أخبار وخبز وقبض

أخبار وخبز وقبض

المغرب اليوم -

أخبار وخبز وقبض

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

تُصدر الجامعة الفرنسية اليسوعية في بيروت مجلة «المشرق الأصلية». تهتم «المشرق» في صورة خاصة بشؤون اللغة العربية وقضاياها، خصوصاً ما يمكن أن تعتبره، العامة أمثالنا، مسائل شديدة التعقيد والاختصاص. وكتّاب المجلة غالباً هم من أساتذة الجامعة نفسها، أو من جامعيين آخرين. أقرأ «المشرق» بانتظام منذ حوالى نصف قرن. وفي حالات كثيرة أتفادى المواضيع التي لن أفهمها، أو التي لا فائدة لي فيها. مثال على ذلك دراسة لأستاذة في الجامعة من 20 صفحة عن حرف «النون». وسواء كانت الدراسة إعجازاً أدبياً أم لا، فقد سلمت بعجزي، وانتقلت إلى معجزات أخرى، لعل وعسى، لكن النتائج ظلت غالباً لا عسى ولا لعل.

آخر تلك المحاولات كانت في علم العروض. ومن ذلك العلم، كان البحث بالتحديد عن الزحافات والعلل والسبب والوتد. وبرغم جهلي المطلق والمطبق بالزحافات وأوتادها وعللها، عزمت على أن أقرأ.

يبدأ صاحب الدراسة الدكتور علي أصغر مقبل بالتحذير من أن الخلايلة أنفسهم يتجنبون الغوص في بحر البحور هذا. ولكن امض يا بني امض. جرب. يقول نصر بن حماد الجردي، المخالف لعروض الخليل في معرفة تفاعيل الأعاريض والضروب «إن الزحاف لا يختص بها من دون الحشود والصدر، فهي مشغلة عظيمة قليلة الفائدة». أين نجد الفائدة إذن؟ عند إبراهيم أنيس بقوله: «ربما كان أعقد مصطلحات العروض تلك التي تسمّى بالزحافات والعِلل... أما أنواع الزحافات فهي كثيرة تعني الحافظة، وتحتاج إلى دراسة مضنية في تحصيلها، فهي نادرة إضمار، وأخرى وقص، وثالثة خبن أو طيّ أو قبض أو عقل، أو عصب أو كف أو خبل أو شكل أو نقض. فإذا استعرضت العلل وجدتها لا تقل عن الزحافات تعقيداً».

وكذلك نرى دارساً آخر شنَّ هجوماً عنيفاً على علم العروض الخليليّ برمَته قائلاً إنه علم «قائم على أسُس واهية»، وانتقد الخليل خصوصاً في وضعه الزحافات والعلل قائلاً: «لعل الزحافات والعلل من أعوص المشاكل التي عرفها التاريخ... وسامح الله الخليل فكم أعشى من بصرٍ، أذهل من عقل، وأذهب من صواب بما ابتدعه من بدع الزحافات ذات الخبن والقبض والنقض والعقل والشكل، وغير ذلك من التُرهات... وأقسم لأن أُضرب مائة سوطٍ أحبّ إليَّ من أن أبحث في الزحافات ساعة من زمان».

وأخيراً نجد الهجوم الأشدّ والأعنف من قبل ميخائيل نُعيمة الذي كتب مقالاً يحمل اسم «الزحافات والعلل»، وحمّل علم العروض مسؤولية قسم كبير من جمود القرائح الشعريّة عند العرب طوال التاريخ بعد تأسيس العروض، ووجه سهام النقد إلى الزحافات والعلل بأسلوب تهكميّ ولهجة ساخرة... نكتفي بنقل عبارات من قوله: «الزحافات والعلل أوبئة تنزل بأوزان الشعر العربيّ فتحرِّك ساكناً، أو تسكّن متحركاً، وتقضم حرفاً هنا ومقطعاً هناك. وقد عُني بها الخليل عنايةً خاصةً، فأعطى كلاً منها اسماً ورتّبها في أبواب وفصول أكثر عداً من خطاياي».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أخبار وخبز وقبض أخبار وخبز وقبض



GMT 12:24 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

«هزيمة» أم «تراجع»؟

GMT 12:23 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

الأردن في مواجهة إوهام إيران والإخوان

GMT 12:22 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

رجل لا يتعب من القتل

GMT 12:21 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

عصر الترمبية

GMT 12:18 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

السعودية وهندسة تبريد المنطقة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

قراءة لمسار التفاوض بين واشنطن وطهران

GMT 12:16 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

على رُقعة الشطرنج

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 08:42 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

لبعوض يقض مضاجع ساكنة مدن مغربية

GMT 22:51 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مولدافيا

GMT 15:54 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الشلقاني تفوز بعضوية المكتب التنفيذي لاتحاد البحر المتوسط

GMT 08:48 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "مايكل" يسبب خسائر كبيرة في قاعدة "تيندال" الجوية

GMT 14:41 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

تصرفات عقارات دبي تربح 3.43 مليار درهم في أسبوع

GMT 16:21 2015 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الملفوف " الكرنب" لحالات السمنة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib