الوعد الكبير لن يستقيل

الوعد الكبير: لن يستقيل

المغرب اليوم -

الوعد الكبير لن يستقيل

بقلم : سمير عطاالله
بقلم : سمير عطاالله

الناس تتجنب أصحاب الشكوى. كل فرد له من دهره ما يكفيه. لذلك اعتاد الناس أن يكتموا أحزانهم. ولكثرة ما في الحياة من مشاق وقلق، صارت أمراض النفس في كثرة أمراض الجسد. وصارت لها علاجاتها وأدويتها مثلما لها يأسها. وينظر العِلم إلى مرضى النفس بكل قسوة، كما ينظر إلى مرض الجسد. يسمي الخوف اكتئاباً، والعشق اليائس هوساً، ويخترع للقلق من غدر الناس وغدر الزمان مهدئات تباع في الصيدليات.

الظاهرة المؤلمة في قلق لبنان اليوم أن الناس تخشى انقطاع أدوية النفس، لا الأدوية الجسدية. أتخيل أن كل إنسان يصغي إلى الأخبار ويتجه فوراً إلى الصيدلية. إلا طبقة التماسيح. فهي تسبب المرض للآخرين ولا تُصاب به.

لبنان بلد مغلق ليس بالكورونا. مغلق بالفقر المنهمر عليه، والضحالة السياسية التي لم يعرف مثلها في تاريخه، وحصار اليأس الذي تضربه حوله الفئة الطاغية والفئة الخالية والفئة الجاثمة على الصدور والأعناق بركابها مثل الشرطي شوفين قاتل جورج فلويد.

وقد خرج رئيس الحكومة على اللبنانيين المتلهفين لذهابه يبلغهم أنه لن يستقيل. وكعادته، شكا من الانتقاد قائلاً إن حكومته تعمل 24 ساعة على 24 ساعة. واللبنانيون ترتعد أبدانهم من سماع هذا المصطلح منذ أن وعدهم وزير الطاقة جبران باسيل بالكهرباء 24/24. وأصبحت الآن 24/2 مثلما أصبح الدولار عشرة آلاف ليرة، مثلما أصبح الرغيف نادراً، مثلما تسرح الشركات آلاف العاملين، مثلما يتوسل اللبناني أدوية الأعصاب كما يتوسل الخبز.
يستمع حسان دياب ويشاهد نشرة الأخبار، ثم يبلغ اللبنانيين أنه لن يستقيل لأنه لا بديل له.

كلما خاطب الناس يزداد الازدحام أمام الصيدليات والأفران. مشاهد الفقر (المعروضة، وليس المخفية) تحرك الجبال، لكنها لا تحرك جفناً في السلطة اللبنانية. المغرد اليومي و«مالك الحزين» وليد جنبلاط قال إنه لم يكن يوماً في مثل هذا الحزن وفي مثل هذا الخوف.

لم يُخيل لأحد في أسوأ تخيلاته أن لبنان سيكون يوماً من دون وقود وخبز وكهرباء وممتلئاً فقط بهذا الفيضان من متعاطي السياسة. هذه «سنة الطوفة» التي فاضت فيها كل الرزايا والنوازل على لبنان. صحيح أننا لا نزال أقل بؤساً (وليس أوفر حظاً) من بعض المنكوبين العرب، لكن المقارنة في الماضي كانت مع الشعوب والدول الفالحة والمتقدمة. نشبه مركباً من مراكب اللاجئين التي نرى صورها في البحر الليبي. يتأمل حسان دياب هذا المشهد من غرفته في السراي الكبير ويعد الناس بشيء واحد: لن يستقيل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوعد الكبير لن يستقيل الوعد الكبير لن يستقيل



GMT 20:44 2025 السبت ,19 تموز / يوليو

الطعن على الوجود

GMT 13:16 2025 السبت ,28 حزيران / يونيو

حكومة فى المصيف

GMT 15:46 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

ترمب... وحالة الغموض

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

هند صبري.. «مصرية برشا»!

GMT 17:41 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

..وإزالة آثار العدوان الإسرائيلى

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 11:26 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

محطات وشخصيات صنعت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"

GMT 18:53 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:13 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

فيليب ستاين تقدم تشكيلة فريدة من أساور "هوريزون"

GMT 03:40 2017 الجمعة ,21 إبريل / نيسان

طرح عطر متميز بمكون مثير من توقيع Guerlain

GMT 07:25 2014 الإثنين ,17 شباط / فبراير

شركة "SRT" تعرض نسخة خاصة من موديل دودج تشارجر

GMT 00:08 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شجار بين العامري ولكحل والأخير يغيب عن التدريبات

GMT 01:12 2015 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

خبراء يقدمون دليلًا لقضاء العطلة في أنحاء أفريقيا

GMT 09:42 2015 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

فوائد أكل الزبيب على الريق
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib