كما في العنوان

كما في العنوان

المغرب اليوم -

كما في العنوان

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

يقول العنوان الرئيسي هذا الصباح: «الجنوبيون يبدأون العودة إلى قراهم ومنازلهم». عنوان مضلل بكل براءة. لا جنوب، ولا عودة، ولا قرى، ولا منازل. ركام. صارت القرى تلالاً من ركام. ولم يعد أحد يعرف أين كان منزله، ولا كيف كان، ولا شارعه. ولا ساحة القرية. كل الأحياء اختلطت بيوتها وحجارتها وضحاياها. وهل تريد أن تعرف ما هو المشهد الأشد قساوة؟

الذين عادوا ليكملوا البحث في الركام عن الأحياء «الراقدين تحت التراب»، ولم يتمكنوا من الوصول إلى ترابهم قبل الآن. نوع من الحياة بدأ يعود. شبان يحاولون فتح شارع صغير. امرأة تتفقد بيديها باباً خشبياً لكي تتأكد من أن لا جثة تحته. كل ما هنا كان ذات يوم حياة جميلة، بسيطة، في الهواء الطلق. ثم أغار المغيرون وحولوا المنازل إلى مدافن. وإلى ماذا يعود العائدون؟ إلى أكوام الخراب: هنا كانت الدار. هنا كانت الحديقة. هنا كان الجدار المعلقة عليه صور العائلة.

هنا، كانت الساحة. وكانوا يقرأون في الساحة بصوت عالٍ محمود درويش، و«أحد عشر كوكباً». والآن ركام. وجلال الزيتون محروقة بالأسيد، وبساتين البرتقال رماد. لا قطاف هذا الموسم. عبثاً يبحث العائدون عن أشياء الأمس. عن الأعمار التي مضت. وماذا حدث للنافذة التي كانوا يودّعون منها الشمس عند الغياب، وللوسائد والمساند؟ لم يجدوا النافذة في مكانها هذا المساء. وجدوا ركاماً على مدى الأيام والسنين. وحلموا بأقواس النصر، وأقواس القزح، وتخيلوا مهرجانات عائدة، وأطفالاً في الحقول يطاردون الفراشات، ويطردون النعاس، والخوف، وانفجار الصوت، والموت.

حتى معاني اللغة محتها الحرائق. ماذا تعني «العودة» في سهول الرماد وبوادي الحطام؟ أي حطام أقوى؛ النفس أم الصدور؟ العودة أقوى من كل شيء. هل تدري لماذا؟... لأن لديك شيئاً تعود إليه، مثل تلك المرأة التي تقلب الباب بيديها لتلتقط ما علق من غبار العمر وعطور الذكريات.

عائدون؟ أجل عائدون. وعنوان جريدة «الصباح» على حق. وصدى أشعار محمود درويش «وقد صار الحمل الوديع أسداً». وغداً، يستجمع الأطفال الحجارة، ويجمعون تربة البناء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كما في العنوان كما في العنوان



GMT 23:14 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ذاكرة الرجل الصامت

GMT 23:12 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إسرائيل... لماذا تفوَّقت في لبنان وليس في اليمن؟

GMT 23:10 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

مشهد الشرق الجديد... من يرسمه؟

GMT 23:07 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سبب آخر للاستقالة

GMT 23:05 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

البديل الحوثي للبنان...

GMT 23:04 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

التجويع بهدف التركيع

GMT 23:02 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إلى متى ستعيش إسرائيل في رعب وتوجُّس؟

GMT 23:00 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ماذا لو رد «الجميل» السلام؟!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 18:02 2019 الثلاثاء ,27 آب / أغسطس

طاليب يغير البرنامج التدريبي للجيش الملكي

GMT 03:11 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

طريقة تحضير الأرز الأبيض بأسلوب بسيط

GMT 21:58 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

فساتين صيف تزيد من تميز إطلالتك من "ريزورت 2020"

GMT 07:30 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

ظافر العابدين يكشف أسباب وقف تصوير فيلم "أوف روود"

GMT 11:52 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الإمارات تصدر قانون جديد للمصرف المركزي والأنشطة المالية

GMT 18:34 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سُلطات مليلية تبحث عن عائلة طفل قاصر مُصاب بمرض خطير

GMT 16:40 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

جزيرة "أرواد" السورية تكشف نظرية جديدة بشأن سفينة نوح

GMT 12:05 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

ميسي يعلن أنه لن يلعب لأي فريق أخر في أوروبا

GMT 13:40 2018 الخميس ,01 آذار/ مارس

الرجاء يخوض منافسات كأس الكاف بقميص جديد

GMT 14:23 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الوردي والذهبي مع الباستيل آخر صيحات موضة 2018
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib