الليل والبركان

الليل والبركان

المغرب اليوم -

الليل والبركان

سمير عطاالله
بقلم :سمير عطاالله

إحدى ليالي الأسبوع الماضي، دخلت إلى غرفة النوم والريح تصرّ صرّاً. وتطلّعت من النافذة فوجدتها تطوي الأشجار كمن يلوي عنق ذبيحة. حاولت النوم لكنني أمضيت الليل صاحياً صاغياً إلى ليلة عاصفة لم أعرف مثلها في حياتي، صاغراً أمام فورة هذا البركان من المطر والرياح والأشجار الملتوية إلى نصفها. صباح اليوم التالي، أفقنا على لبنان وهو في الصحو. البحر أزرق صافٍ مثل السماء المعكوسة على مرآته، والأشجار باسقة ومشرئبة. حمدت بالأمس، وشكرت اليوم. وهذا كلّ ما استطعت، أنا، وغيري من الذين خبروا تلك الليلة، وأفرحهم ذلك الصباح. يتحوّل الإنسان إلى كائن أعزل أمام حركة الطبيعة. يوم تؤنّبه العواصف وتقتلعه الأعاصير، ويوم تشرق النعمة من شمس تحترق ولا تذوب، وتترك للأرض أن تدور حولها من أجل أن يتوزّع الضوء على جميع المسكونة. كيف تصغر الأحداث السياسية أمام دورة الأقدار. جرثومة غير مرئية تهدّد أكبر بلد في العالم. كل أسوار الصين العظيمة لم تستطع أن تردّ الحشرة الرئوية التي تطلقها الخفافيش. أو الفئران الطائرة. وفي السابق خرج «كورونا» من الجِمال، فلماذا مرّة من ناقة ضخمة ومرّة من خفّاش ليلي صغير؟ خفّاش، مجرّد خفّاش، يرعب أكبر دول العالم وهي في الطريق لأن تصبح أهمّها أيضاً. لكن وسط هذا الهلع الكوني، تعلن الصين أنها عثرت على دواء لمحاربة الوباء. وإلا كيف تكون دولة كبرى وهي من دون عِلم، أو دولة قادرة على إنتاج السلاح النووي لكنّها غير قادرة على إنتاج لقاح؟ لو ضرب الوباء الجارة الكورية، لسارعت إلى منع انتشار الخبر لا الوباء. هذا هو الفارق بين شيوعيي التحجّر وشيوعيي العصر. عندما حدثت حادثة تشرنوبيل، كان ميخائيل غورباتشوف في رحلة خارجية، قطعها فوراً وعاد إلى البلاد. ومرّة كان الرئيس حسني مبارك في زيارة خارجية عندما ضرب زلزال القاهرة، فعاد فوراً. والأسبوع الماضي ضرب شرق تركيا زلزال قوي، وأكمل رجب طيّب إردوغان بحثه عن بقايا الإمبراطورية في الخارج، مشاركاً روسيا في صناعة دورها الإمبراطوري الجديد. وأما زلزال تركيا، فموضوع محلّي متروك للصحّة والداخلية. في الماضي، كانت الكوارث البشرية تقع لسببين أساسيين؛ الأول أنّ الوباء يصل إلى المناطق المنكوبة قبل وصول خبره. لذلك ضرب الطاعون كلّ القارّات تقريباً وكان يرعب الأمم، القريبة والبعيدة، لأنّ لا شيء يقف أمام رياحه. إلا أن النظافة قضت، في العقود الأخيرة، على الكثير من الأوبئة، مثل الجدري وسواه، كما أدّت إلى الخلاص منه حيث استطاع الإنسان أن يحقّق بيئة محصّنة ضدّ ما يسبب من تلوّث وإهمال وجهل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الليل والبركان الليل والبركان



GMT 16:41 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

فصح حزين على ما يجري للأمة وفلسطين

GMT 23:50 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

قادم أخطر على جماعة الإخوان

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

إلى محافظ القاهرة

GMT 15:25 2025 الجمعة ,14 آذار/ مارس

شبحان فرنسيان والرئيس ماكرون

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 08:42 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

لبعوض يقض مضاجع ساكنة مدن مغربية

GMT 22:51 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مولدافيا

GMT 15:54 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الشلقاني تفوز بعضوية المكتب التنفيذي لاتحاد البحر المتوسط

GMT 08:48 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "مايكل" يسبب خسائر كبيرة في قاعدة "تيندال" الجوية

GMT 14:41 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

تصرفات عقارات دبي تربح 3.43 مليار درهم في أسبوع

GMT 16:21 2015 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الملفوف " الكرنب" لحالات السمنة

GMT 21:56 2012 الأحد ,23 أيلول / سبتمبر

"فورد F-150 " سيارة بروح أميركية 100%

GMT 08:14 2016 الإثنين ,15 شباط / فبراير

الموز يعالج فقر الدم

GMT 13:15 2012 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رايتشل وايز ترتدي ثوب شبيه بالستائر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib