أسوأ من الأمونيوم

أسوأ من الأمونيوم

المغرب اليوم -

أسوأ من الأمونيوم

سمير عطاالله
سمير عطاالله

هذا المشهد غير ممكن في أي بقعة أخرى على وجه الأرض، لكنه عادي، في المساحة الجغرافية المعروفة باسم لبنان، وخلاصته أن قلب العالم أجمع على البلد المصاب بنكبة من نكبات الإنسانية فائقة التصور، وقلب السلطة الحاكمة على المقاعد الوزارية وشكل الحكومة. وفيما العالم أجمع يبحث للبنان النازف الجسد، الملقى على قارعة الطريق، عن حكومة في مستوى هذا التحدي التاريخي، تبحث السلطة عن حكومة خالية من خصوم جبران باسيل ومحشوة باختياراته.

هذا المشهد السياسي العاري، كثير على لبنان. كثير على أي بلد فيه 200 قتيل و7 آلاف جريح و300 ألف بلا مأوى، والتضخم فيه مريع، ومستشفياته لم تعد قادرة على استقبال مرضى «كورونا» ومصابي زلازل الإهمال. لا تزال فرق الإنقاذ تعثر على بقايا الضحايا، في المياه وتحت الركام. ولا تزال فرق التفتيش تعثر في المرفأ على شتى أنواع المواد الحارقة والمحظورة، مثل الأمونيوم الذري الذي فجّر جحيم لبنان. ولا تزال السلطة تبحث عن رئيس حكومة يرضى عنه وعن حكومته جبران باسيل.

ولا يزال لبنان، الذي يعاني من أسوأ حادث في تاريخه، منذ الزلزال الذي ضرب بيروت أيام الرومان، لا يزال بلا حكومة. وسياسيوه بلا رحمة وبلا رأفة وبلا أي شعور إنساني. كأنما هذه الطبقة السياسية من غير هذا الشعب الذي خرج بالآلاف يداوي مصاب المساكين والحزانى الذين حوَّلهم الانفجار الإجرامي إلى تائهين في مقبرة جماعية مفتوحة.

مررت في مراحل كثيرة من العمر تمنيت خلالها لو لم أكن لبنانياً. مراحل عتب وغضب من أناس لم يتعلموا أن يحبوا هذه العطية الرائعة. ومن أناس ينكرون أرضهم، أو يبيعونها، أو يتآمرون عليها. ومن شعب لم يتعلم عبر الأجيال، التعايش في الجمال والتشارك في الهواء والطمأنينة.

لكن اليوم لا أريد أن أترك هذه الأرض المعذبة لمثل هذه الفئة من السكان. حرام لبنان. حرام أي شعب على الأرض تعرض لسماع ذلك الانفجار الذي مزق بيروت ولا يزال يدوي في الآذان وفي القلوب. لكنه لم يصل إلى آذان السياسيين بعد. أما قلوبهم، فلن يصل إليها أبداً. وكما كان الزوار يتركون نعالهم عند الأبواب، هكذا يفعل هؤلاء عندما يدخلون دنيا السياسة في لبنان. يتركون قلوبهم خارجاً ويدخلون.

ليس لمن يعتقد أنني أبالغ، أو أكتب كلاماً شاعرياً، إلا أن يقرأ نوعية الكلام في الحرب الدائرة بين الحزبيين. ليس فقط على وسائل التواصل، المحدودة، أو التي يمكن توقيعها بأسماء مستعارة، بل علناً في الصحف والتلفزيونات الناطقة باسم تلك الأحزاب. عندها، أجل، يتمنى المرء لو أنه لم يكن لبنانياً، ولا اُضطر إلى قراءة هذا النوع من الخطاب السياسي. أنا لم أكن أقرأه من قبل. ولم أقرأه الآن إلا بطريق الصدفة وما يرسله الأصدقاء من نقل لا ضرورة له. فما يصل إلينا لماماً يكفي للتأكد المؤلم، من أن الفظاعة الكبرى ليست فيما أُهمل من أمونيوم على المرفأ، بل فيما تم تعمده من تبادل السموم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسوأ من الأمونيوم أسوأ من الأمونيوم



GMT 10:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

‏مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:45 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:42 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 19:22 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران
المغرب اليوم - بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران

GMT 23:50 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية
المغرب اليوم - إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية

GMT 01:02 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى
المغرب اليوم - دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى

GMT 01:37 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب
المغرب اليوم - فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب

GMT 23:02 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج
المغرب اليوم - واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج

GMT 10:37 2012 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سوتشي مدينة التزلج الأولى في روسيا تستضيف أوليمبياد 2014

GMT 14:25 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

انهيار برج ضخم في مصافي حيفا

GMT 10:35 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف أن الهواتف الذكية تجعل المراهقين غير ناضجين

GMT 06:57 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

السودان تحذر من فيضانات على ضفتي النيل الأزرق والدندر

GMT 05:52 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

الخبيرة منى أحمد تُبيِّن مدى قبول كلّ برج للاعتذار

GMT 05:30 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

CGI wizardry تعيد الحضارات القديمة وتجسدها للزوار

GMT 08:13 2016 الجمعة ,22 إبريل / نيسان

بيبيتو يكشف دور ميسي وسواريز في تألق نيمار
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib