خارج السباق واللحاق

خارج السباق واللحاق

المغرب اليوم -

خارج السباق واللحاق

بقلم - سمير عطاالله

لسنا وحدنا شعب خرافات وأساطير ووصفات «طبية» وضعها جدودنا. وكما عادت إلى الظهور مع «كورونا» العقاقير السحرية وخلط البقدونس بعصير الجزر ودبس الخروب، ظهرت أيضاً علاجات خرافية في بلدان كثيرة. وعاد أميركيون كُثر إلى «الطب الهندي»، واستشار أستراليون طبابة أهل البلاد الأصليين بدل الطب المتقدم في جامعاتهم.
وغاب عن بال الجميع أنهم يتعاطون مع وباء جديد لم يُعرف مثله من قبل. وإذا كان البقدونس المغلي قد نفع البعض في القرن الثالث عشر، فليس من الضروري أن يكون مفيداً في هذا القرن. والحقيقة أن الفارق الوحيد في الخرافات الشعبية هو مدى بعدها، ليس عن الواقع، بل عن الخيال.
ترتكب الشعوب خطأ مشتركاً: تزرع الخرافة في الطفل، ثم تحاول بصعوبة نزعها منه. في الماضي كانت الأمهات تهددن أطفالهنَّ «بالغول» إذا ما عصوا، وما إن يكبر قليلاً حتى يلَقن في المدرسة أن ثمة ثلاثة لا وجود لهم: الغول والعنقاء والخِل الوفي. وسرعان ما يقنع بأنه لا وجود للعنقاء والخل الوفي، أما الغول...
ألغى «كورونا» الخل الوفي والعنقاء وحلّ محل الغول. في كل حكايات العالم. والسباق قائم بين الخرافة والعلم. والمحزن أنه لا وجود لنا في الأخير. وهذه مشكلتنا الكبرى ليست في «كورونا»، بل قبلها، والأرجح بعدها. لقد أصبح لدينا أطباء من الدرجة الأولى ومستشفيات ممتازة، لكن لا موقع لنا بعد في صفوف العلماء.
أعاد البعض إلى الذاكرة ما أورده ابن سينا، شيخ العلماء، في محاربة وباء شبيه بـ«كورونا». وهذا يضعنا في موقف صعب: هل نفاخر لأن ابن سينا قد دوَّن تلك السابقة العلمية قبل ألف عام، أم نخجل لأننا منذ ألف عام بلا علماء؟ باستثناء أحمد زويل، لا نوبل لأحد في الفيزياء أو الكيمياء أو الطب.
ووفق ما يشكو أهل العلم في مصر ولبنان فإن وضع التعليم في العالم العربي يشكو من التدني، مقارنة بالماضي. أما مقارنة بالدول الأخرى، ومنها إسرائيل، فإن محنة مثل «كورونا» تكشف عن خلل بنيوي خطير. وقد يقال، ماذا عن بلدان العلم في أميركا وأوروبا واليابان؟ صحيح. لكنها جميعاً في السباق بحثاً عن لقاحات أو أدوية. ووفق وزارة الصحة المصرية التي أظهرت وزيرتها هالة زايد بلاءً ممتازاً، فإن اليابان أرسلت إلى مصر - وإلى إسرائيل، دواء يسهّل العلاج من «كورونا» خلال أربعة أيام.
ليس المطلوب أن نكون في السباق إلى الفضاء. ذلك سباق يمكنه الانتظار. لكن علينا أن ندخل دائرة العِلم الحقيقي. الأوبئة قد تكون تحدياً عادياً أمام التحديات الأكثر أهمية وخطراً مثل المياه، والغذاء، ودخول هذا العالم المجهول الذي يعرف بالذكاء الصناعي الذي لا يزال مداه المستقبلي أكثر غموضاً من لا مرئية «كورونا».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خارج السباق واللحاق خارج السباق واللحاق



GMT 16:41 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

فصح حزين على ما يجري للأمة وفلسطين

GMT 23:50 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

قادم أخطر على جماعة الإخوان

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

إلى محافظ القاهرة

GMT 15:25 2025 الجمعة ,14 آذار/ مارس

شبحان فرنسيان والرئيس ماكرون

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 08:42 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

لبعوض يقض مضاجع ساكنة مدن مغربية

GMT 22:51 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مولدافيا

GMT 15:54 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الشلقاني تفوز بعضوية المكتب التنفيذي لاتحاد البحر المتوسط

GMT 08:48 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "مايكل" يسبب خسائر كبيرة في قاعدة "تيندال" الجوية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib