، بين حين وآخر، عماء مرعب مثل «كورونا»؛ لأنّه الشيء الوحيد الذي يخيف الضعفاء والبطّاشين على السواء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قاتلان أحدهما عن عمد قاتلان أحدهما عن عمد



GMT 06:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماذا تبقى من ذكرى الاستقلال في ليبيا؟

GMT 05:54 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مقتل الديموغرافيا

GMT 05:51 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

فتنة الأهرامات المصرية!

GMT 05:49 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟

GMT 05:46 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

هل انتهى السلام وحان عصر الحرب؟!

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 16:10 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
المغرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:17 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

"تارا عماد" تخوض تجربة الغناء لأول مرة دراميا
المغرب اليوم -

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 13:03 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 26-9-2020

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:35 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

المغرب الفاسي ينتصر وديًا على وداد صفرو

GMT 08:22 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

النفط يتدفق مجددًا بخط مأرب في اليمن

GMT 14:32 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

البولندية سواتيك تبلغ نهائي بطولة فرنسا المفتوحة للتنس

GMT 12:34 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الوداد يحاصر مدرب الفريق بالأسئلة بعد صدمة الديربي

GMT 06:31 2019 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هذه توقعات "الأرصاد الجوية" لطقس المملكة المغربية الأحد

GMT 09:09 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

سيدة تعثر على عظام بشرية داخل جوارب متجر شهير في بريطانيا

GMT 08:30 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

7 لاعبين يغيبون عن أولمبيك خريبكة أمام مولودية وجدة

GMT 11:35 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

الجزائر تطلق بوابة إلكترونية للترويج للسياحة

GMT 23:21 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

"جورجيا" وجهة سياحية مثالية للاستمتاع بالثلوج

GMT 18:22 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

هيرفي رونار يشيد باتحاد الكرة المغربي ورئيسه فوزي لقجع

GMT 11:56 2015 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

الدجاج والسبانخ مع الكاري

GMT 13:32 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

مدرب الرجاء يطلب اجتماعا عاجلا مع حسبان

GMT 01:23 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

"جى بى غبور أوتو " تطلق سيارات شيرى في مصر

GMT 03:26 2015 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

كاسياس يؤكد أن مسيي الأخطر وزيدان الأفضل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib